الأسعار أعلى من القدرة الشرائية للمواطنين .. تخفيضات نهاية الموسم .. جودة البضائع متدنية والموديلات قديمة
يترقب الجميع من بائعين ومستهلكين فترة التنزيلات المميزة، حيث ترتفع المبيعات بالنسبة للتجار والباعة، كما تتيح مواسم العروض المجال أمام المستهلكين لشراء ما يرغبون فيه بأسعار مخفضة لا يمكن أن تتوفر في أي وقت آخر من أيام السنة.
فزيادة نسبة التنزيلات تخلق نوعا من التنافس بين المحال فيما بينها، ما يعود بالنفع على المتسوقين بالدرجة الأولى، ويستفيد البائعون في الوقت ذاته من جذب أكبر عدد ممكن من الزبائن في وقت قصير، ما يوفر للمحال التجارية الظروف المناسبة للتخلص من البضائع القديمة، واستقبال الموسم الجديد ببضائع جديدة ومناسبة …
شارف الموسم الصيفي على الانتهاء، وبدأت واجهات الكثير من محال الألبسة والأحذية سواء الجديدة أو المستعملة «البالة» بمحاولات استقطاب المتسوقين عن طريق رفع شعارات التنزيلات الموسمية و بحسومات مغرية على سعر معروضات المحال…
والمتتبع لحركة البيع والتنزيلات يرى أن فترة التخفيضات التي تجتاح الأسواق، وخاصة الألبسة في نهاية موسمي الشتاء والصيف بشكل أساسي تشكل حالة اقتصادية يختلف عليها الكثيرون ، فبينما ينظر إليها البعض بأنها فرصة مهمة للمواطنين للشراء بأسعار أقل من التي كانت سائدة خلال الموسم، يراها البعض الآخر فرصة مهمة لأصحاب الدخول المرتفعة حصراً، إذ أن أصحاب الدخل المحدود لا يمكنهم الاستفادة من التخفيضات كما يجب لأنه في نهاية الموسم الشتوي مثلاً يصعب على ذوي الدخل المحدود شراء الألبسة الشتوية وتأجيل استخدامها للشتاء القادم، إذ أن أولوية الإنفاق هو تأمين ألبسة الموسم الصيفي الذي يلي الشتوي.
تجولنا في بعض الأحياء ورصدنا حركة المواطنين وإقبالهم على الشراء وخاصة «للألبسة والأحذية» مع نهاية فصل الصيف أملا في إيجاد أسعار تناسب دخولهم حتى ولو فاتتهم الموضة , فهم لا يكترثون لذلك إنما هي فرصة لتأمين كسوة للعام القادم …
هبا عطية «ربة منزل « قالت « مع نهاية كل موسم «صيف أو شتاء» تنتشر على أبواب المحال التجارية لافتات مكتوب عليها «تنزيلات» بعروض مختلفة، تتفاوت ما بين المحال وأنواع الملابس، وتلاقي هذه العروض إقبالا كبيرا جدا في محاولة للاستفادة من هذه التنزيلات.
وأضافت : بسبب الظروف المادية الصعبة لشريحة كبيرة من المواطنين ، فإنهم يقدمون على شراء ملابس الموسم المنصرم مستغلين ما يطرأ عليها من تخفيض للأسعار والاحتفاظ بها للبسها في الموسم القادم.
لا تهمني الموضة
وفي أحد المحال التي أعلنت عن تخفيضات تقول أم إبراهيم : أنتظر دوما فترة التنزيلات , الفترة التي تقدم فيها المحال عروضها لشراء كل ما تحتاجه عائلتي من ملابس , منوهة بأنها لا تهتم بالسلع الجديدة غير المشمولة بالحسومات، و بذلك توفر حوالي ثلث التكاليف أو أكثر بقليل.
هزار المصطفى «طالبة جامعية » تعتبر موسم التنزيلات مهماً جدا لذوي الدخل المحدود فهي تبتاع ما تحتاجه كل سنة مع انتهاء الموسم وخاصة الملابس والأحذية التي ترتفع أثمانها في بداية الموسم.
مع نهاية الموسم
وتضيف صديقتها يارا المحمود قائلة : نشتري ما نحتاجه بأسعار تتناسب مع وضع عائلتي المادي ونحتفظ بها للعام القادم , فمن المعروف أن الموضة لن تختلف كثيرا والشيء الجديد يحتفظ بقيمته وجودته, وأغلب صديقاتي يتصرفن بنفس الطريقة فظروفنا المادية متشابهة ..
التخلص من الملابس القديمة
من وجهة نظر جهاد الضاهر «موظف» أن التنزيلات غش للمستهلك وخاصة النساء، فهم يشترون أشياء لا يحتاجون لها أحيانا إنما هدفهم فقط الاستفادة من التخفيضات الوهمية ، كما أن أغلب هذه الملابس قد تكون مخزنة من أعوام سابقة وقديمة ولا يستطيع أصحاب المحال أن يتخلصوا منها إلا بهذه الطريقة، وبالتالي فهي تنزيلات لتنظيف المحال» الجديدة أو البالة» من الملابس الرديئة ..
محال الألبسة المستعملة
إنعام الأحمد «ربة منزل» رأيناها منهمكة في اختيار ما يناسب أولادها في أحد محال الألبسة المستعملة تقول : حتى في فترة التنزيلات لا أستطيع زيارة محال الألبسة الجديدة , وأكتفي بمحال البالة لعدم قدرتي المادية على ذلك فعائلتي كبيرة وزوجي عامل ولا قدرة لنا على الشراء سوى من هذه المحال , وأضافت : لا تهمنا الموضة والموديلات الجديدة بقدر ما يهمنا انخفاض سعر الألبسة التي يصعب أن نشتريها في بداية الموسم فهي غالية جدا مقارنه بنهايته , منوهة بأن الأسعار رغم التخفيض ما تزال مرتفعة وترهقها ماديا ..
أسعار جنونية
أم سعيد «ربة منزل» لها وجهة نظر مختلفة في حقيقة التنزيلات فهي تعتبرها تخفيضات وهمية وغير مقنعة تقول : لا أهتم بموضوع التنزيلات وأشتري ما يناسبني وأستطيع دفع ثمنه فقط .
سهير المحرز «موظقة» تقول: بعض قطع الملابس غالية حتى مع التنزيلات وقبل الحرب كنا نتسوق ما نحتاجه خلال موسم التخفيضات أما اليوم فالوضع تغير كثيرا ..
شهد الحمدان «موظفة تقول : أحب شراء القطع المميزة ولكن الأسعار جنونية بالنسبة لذوي الدخل المحدود» , وأشارت إلى إعجابها بإحدى قطع الملابس المعروضة على واجهة محل في شارع الحضارة , حيث قام صاحب المحل بكتابة تنزيلات حتى 50% , فسألت عن السعر وتفاجأت بأنه 22 ألف ليرة , وهذا السعر يعادل أكثر من نصف راتبها , فتراجعت عن الشراء إلى أجل غير مسمى ..
جودة متدنية
وأضافت : كنت أنتظر موسم التنزيلات لاستكمال حاجيات أولادي, أما اليوم تغير الوضع تماما, فلم أعد قادرة على الشراء بسبب عشوائية التسعير , فنفس القطعة التي بيعت الموسم الماضي بـ 6 آلاف ليرة تباع اليوم ضمن التنزيلات ب 11 ألف ليرة , حيث يربط التجار أسعارهم بسعر الصرف وتكون حجتهم الدائمة لرفعها .. علما أن بعض البضائع جودتها متدنية وأسعارها غالية ..
حنين « طالبة جامعية « تحدثت عن حظها السيئ مع التخفيضات , بدءاً من الأسعار المرتفعة والجودة التي لم تعد مقنعة وانتهاء بالمقاسات غير الموجودة ..
خداع المستهلك
المهندس ماهر عباس لا ينفي حصول حالات تلاعب وخداع من بعض الباعة ما يؤدي إلى فقدان التخفيضات لأهميتها، ومن أمثلة هذا التلاعب لجوء بعض الباعة إلى رفع سعر السلعة قبل فترة التخفيض ثم تخفيض سعرها بنسبة ما في فترة التخفيضات، ففي هذه الحالة يتم تخفيض السعر فعلاً لكن بنسبة أقل من النسبة المعلنة وهذا خداع واضح.
وهناك نوع آخر من التلاعب يتمثل بأنه يتم من خلال عرض سلع تحمل بعض العيوب وبيعها في فترة التخفيضات كأنها سلع عادية وهنا في الحالتين تصبح التخفيضات فخاً ينصبه الباعة للمستهلكين.
البضائع الموسمية
أبو عمر صاحب محل لبيع الألبسة يقول: نقوم بتحضير الألبسة القديمة التي مضى عليها موسمان وهي مخزنة في المحال، فلكل سلعة موسم ازدهار ترتفع الأسعار خلاله، لتعود وتنخفض في موسم آخر، ثم يتم سحبها وإعادتها إلى مصدرها في نهاية المطاف، وتتركز التخفيضات على البضائع الموسمية عادة، أي التي تباع في فترات معينة وتفقد قيمتها في غير موسمها، كالملابس الشتوية مع انتهاء موسم الشتاء وليس الملابس الرديئة .
ويضيف :بسبب الأوضاع الاقتصادية تنشط حركة الشراء مع انخفاض القيمة الشرائية للملابس كنوع من الاحتفاظ بها في العام القادم، ففي بداية أي موسم تكون أسعار البضاعة مرتفعة نسبيا ولا يستطيع الجميع شراءها لذلك يشترون ما يلزمهم للعام القادم وخاصة الملابس الشتوية مع زيادة نمرة في المقاس وحاليا الكثير من الأمهات تشتري بعض الألبسة الصيفية وتخزنها للعام القادم مستفيدة من التخفيضات …
هامش ربح
مثنى «تاجر وصاحب محل» تحدث عن موسم التخفيضات وعن هامش الربح المناسب لهم كتجار قائلا : حركة السوق هي التي تؤثر على التنزيلات فانخفاض قيمة الواردات يجعلنا نخفض الأسعار لتأمين السيولة, ورغم ذلك فالإقبال قليل والسبب انخفاض السيولة بأيدي المواطنين وتضاعف أسعار الملابس مقارنة بالموسم الماضي ..
وبرأيه أن أسباب ارتفاع الأسعار يعود لارتفاع أجور اليد العاملة والوقود وصعوبة الحصول على المواد الأولية , وأوضح بأنه يرضى بهامش ربح لا يقل عن 10 % في موسم التنزيلات منوها بأنه حاليا وفي هذه الظروف المعيشية الصعبة لا يشتري المواطن إلا الأشياء الضرورية مستغنيا عن اللباس مقابل تأمين متطلبات الحياة الأساسية الأخرى ..
تنشيط حركة السوق
سعد الله صاحب محل ألبسة قال : نعلن عن تنزيلات تتراوح بين 30% الى 50%، وهذا يعتبر بالنسبة لنا كتجار تقليدا موسميا يساهم في تنشيط حركة السوق بعد فترة الركود الحاصلة في منتصف الموسم، ويزيد من إقبال المستهلكين على الشراء بسبب انخفاض الأسعار,
وأضاف : بالنسبة لي أفضل بيع الألبسة بنصف القيمة بدلاً من الاحتفاظ بها في المخازن للعام القادم لان موضتها قد تنتهي…
وأوضح إن ضعف القدرة الشرائية في نهاية الموسم، تدفع بالتجار إلى إعلان التنزيلات على البضائع، فهذا يحقق لهم مكاسب مادية لان الموديلات والألوان قد لا تلقى رواجاً في الموسم المقبل…
مراقبة مستمرة
وبين مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بحمص رامي اليوسف أن عملية التخفيضات تنظم وفق القانون 14 لعام 2015، وبالتالي توصل المادة إلى المستهلك بالسعر المخفض بناءً على النسبة المئوية المحددة لكل سلعة، والإشراف عليها يتم من خلال مراقبة جميع المحال ومن ضمنها التي تعلن بدء التنزيلات، وهذا يتم عبر تجوال المراقبين والتدقيق بالأسعار قبل وبعد التخفيضات والنسبة التي يتم فيها التخفيض، ومن التدقيق في هذه العملية نصل إلى نتيجة: فإذا كانت التخفيضات وهمية يتم اتخاذ الإجراء اللازم لتنظيم الضبط الأصولي بحق المخالف للقانون 14 للعام 2015.
كما تتم الرقابة من خلال سحب عينات للدراسة السعرية للمنتج لمعرفة ما إذا كانت السلعة مطابقة لبيان التكلفة، وبعد دراستها من لجنة التسعير ، يتم معرفة إذا كانت حقيقية أم وهمية وإذا كانت غير نظامية يتخذ الإجراء ضمن أحكام القانون 14 ولاسيما المادة 28 من القانون ويحال الضبط على القضاء المختص.
و في حال كان هناك مخالفة جسيمة وتم ضبطها بالجرم المشهود يتم إغلاق المحل فوراً،
وهناك مخالفات بسبب عدم الإعلان عن الأسعار ، وبلغت عدد الضبوط /6/ ضبوط منها ضبطان عدم إبراز فاتورة شراء للألبسة الجاهزة ، وهناك مخالفات أخرى لعدم إبراز فواتير المبيع وعدم الإعلان أو عدم التقيد بسعر الخدمات ..
بشرى عنقة