على الرغم من الملايين المصروفة على مشاريع مياه الشرب …قلة المياه تعمّ المحافظة وخاصة الريف الشرقي

يشكل الماء أحد أهم الموارد الطبيعية وأساس التفاعلات الحضارية والصراعات والتدخلات الخارجية ولذا أخذ الأمن المائي يمثل هدفا استراتيجيا ً تسعى الدول لتحقيقه كجزء لا يتجزأ من أمنها الوطني واستقرارها العسكري والاقتصادي والغذائي .
وتشكل المياه في سورية المورد الأكثر تأثيرا ً في حياة السكان في جميع المناطق ، و الأمن المائي شكل معضلة حقيقية زاد من حدتها الحرب الكونية التي تعرضت لها سورية منذ عام 2011 حيث برزت قضية المياه كإحدى أهم التحديات المرتبطة بمعاناة السكان خصوصا ً بعد أن استخدمتها العصابات الإرهابية المسلحة وسيلة ضغط على السكان ، مما أثر بشكل حاد على توافر المياه في غالبية المدن والأرياف السورية نتيجة تدهور البنية التحتية المتعلقة بشبكات المياه، إضافة لانقطاع مصدر الكهرباء مما أوقف عمل مضخات المياه وأثر سلبا ً على حياة الناس .

وتعتبر سورية من الدول الفقيرة مائيا ً وباتت تعاني من الجفاف والتصحر ,وهناك فجوة كبيرة بين الموارد المتاحة والازدياد المطرد في الطلب على المياه وتقسم الموارد المائية في سورية إلى ( 4 ) أقسام هي :
مياه الأمطار – المياه السطحية ( الأنهار ) – المياه الجوفية – الينابيع
وكان لقلة الهطولات المطرية خلال السنوات السابقة وزيادة الطلب على الماء جراء موجات الحر التي ضربت البلاد بالغ الأثر في تراجع الموارد المائية وضعفها في سورية وبطبيعة الحال فإن محافظة حمص كسائر المحافظات تأثرت بشكل كبير من نقص المياه وكثرت شكاوى المواطنين في المدينة والريف من قلتها وطول فترات التقنين ..

الشكاوى كثيرة والحلول معدومة
شكاوى أهالي محافظة حمص ( ريفا ً ومدينة ) كثيرة،يقولون أنهم تقدموا بالعديد منها إلى مؤسسة مياه حمص حول عدم وصول المياه لمنازلهم وطول فترات التقنين حيث بالكاد تصلهم المياه كل / 3 – 4 / أيام مرة ولمدة لا تتجاوز الساعتين فقط وغالبا ً ما يتزامن ضخ المياه مع فترة تقنين الكهرباء وبالتالي عدم الاستفادة من وصول المياه حيث لا مجال لتعبئة خزاناتهم ،إضافة لوجود ضعف في عملية الضخ ،و بين الأهالي أن الوعود التي قطعتها المؤسسة أكدت أن المياه ستصل منازلهم بالسرعة القصوى ولكن وعوده ذهبت أدراج الرياح التي تنفخ في أنابيب المياه والحلول على ما يبدو معدومة .

كل 10 أيام مرة
ولعل مسألة قلة المياه واضحة أكثر في قرية سكرة الواقعة في ريف حمص الشرقي ورغم كثرة الشكاوى التي تقدموا بها لمؤسسة المياه لم يتحسن وضع المياه في القرية بل في بعض الأحيان أصبح أسوأ من السابق رغم وجود بئر ماء في القرية يغذي قرى بلدة سكرة ( سكرة وتل أحمر والثابتية وأبو دالي ) وكان موعد ضخ المياه كل خمسة أيام مرة ولكن بعد أن تم تعيين عامل شبكة جديد أصبح الضخ كل ١٠ أو ١٢ يوماً بكل القرى باستثناء قرية أبو دالي التي تصلها المياه كل خمسة أيام، ويتساءل الأهالي عن سبب هذا التغيير و ما علاقة الموظف الجديد بزيادة تقنين المياه في القرية مطالبين بإيجاد حل لمشكلتهم حيث من المعلوم أنه لا يمكن للإنسان أن يعيش مدة 10 أيام دون ماء كما أن الحالة الاقتصادية للأهالي لا تمكنهم من شراء الماء باستمرار خصوصا ً مع ارتفاع سعر الخزان جراء جشع وطمع أصحاب الصهاريج.

نصف سكان القرية بلا ماء
ولقرية تل شنان حكاية لاتقل عن مثيلاتها في القرى المذكورة والوضع ليس بأفضل من أخواتها وحسب الأهالي فإن نصف سكان القرية وتحديدا ً في الحي الغربي منها , لم تصلهم الماء منذ شهرين تقريبا ً أكثر من / 3 – 4 / مرات فقط ويكون الضخ في هذه المرات النادرة ضعيفا ً جدا ً ولا يمكن الأهالي من تعبئة خزاناتهم ورغم تقديم العديد من الشكاوى للوحدة الاقتصادية في المخرم ولمؤسسة المياه والتواصل مع مدير المؤسسة ورئيس الوحدات الاقتصادية ووعودهم بحل المشكلة خلال أيام قليلة لم يتغير الوضع بل ازداد سوءاً مما يضطرهم لشراء الماء بأسعار مرتفعة .

كل خمسة براميل بـ 700 ليرة سورية
كما يعاني أهالي قرية تل الناقة بالريف الشرقي للمحافظة من نقص كبير بمياه الشرب و يقولون : تم مد خط مياه للخزان الموجود في القرية لكن المشكلة تكمن بكميات الضخ التي غالبا ما تكون شبه معدومة ويبدو أن الشبكة الموجودة في القرية قديمة جدا و مهترئة وبحاجة سريعة لتبديلها وهذا يؤثر على قوة الضخ وعلى الوصول عبر كافة الخطوط، و يعتمد أهالي القرية على شراء المياه التي ربما تكون مجهولة المصدر بأسعار مرتفعة ,كل 5 براميل بـ 700 ليرة ,علما أن أصحاب الصهاريج يشترون المياه بسعر 300 ليرة لكل 25 برميلا ، ويضيف الأهالي : نحن نعيش على هذا الحال منذ عشرين عاما وبعد أن استبشرنا خيرا باستجرار المياه إلى الخزان من قرية شنشار إلا أن وضع الشبكة السيئ حال دون وصول المياه بالشكل المطلوب , وأصبحت تضخ بكميات قليلة جدا لا تكفي حاجة القرية ,لذلك تم التعاقد مع صهاريج تنقل المياه من الخزان و يقوم الأهالي بشرائها منهم مع العلم أن أبعد منزل عن الخزان يبعد مسافة 1 كم فقط ولو أنه تم إصلاح الشبكة أو تبديلها لكانت المشكلة قد حلت و خففت عن الأهالي المبالغ المالية الإضافية التي تترتب عليهم ثمنا للحصول على مياه الشرب .

سنوات من الانتظار
وتبدو معاناة قرية الجابرية من نوع آخر أشد تأثيراً، يقولون :منذ سنوات ونحن نعاني من مشكلة قلة المياه في قريتنا ،ورغم تقديمنا العديد من الشكاوى وعبر كل الطرق الرسمية التي يمكن أن نوصل بها صوتنا ونبين من خلالها حجم معاناتنا ،ورغم الوعود الكثيرة التي تلقيناها لم تحل مشكلتنا حتى الآن بل على العكس آخر الحلول كان ضارا ً جدا ً بالنسبة لنا حيث تم ضخ المياه للقرية من خط قديم كان يغذيها من إحدى القرى البعيدة كحل إسعافي ولكن المياه من النوع الكبريتي وهي غير صالحة للاستخدام البشري وضررها أكبر بكثير من فائدتها فلا يمكن استخدامها بأي مجال لا للشرب ولا للغسيل ولا لسقاية المزروعات ولا حتى لسقاية المواشي.
وأضافوا : استبشرنا خيرا ً بمد الخط الجديد الذي يصل إلى قرية المشرفة على أن تستجر المياه لقريتنا عبره ولكن الصدمة كانت بأن تكلفة مشروع مد خط مياه من المشرفة لقريتنا تصل لحدود / 170 / مليون ليرة , ولا يوجد اعتماد لهكذا مشروع حالياً في المؤسسة وبالتالي لا يوجد حل لمشكلتنا ونحن نقوم بشراء المياه من الصهاريج بسعر مرتفع مما يشكل علينا عبئا ً ماديا ً كبيرا ً خصوصا ً وأن معظم أهالي القرية من الفلاحين.
ضخ المياه ضعيف جدا ً
وأما أحياء مدينة حمص فحالها ليس أفضل من القرى وبالأخص أحياء الزهراء والمهاجرين والأرمن والعباسية , فالمياه تصل لهذه الأحياء ضعيفة جدا ً ومن الصعب أن يتمكن الأهالي من تعبئة خزاناتهم إلا في ساعات متأخرة من الليل وبوجود الكهرباء علما ً بأنه يوجد خزان كبير للمياه في الحي ,وتم تقديم العديد من الشكاوى لمؤسسة المياه إلا أن الوضع يتحسن بعد الشكوى مباشرة ولأيام قليلة ثم يعود لوضعه السابق وأحيانا ً يزداد سوءا فلا تصل إلى منازل المواطنين إلا كل / 3 – 4 / أيام ..
ويضيف أهالي هذه الأحياء :تزداد أهمية المياه في فصل الصيف فعدا عن استخدامها للشرب , نحتاجها للكثير من الإستعمالات « استحمام , غسيل » خصوصا ً في الأيام التي يكون فيها الحر شديدا مثل هذه الأيام التي تمر على البلاد بشكل عام ..

أذن من طين وأخرى من عجين
واستغرب الأهالي طريقة تعامل القائمين على المؤسسة مع الشكاوى التي يتقدمون بها حيث يتم معالجة هذه الشكوى خلال اليوم نفسه بضخ المياه للحي الذي تقدم ساكنوه بالشكوى ويستبشر الأهالي خيرا ً ولكن في اليوم التالي أو الثالث على أبعد تقدير تعود الأمور لسابق عهدها وفي بعض الأحيان تكون أسوء من قبل حيث تنقطع المياه عن الحي عدة أيام أو تصل ضعيفة جدا ً ، واعتبر الأهالي أن ما تقوم به مؤسسة المياه بعد كل شكوى يكون عبارة عن ذر الرماد في العيون لا أكثر وأن التعامل معهم يكون على مبدأ “أذن من طين وأخرى من عجين “ .
ملايين الليرات صرفت
اللافت بالموضوع أن مؤسسة المياه نفذت العديد من المشاريع الهادفة لاستبدال شبكات المياه في العديد من القرى ولاسيما التي تعرضت للعبث على يد العصابات الإرهابية كما قامت بحفر عدد كبير من الآبار بهدف تعزيز المخزون المائي في المحافظة ومدت أنابيب لتوصيل مياه هذه الآبار للقرى الأشد احتياجا ً وهذه المشاريع تكلفتها عالية جدا ً وتقدر بملايين الليرات السورية إضافة للهطولات المطرية الجيدة خلال فصل شتاء هذا العام حيث تجاوزت معدلات الهطول المعدل السنوي ومع ذلك بقيت مشكلة نقص المياه على حالها بل تزداد سوءا ً دون وجود أي تبرير من المسؤولين في مؤسسة المياه ،ويبدو أن هذه المشاريع لم تحقق الهدف الذي من أجله صرفت الأموال اللازمة لها.

انقطاع الكهرباء يعيق الضخ
وللإجابة عن هذه التساؤلات تواصلنا مع مؤسسة المياه فأجابنا المهندس زهير عبدوش مدير العلاقات العامة في المؤسسة : يتم تغذية قرى سكرة والثابتية وأبو دالي ونقبين وتل أحمر وسكرة شمالي يوميا ًمن بئر بغزارة / 30 م3 / بمعدل كل / 3 / أيام مرة لكل قرية ولكن انقطاع الكهرباء يعيق عملية الضخ أحيانا ً علما ً أننا نقوم بتشغيل محطة الضخ على الديزل في هذه الحالة ولكن صعوبة تأمين مادة المازوت تعيق العملية بعض الشيء ….. أما قرية تلشنان فقد تم صيانة محرك الديزل والضاغط والبئر ويتم استثماره حاليا ً ومن المفروض أن يكون الوضع جيدا ً ، وعن قرى الجابرية وبادو وميدان ووريدة فقال : يتم دعم مياه هذه القرى من مياه مدينة حمص ويوجد حاليا ً إعلان عن مناقصة لتزويد هذه القرى من مياه قرية المشرفة سيتم فض عروضها بتاريخ 27 / 8 / 2019 وريثما ينتهي المشروع تقوم مؤسسة المياه بتزويد قرية الجابرية بالمياه بشكل يومي عبر صهريج سعة / 20 م3 / يوزع على الأهالي بشكل مجاني ، أما قرية تل الناقة فيتم تغذيتها من بئر في قرية شنشار حيث تصل المياه لخزان القرية الذي يغذي قريتي تل الناقة والجميلية ويوجد حاليا ً دراسة جاهزة لتنفيذ شبكة للمياه في القرية ويتم التنسيق مع المنظمات الدولية لتنفيذ المشروع في حال عدم الاتفاق مع إحدى المنظمات الدولية ستقوم المؤسسة بتنفيذه .. أما قرى خلفة وتلقطا وتل عداي فتتم عملية تغذيتها من آبار الشومرية وهي تابعة لمحافظة حماة وحسب الحصة الممنوحة لهذه القرى يتم تغذيتها كل / 4 / أيام مرة .
وعن أحياء المدينة قال المهندس عبدوش : الضخ فيها مستمر على فترتين صباحية ومسائية ولكن زيادة الطلب على الماء وعدم ترشيد الاستهلاك يتسبب في زيادة الاستهلاك ببعض الأحياء مما يؤدي لحالة نقص في بقية الأحياء إضافة لانقطاع الكهرباء خلال الضخ .
مشاريع منجزة
وعن المشاريع التي تم الانتهاء من تنفيذها قال : تم الانتها من حفر بئر في تلكلخ بقيمة / 17 / مليون ليرة سورية وبئر في قرية أبو خشبة وآخر في قرية باب الهوى بقيمة / 21.5 / مليون ليرة سورية كما تم الانتهاء من حفر بئر في قرية الحراكي بقيمة / 11،5 / مليون وبئر في قرية أم الدوالي بقيمة / 22 / مليون ، وحاليا ً يوجد إعلان لحفر آبار في قريتي مكسر الحصان وروضة الوعر .
أما الشبكات فبين المهندس عبدوش أنه تم استبدال خط ضخ المستورة بقيمة / 90 / مليون ليرة سورية وخط ضخ قرية فاحل بقيمة / 105 / ملايين ليرة واستبدال شبكة المخرم الفوقاني كما تم استبدال خط ضخ وإسالة قرية الرجبلية بقيمة / 44 / مليون ليرة واستبدال خط ضخ وإسالة قرية دبين بقيمة / 14 / مليون ليرة واستبدال خط إسالة قرية فلة بقيمة / 17 / مليون ليرة وحاليا ً يتم العمل على تمديد خطوط توسع قرية المضابع بقيمة / 125 / مليون ليرة وتمديد خطوط مياه الدردارية بقيمة / 16 / مليون ليرة وتوسع إرواء قرية الريان بقيمة / 325 / مليون ليرة سورية.
يوسف بدور

المزيد...
آخر الأخبار