جهود مخلصة ومتابعة بناءة وفعالة من شركة الانشاءات المعدنية حولت معمل للميكروباص بحمص من شركة متوقفة عن العمل بشكل كامل و يقبض موظفوها رواتبهم من وزارة المالية لأكثر من عشر سنوات إلى شركة منتجة رغم قدم الآلات …
لمحة ..
ذكر المهندس حاتم حمادي مدير معمل الوليد للميكرو باص التابع لشركة الإنشاءات المعدنية أن المعمل أحدث بموجب قرار لجنة معمل السماد الآزوتي بحمص بعام 1972 بهدف تصنيع ملحقات الجرارات الزراعية لصالح شركة الجرارات بحلب ,و بعد عدة تجارب و مناقشات أوقفت فكرة الآلات الزراعية ,وتم دمج المعمل بشركة الإنشاءات المعدنية و الصناعات الميكانيكية بدمشق بتاريخ 1974 , وبعد الدمج تم تكليف المعمل بصندقة الميكروباصات و جهز على هذا الأساس, واستمر العمل بالصندقة لحوالي 200 ميكروباص فيات نوع 150 مازدا…
وفي بداية الثمانينات و لظروف خارجة عن إرادتنا توقف استيراد الشاسيهات و توقف العمل في الصندقة و بقي محصوراً على صيانة الهياكل و إعادة الترميم و هنا بدأ التعثر و البحث عن جهات عمل و كان عدد العمال في حينها 281 عاملاً …
وأضاف حمادة : كان يتم في صالة الصندقة تصنيع الأبراج الكهربائية و صهاريج وتريلات للجرارات الزراعية و بيوت زراعية و كافة أنواع الخزانات المعدنية و تنفيذ صيانات معدنية في شركات القطاع العام مثل الهنكارات و الخزانات و مد شبكات أنابيب بمختلف القياسات ..
أما في صالة النجارة قامت الكوادر سابقاً بتصنيع مقاعد مدرسية و بكرات خشبية لصالح الكابلات و طلبيات لصالح الأعلاف …
وفي صالة التنجيد والموبيليا والألمنيوم تم تصنيع كافة أنواع المفروشات المنزلية والمكتبية والأبواب والشبابيك..
و أكد حمادة أن تأمين كل المواد الأولية كان يتم عن طريق مؤسسة العمران و كانت الأولوية للقطاع العام , واستفاد المعمل من هذه الميزة و مر في فترة ازدهار في نهاية الثمانينات ..
ولكن و بعد وقف حصر تأمين المواد الأولية عن طريق مؤسسة العمران و أصبحت المواد متوفرة في السوق لم يستطع المعمل منافسة القطاع الخاص و بدأ بالتراجع و انحصر إنتاجه لصالح القطاع العام فقط..
بطالة مقنعة
و أشار حمادة أن تلك الفترة و بسبب التراجع في وتيرة العمل زاد عدد العمال عن الحاجة و كان الإنتاج يغطي الرواتب ,حتى وصل إلى مرحلة أصبح فيها المعمل من الشركات المتعثرة
ونتيجة الطلبات المستمرة بتحسين واقع المعمل عقد اجتماع في عام 2002 بحضور السيد وزير الصناعة و رئيس نقابات الصناعات المعدنية و المؤسسة الهندسية و إدارة شركة الإنشاءت المعدنية و الجهات المعنية, و تمت مناقشة واقع المعمل و اتخاذ قرار بنقل اليد العاملة الفائضة و التي قدرت وقتها بـ200 عامل و عاملة و منهم 55 عاملة من خريجي المعهد التطبيقي و الإبقاء على 125 عاملاً هم عمال الإنتاج الحقيقيون مع إدارة مصغرة , وبذلك انخفض عدد العمال القادرين على الوصول بالإنتاج إلى تغطية نفقات الشركة من رواتب و أجور ومصاريف أخرى … و بقي عدد عمال الإدارة أكثر من عدد عمال الإنتاج و جبهات العمل القليلة لم تعد تغطي رواتب العمال و أدرج المعمل مع الشركات المتعثرة , و أصبحت الرواتب تسدد من قبل وزارة المالية من عام 2007 .. و تركت هذه الشركة دون أي معالجة بحيث تموت ذاتياً بسبب تقدم العمال بالعمر و عدم وجود أي مزايا و بذلك من يصبح عنده خدمة ثلاثين عاماً يقدم استقالته , وعلى مر السنين أصبح عدد العمال 36 عاملاً ..
عودة بعد توقف …
وفي عام 2015 قامت شركة الإنشاءات المعدنية التابع لها المعمل بالتعاقد مع المؤسسة العامة لنقل الطاقة لتصنيع أبراج التوتر المتوسط و تم تكليفنا بجزء من العمل ,و استطعنا العودة إلى العمل بعد التوقف و بعدد قليل من العمال و أنتج من المعمل حوالي 30 طناً شهرياً و عندما دعت الحاجة وصلنا إلى 200 طن شهرياً
من خاسر إلى ..منتِج
إن المعمل بوضعه الراهن يعاني من نقص حاد باليد العاملة , وأوضح أنه قبل الحرب كان التعداد يتجاوز 320 عاملاً وكان يوجد فائض باليد العاملة ودخلنا بحالة بطالة مقنعة , وبدأ التناقص المستمر باليد العاملة حتى انخفض العدد إلى 36 عاملاً بما فيهم الإدارة , وأشار إلى أن المعمل كان متوقفاً عن الإنتاج من عام 2005 حتى 2015 حيث تم اتخاذ قرار بالعودة للعمل بعد أن أثبت القطاع العام جدارته و صموده في سوق العمل, وتم تنفيذ كل العقود المبرمة وتلبية كل الطلبات, ثم تحولنا من شركة خاسرة إلى منتجة وبعدد قليل من العمال غطينا حاجة المؤسسة العامة لتوزيع واستثمار الطاقة من الأبراج في المنطقتين الوسطى و الساحلية ..
و بذلك تحولت شركة الإنشاءات المعنية إلى شركة منتجة و رابحة و أصبحنا جزءا من هذه الشركة و رفعنا إنتاجنا خلال عام 2018 بحيث وصل إلى 1000 طن .
انخفاض الأجور مسبب رئيسي
وأضاف حمادي : في عام 2017 تم الإعلان عن مسابقة و طلب عشرون عاملاً تقدم عشرة وباشر منهم ثمانية وعزا حمادي انخفاض عدد المتقدمين لتدني قيمة الراتب التي لاتتجاوز 27 ألف ل.س شهرياً وهي قيمة يستطيع المهني أن يجنيها في أيام قليلة.
وأشار حمادي لايوجد كادر إداري (مالية – تجارية) ويتم إجراء كافة العقود والأمور الإدارية و الحسابات بالشركة العامة بدمشق .
وأوضح أن المعمل تحول إلى ورشة تشغيل فقط بسبب النقص الحاد باليد العاملة , ونقوم بتنفيذ عقود تصنيع أبراج كهربائية توتر متوسط لصالح المؤسسة العامة لتوزيع الكهرباء لتغطية حاجة المنطقة الوسطى و الساحلية و يتم إنجاز العمل رغم كل الصعوبات وخلال عام 2018 تم تصنيع ألف طن بقيمة 633 مليوناً و 574 ألف ل.س مع العلم أن الرواتب لا تتجاوز مليونا و 600 ألف ل.س شهرياً..
وخلال الشهرين الماضيين تم تصنيع 175 طناً من الأبراج و نتيجة نقص اليد العاملة تمت الاستعانة بعمال مياومين لإنجاز الأعمال مهما اشتدت الصعوبات التي تعترض العمل , والتي قال حمادي بأن العائق الأول هو نقص اليد العاملة و الثاني هو الحاجة الملحة لتجديد المعدات و الألات ..
وأضاف: يمكن زيادة الإنتاج حسب الحاجة مشيراً إلى أنه تم تعويض النقص باليد العاملة عن طريق عمال مياومين بالفاتورة كما ذكرنا سابقا و كان الحساب على الكيلو بسعر 13,5 ل.س لكل كيلو , وتم الطلب من الإدارة لزيادة عدد عمال الإنتاج عن طريق إعلان مسابقة و نحن بصدد التحضير لها..
الإصلاح بسعر منافس
و أشار إلى أن العمل حالياً يقتصر على تصنيع أبراج كهربائية لصالح المؤسسة العامة لتوزيع الطاقة بالإضافة لإصلاح أسطوانات الغاز لصالح شركة المحروقات ( سادكوب )على مستوى القطر بمعدل 500 أسطوانة يومياً و قمنا بتسليم حوالي 40 ألف أسطوانة حيث تشمل عمليات الإصلاح تعديل واقية و صمام و قاعدة و إعادة طلاء بتكلفة مالية قدرها 1100 ل.س لكل أسطوانة و هو رقم منافس و بقوة..
وأشار إلى أن آلات المعمل قديمة ولايمكن وضع خطط للاستفادة منها في تطوير وضع المعمل و لايوجد لدينا أي آليات لذلك نعمل بالإمكانيات المتاحة وبالاعتماد على آلات بسيطة وعلى جهد العمال العضلي ..
وتم رفع عدة اقتراحات لتوطين صناعة دائمة وبديلة تعتمد على أنظمة تشغيل حديثة لكنها تحتاج إلى تمويل و دراسات دقيقة لحاجة السوق.
اقتراحات
ذكر حمادة أن المؤسسة الهندسية بالتعاون مع وزارة الصناعة تعمل على تطوير واقع العمل ..
وأضاف: تصل مساحة المعمل إلى 36 ألف متر مربع منها 8 آلاف متر مربع صالات وهي عبارة عن هنكارات معدنية بالإضافة إلى مبنى مستودعات بمساحة 600 م2 وباقي المساحة عبارة عن ممرات و ساحات..ومن الممكن استثمار المساحة الواسعة للمعمل بإحداث معمل أجهزة طاقة شمسية أو معمل لإنتاج العنفات الهوائية لتوليد الكهرباء أو معمل لإنتاج البطاريات السائلة و الجافة أو معمل لإنتاج أبراج التوتر العالي التي يتم استيرادها من الخارج أو تجميع و صندقة سيارات الـ بيك آب ..
أخيراً
يعد معمل الوليد للميكروباص مثالاً من الشركات التي تحولت بسبب ظروف معينة إلى وضع متعثر , و بفضل صمود عمالها و تفانيهم في العمل وجدت سبيلاً للنهوض من العجز الكلي و العودة إلى مضمار العمل ولو بالحد الأدنى من الإمكانيات ..فهل ستجد هذه الجهود إعادة النظر بقيمة الأجور أو ستلحظ بخطط تطويرية تؤمن عودة القطاع العام إلى الصف الأول كونه الضامن الحقيقي لمصلحة الوطن والمواطن ؟؟
هنادي سلامة