فرضت موجات جنون الأسعار المتلاحقة أشجانها على ذوي الدخل المحدود ما انعكس على وضعهم المعيشي وأخذ أغلبهم يناقلون بين أولوياتهم اليومية ويربطونها قسرا بمقدار الدخل اليومي وتراقص الأسعار ويعقدون مقاربات ومقارنات بين الاستهلاك الضروري وبين حالة التقشف التي حلت ضيفا ثقيل الظل , ولاسيما بعد اشتعال نيران موجة جنون الأسعار مؤخرا مع ارتفاع سعر صرف الدولار …
إن حركة الأسعار واستعار نيرانها لتشمل جميع المواد الاستهلاكية وغير الاستهلاكية يتطلب من الجهات المعنية إعادة النظر بواقع معيشة المواطن حيث بات من الملح لدرجة الضرورة إيجاد حلول لمعادلات الأجور والأسعار كونها تعد من الأولويات الاقتصادية وهيكلاً قياسياً يستند عليه في مقاييس التنمية المجتمعية ابتداء من ابسط أرقام الأجور وليس انتهاء بمقاربات الأسعار لمنتوج حصاد رواتب الموظفين ومكاسب صغار الكسبة من عمال وحرفيين دون الوقوع في مطبات التمايز و المفاضلة ..
ومحاولات تعويض العامل عن الفجوة بين الدخل الشهري والاحتياجات المعيشية عبر إجراءات استثنائية (عمل إضافي وأذونات سفر وتعويضات صحية ) أدت إلى ارتهان العامل مهما كانت صفته للمشرف على عمله, لذلك يجب وضع نظام واضح للأجور يتوافق مع متغيرات حركة الأسعار, ونشير في هذا المجال إلى أن مديرية الإحصاء بالمحافظة توافي الجهات المعنية كل شهر بحركة الأسعار..إذاً فهي تطلع وعن كثب على واقع معادلة الأجور والأسعار والسؤال الذي يطرح نفسه كيف تؤمن أغلب الأسر السورية معيشتها وتحل معادلة الأجور والأسعار ؟؟
وحول هذا الواقع الذي يبدو مستعصيا على حل المعادلة (العروبة) التقت عدداً من المواطنين للاطلاع على الأحوال و حدثنا أحدهم قائلاً: جميع الناس لا يزالون ينتظرون من الجهات المعنية الإيفاء بوعودها في ضبط حركة الأسعار وخاصة بعد هذه الفورة التي لا يعرف لها سبب ..
و أضاف:صحيح أن القوة الشرائية لليرة السورية شهدت تراجعا بسبب الحصار الاقتصادي وانخفض وسطي نصيب المواطن السوري اليومي من إجمالي الإنفاق واعتماد التجار على حركة الدولار في تجارتهم متجاهلين أننا في حرب ضروس لم تشهد الإنسانية مثلها..
مواطنة أخرى قالت : بسبب ارتفاع أسعار جميع المواد الاستهلاكية وغير الاستهلاكية نعاني من الضائقة المادية وهذا ليس مجهول السبب والمسببات فالحصار والعقوبات التي يتعرض لها وطننا أدى إلى ظهور هذه الفورة التي ترهق المواطنين
إحدى السيدات قالت : شهدت حركة الأسعار منذ مطلع شهر حزيران جنونا غير مسبوق انعكس بتفاصيله الكبيرة والصغيرة على المواطن كون هذا الجنون أصاب جميع السلع الاستهلاكية وغير الاستهلاكية وحتى الدواء ما دفع أغلب المواطنين لتوجيه انتقاداتهم للجان حماية المستهلك الذين ليس لهم شفيع بظل هذا الجنون لأن سهام الانتقادات لا تصيب غيرهم …وأكملت : للإنصاف نشير هنا إلى أنه رغم محدودية إمكانيات هذه اللجان فهي لا تدخر جهدا في محاولاتها الدؤوبة والمستمرة لضبط حركة الأسعار لكن دون الوصول إلى نتائج يلمسها المواطن كون السلع المعروضة في جميع الأسواق تم ربطها بسعر صرف الدولار والمدهش هنا أنه في حال تراجع سعره تبقى الأسعار على حالها في جنون يبدو أنه مفتعل وتقف وراءه حملة عنوانها الأساسي تحقيق المزيد من جني المال ولو على حساب احتياجات المواطن الضرورية .
عامل في الشركة العامة للأسمدة قال : إن معظم من ينتمون إلى شريحة ذوي الدخل المحدود اليوم يعانون ضيق ذات اليد وخاصة بعد تلقي الأسعار مؤخرا فورة جديدة بذريعة ارتفاع سعر صرف الدولار والمدهش هنا أن المواد المنتجة محليا شملتها هذه الفورة كالمحاصيل الصيفية والألبان والأجبان ..و.. و.. فالأسعار متحركة صعودا والرواتب أرقامها جامدة وكأنها في ثبات .. لذا أنا مضطر للعمل الإضافي خارج أوقات الدوام, وحاليا أعمل سائق سيارة أجرة لأتمكن من تأمين لقمة العيش الشريف..
مسح دوري
السيدة فيروز خير بيك مديرة مديرية إحصاء حمص ذكرت أنه يتم إجراء مسح لحركة الأسعار في أسواق المحافظة مدينة وريفا ويتم إرسال البيانات الخاصة بهذا المسح والتي تتم بالجولات الميدانية إلى المكتب للإحصاء بدمشق المركزي ويهدف هذا المسح الاستقصائي للوقوف على حركة الأسعار التي شهدت في الآونة الأخيرة ارتفاعا ملحوظا شمل حتى المحاصيل الزراعية وأجور اليد العاملة بشكل عام .
كلمة أخيرة
تحقيق التوازن بين طرفي معادلة الأسعار والأجور هو معضلة حقيقية وأزمة مزمنة تقع أعباؤها على كاهل المواطن الذي ضاق بحملها,و أضحت معادلة الأجور والأسعار عصية على الحل بسبب اتساع الفجوة بين طرفيها رغم تعالي أصوات وطموحات المواطنين بزيادة الرواتب شرط ترافقها بإيجاد حل منطقي…علما أن مشهد هذا الجنون يتكرر مع كل فورة لسعر صرف الأخضر..
بسام عمران
المزيد...