الخسارة مجدداً .. موسم التفاح دون الوسط … والنوعية مخيبة للآمال

تشتهر قرى الريف الغربي لمحافظة حمص بزراعة التفاح وكان المزارعون في تلك المنطقة يحققون ربحاً لا بأس به من هذا الموسم وبيعه سواء للسورية للتجارة أو للتجار في القطاع الخاص لكن ومنذ عدة سنوات وبسبب الارتفاع الجنوني لأجور ساعات الحراثة وغلاء أسعار الأسمدة والمبيدات والأدوية الزراعية و سوء نوعية الأخيرة , وتلاعب تجار السوق بالأسعار كما يحلو لهم انخفض ربح المزارع إلى النصف إن لم نقل أقل , هذا في حال لم تأت (طفرة) جوية أو جائحة مرضية على الموسم كله..
وليزيد الطين بلة تواجه مزارعي التفاح و منذ مواسم عدة مشكلة يجدونها هي الأخطر و الأدهى فالرقابة على أنواع الأدوية والمبيدات الزراعية في الأسواق شبه معدومة – برأيهم – ما جعل البعض يبيعونها في الأسواق منتهية الصلاحية أو غير فعالة ويتقاضون عليها سعر الأصلية أو المستوردة دون رحمة أوشفقة بهذا المزارع الذي يدفع المبلغ المرقوم ليرش بستانه وتكون النتيجة المزيد من الأمراض وتدهوراً في الأشجار و المحصول…

المتهم الأول ( الأدوية الزراعية ) …
و الضابطة العدلية تنظم 6 ضبوط مخالفة ؟!

الأمراض … الدليل الأقوى
فلاحون من قرية حاصور أكدوا للعروبة أنه ومنذ سنوات عديدة أصبح التفاح يشكل عبئاً عليهم إذ أنهم يعانون من ندرة المبيدات الكيماوية وإن وجدت فهي بمواصفات سيئة و لاتؤدي الغرض المطلوب منها و تصيب المحصول بالضرر وليست فعالة و هذا الأمر تثبته الأمراض التي تزداد كل موسم سواء بالشجر أو الثمر .
وتمنوا في حديثهم على الجهات المعنية أن تكون المراقبة مشددة على الصيدليات الزراعية وأن تشرف بشكل مباشر و بآلية أفضل من الحالية على الأنواع الموجودة في الأسواق لتكون الأدوية التي نتزود بها فعالة للقضاء على الأمراض و الآفات الزراعية , و بذلك يتمكن المزارع من الاقتراب من تحقيق موسم أفضل ..
تضاعف الخسارة
وأكد هذه المعاناة مزارعون من عدة قرى في ضهر القصير و قالوا : هذا العام تحديداً قمنا بعملية الرش كل ستة أيام بدل عشرة وزودنا المحصول بالكميات المناسبة من المبيدات لكن للأسف لم نجد نتيجة فالأدوية غير فعالة وكأننا نرش ماء على الشجر ..
وبذلك دفعنا تكاليف عالية جداً و دون أي نتيجة و يقول أحدهم:إن بستانه لايضم أي ثمرة من النخب الأول و كله مصاب بالجرب أو بالدودة و لايمكن تسويق أي كمية على أنها من النخب الأول علماً أن البستان ذاته كان يمكن صاحبه من توريد عشرات الأطنان و لكن الحال هذا العام غير مبشر …
مطالبات دون إجابة !!
و أشار مزارع آخر إلى أن الزراعة باتت من الأعمال الخاسرة بشكل كامل تقريباً فالمزارع يتكبد عناء سنة كاملة ويدفع تكلفة عالية للاعتناء بالأشجار وأثناء القطاف نبيع التفاح بأبخس الأسعار, وأضاف: تقف عقبة الأدوية الزراعية و الأسمدة كحجر عثرة أمام عمل المزارع , فغلاء الأسعار ليس بالأمر السهل حيث تبلغ تكلفة الرشة الواحدة 30 ألف ليرة سورية بالحد الأدنى و خلال الموسم الواحد يبلغ عدد مرات الرش من 10 إلى 14 رشة فتكون التكلفة لرش المبيدات فقط أكثر من 350 ألف ليرة , ورغم المطالبات عن طريق الجمعيات الفلاحية أن يتم تزويدنا بقروض من المصرف الزراعي لهذه الغاية و لكننا لم نجد أي تجاوب
سيئة بالمطلق
وأكد أحدهم أنه من الضروري أن يصل صوتنا للجهة المعنية بالرقابة على الأدوية الزراعية الموجودة بالأسواق فهي – ورغم قلتها – سيئة بالمطلق بنوعيها الأجنبي و الوطني و تحديداً الأدوية الخاصة بمكافحة دودة التفاح فسعرها غال جداً و لا تؤدي النتيجة المرجوة
وأضاف إن الموسم الحالي ضعيف بسبب الظروف الجوية وسوء نوعية الأدوية الزراعية فالكمية المتوقعة لن تتجاوز عشر الموسم الماضي في أفضل الأحوال ..
الحالة عامة
غصن اسمندر مختار قرية حدية أكد أن المنطقة بأكملها تعاني من سوء نوعية المنتج المتوقع و أكد أن كل ثمار التفاح مصابة بالجرب و لن يتمكن المزارعون من تسويق أي كمية للسورية للتجارة أو للقطاع الخاص كون التفاح سيء النوعية بالمطلق و أشار إلى أنه من الممكن أن تكون الأدوية الزراعية هي المسبب الأول بالإضافة لسوء الأحوال الجوية خاصة و أن الكلام ينطبق على المنطقة بأكملها و ليس على مساحة محددة أو بساتين معينة لنقول بإنه لم يتم الاعتناء بشكل جيد بالأشجار ..
رئيس الجمعية الفلاحية في حاصور موريس الأحمد أوضح أن الموسم هذا العام في أسوأ حالاته و ذلك بناء على حالة الثمار على الأشجار حيث تكاد لاتخلو ثمرة من الإصابة بالجرب أو غيره , و أكد أن المشكلة عامة في كل قرى المنطقة وهو الأمر الذي يجعل المزارعين يعزون سبب فشل الموسم إلى سوء نوعية الأدوية الزراعية كونها الشيء المشترك الوحيد علماً أن الاهتمام بالأشجار كان كما هو المعتاد بل و أفضل , و هو تساؤل نضعه برسم أصحاب الاختصاص..
المرانة والمشاكل ذاتها
تبلغ المساحة المشجرة من التفاح في قرية المرانة 1700 دونم و للتفاح قصصه التي تتكرر في قرى الريف الغربي فالأمراض المنتشرة و عدم توفر الأدوية الفعالة كلها أمور أدت إلى تراجع المحصول عشرات المرات وبعد أن كان يدعم الأسر في معيشتها أصبح يشكل عبئاً ولا يتمكن من توفير ثمن الأدوية و ساعات الحراثة
مزارع من قرية المرانة قال: موسم التفاح كان جيداً في المنطقة لكن منذ سنوات عديدة أصبح التفاح يشكل عبئاً كبيراً خاصة مع غياب الرقابة الفعلية على تسعيرة ساعات الحراثة أو الأدوية الزراعية و غيرها من مستلزمات الإنتاج المكلفة و التي تضع المزارع تحت رحمة تجار القطاع الخاص ..
وقال: نتمنى من الجهات المعنية أن تكون عملية الرقابة مشددة على الصيدليات الزراعية وأن تشرف عليها مباشرة لتحفيف وطأة الخسائر المتتالية التي أصبحت تقسم ظهر المزارعين عاماً بعد آخر ..
مكره أخاك لابطل
وأضاف فلاحون من قرى شين : أنه وبسبب الضائقة المادية , والأعباء الكبيرة والخسارات المتتالية في كل عام نتعامل مع شخص محدد لأنه يتبع أسلوب البيع بالدين أو على الموسم , ولكننا مضطرون للاستمرار بآلية العمل هذه كونها تناسب وضعنا المادي أكثر …
مزارع في قرية حدية قال :إن الأدوية غالية الثمن جداً و ليتر واحد يتراوح سعره بين 5000 و 7000 يمزج مع500 ليتر من الماء , وبالتالي لا يرش أكثر من دونم في أفضل الأحوال و التكلفة الإجمالية في العام تتجاوز 800 ألف بالنسبة لمحصول التفاح الذي يحتاج شجره للرش بالأدوية الزراعية كل 10 أو 12 يوماً .. وهو عبء كبير على المزارعين
لأهل الاختصاص … كلمة
وبما أنه لا يخفى على أحد أن الإفراط في استخدام المبيدات بنسب عالية يؤثر على جودة المنتج من الخضراوات والفواكه وله أثر سلبي أثبتته الدراسات العلمية على صحة الإنسان …
توجهت العروبة إلى عدد من أصحاب الصيدليات الزراعية و قال أحدهم :إن تجاهل الفلاح لتحذيرات الاستخدام المدونة على العبوة، أو استخدام مبيد غير موصىً به أو حتى عدم الالتزام بفترات الأمان…. كلها ممارسات خاطئة لها تأثيرها السلبي , وربما يعتقد الفلاح أن هذا المستحضر أوغيره ليس فعالاً ولكن حقيقة الأمر أنه لم يكمل البرنامج كله أو لم يلتزم بالفترة المحددة و هو موضوع حساس و يجب مراعاته و توخي الدقة فيه وإلا لن يجني النتيجة المرجوة وسيعتقد بأن الدواء غير فعال.
وأضاف : للحصول على نتائج جيدة يجب استعمال المبيد في درجات حرارة محددة في أغلب الأحيان تتراوح بين درجتي حرارة 25-30 م°, وهي موضحة على كل عبوة كما يجب عدم الرش قبل هطول الأمطار مباشرة أو عندما تكون النباتات مغطاة بندى كثيف ، كما يجب عدم الرش في فترات الجفاف أو عندما يكون المحصول ضعيفاً لسبب ما ومن الضروري تنظيف أدوات رش هذا المبيد بشكل جيد بالماء والصودا أو المنظفات ..
صيدلية أخرى قال صاحبها : نحن مرخصون أصولاً والأدوية آمنة ، وهذا ما يطلعنا عليه الفلاحون كل موسم عن مدى درجة فعالية أو صلاحية المبيد ، ونحن نقوم بدورنا بنقل كل الملاحظات إلى الشركة المنتجة من خلال مندوبها لكننا في النهاية مجرد مسوق ولسنا مسؤولين عن جودة المنتج أو عدمها…
مشرف فني في صيدلية زراعية قال: أن عدداً من الصيدليات الزراعية تسوق مبيدات حشرية مجهولة المصدر وغير معروف درجة أمانها ولا فعاليته , وعن الجوانب غير الآمنة في استخدام المبيدات والأدوية الزراعية غير المنظم قال : إن الاستخدام الخاطئ لها يتسبب بالأذى للنبات والبيئة ويضر بالاقتصاد الوطني ويخيب آمال الفلاحين …
انخفاض يصل إلى 10 ألاف طن
المهندس موفق زكريا رئيس مكتب التسويق في اتحاد فلاحي حمص ذكر بأن الموسم الحالي يقدر بحوالي 100 ألف طن حسب تقديرات مديرية الزراعة و في الموسم الماضي كان 110 آلاف طن , و ذكر بأن الاتحاد توجه بعدة كتب مطالبة للجهات المعنية لتعويض المزارعين عن الخسائر التي حلت بموسم التفاح نتيجة سوء الأحوال الجوية ..
أما بالنسبة للتسويق فأشار زكريا أنه و في كل عام تقوم السورية للتجارة بتسويق كميات من المحصول وفق شروط محددة مؤكداً بأن نسبة التسويق عبرها لا تتجاوز 3% من المحصول في أفضل الأحوال
و أشار إلى أن أغلب المزارعين يتوجهون للقطاع الخاص للتزود بالمبيدات و الأدوية الزراعية بسبب طرق البيع المتبعة سواء بالتقسيط أو الاستدانة على الموسم , و هو أمر غير محقق في المراكز الحكومية..
وأوضح زكريا أنه يوجد عشرة مراكز أدوية منتشرة في منطقة المركز الغربي و تلكلخ وهي بحاجة لدعم إضافي , ولابد من التنويه بأنها موضع ثقة لأن الأسعار مدروسة وهي عبارة عن كلفة إنتاج مضافاً إليها 10% فقط لتغطية مصاريف التسويق , وهدف هذه المكاتب خدمي بحت وليس ربحياً ونحاول تلبية متطلبات الفلاحين من المبيدات الزراعية والأدوية ..
وسط وما دون
و في تصريح للعروبة ذكر المهندس محمد نزيه الرفاعي مدير زراعة حمص أن زراعة التفاحيات تتركز في منطقة تلكلخ و المركز الغربي وتلدو والقصير و بنسب قليلة في مناطق أخرى,مشيراً إلى أن المساحة المزروعة بالتفاح على مستوى المحافظة تصل إلى 11 ألف هكتار و يبلغ عدد الأشجار الكلي 4ملايين و نصف المليون شجرة يصل عدد المثمر منها إلى 3 ملايين و نصف المليون وتتنوع بين صنفي ستاركن وغولدن ..
و أضاف : إن الحالة العامة للصنفين متوسطة و ليست جيدة ,و الحمل خفيف منذ بداية الموسم نتيجة الظروف الجوية و قلة ساعات البرودة و ارتفاع الحرارة ,منوهاً أن الصنف غولدن قليل جداً أما الصنف ستاركن فحالته أفضل و لكنه لايصل إلى الجيد , و من المتوقع أن يصل الإنتاج إلى 100 ألف طن ..
6 ضبوط مخالفة
من جهة ثانية أكد الرفاعي أن شعبة المبيدات في دائرة الوقاية بحمص تقوم بعملها وفق القوانين الناظمة بإصدار تراخيص لمحال تداول المواد والمبيدات الزراعية و شركات الاستيراد و التصدير ومراقبتها ضمن نطاق محافظة حمص , و أشار إلى أن عدد المحال و الشركات المرخصة حتى تاريخه وصل إلى 107 منها أربع شركات استيراد و تصدير و7 شركات استيراد وتصدير وتداول , و95 محل بيع و تداول , ومستودع واحد موزعة على أغلب مناطق المحافظة , كما تم خلال العام الحالي ترخيص 25 محل بيع و تداول..
وأكد الرفاعي أن الجولات التفتيشية مستمرة من قبل عناصر الضابطة العدلية المخولين من قبل الوزارة و المؤلفين من عناصر من دائرة وقاية النبات ومن دائرة الإنتاج النباتي شعبة الخضراوات ومن دائرة الأراضي و المياه بالإضافة إلى عناصر الضابطة العدلية الموجودين في دوائر زراعة المناطق, حيث تشمل جولاتهم المتكررة والمفاجئة محال تداول المواد و المبيدات الزراعية بهدف التحري عن وجود مخالفات في المحال المرخصة أو وجود محال تمارس مهن تداول المبيدات بدون الحصول على ترخيص نظامي , وتم خلال العام الحالي تنظيم 6 ضبوط مخالفة تمت إحالتها جميعها إلى القضاء المختص ..
82732 عبوة مبيد نظامية
وعن مصدر المواد ذكر الرفاعي أنه يتم استيراد المبيدات من قبل شركات القطاع الخاص المرخصة أصولاً و التي تقوم بعمليات الاستيراد وفق شروط محددة من قبل الوزارة , حيث تتم مراقبة المبيدات المستوردة من وزارة الزراعة و الإصلاح الزراعي وفي حال مطابقتها للمواصفات الفنية بعد إجراء التحاليل و الاختبارات المطلوبة يتم الإفراج عن المواد المستوردة و الإيعاز إلى مديرية الزراعة التي يقع فيها مقر الشركة المرخصة أو إحدى مستودعاتها المرخصة أصولاً لتقوم لجان تختيم المواد بتختيم العبوات قبل طرحها في الأسواق…
وذكر أن عدد العبوات المختمة وصل إلى 135751 عبوة منها 82732 عبوة مبيد و 53019 عبوة بذار مع العلم أن العبوات المختمة يتم توزيعها على كامل القطر وحسب رغبة الشركة و طلب السوق من هذه المواد , مؤكداً أن أي عبوة مبيد أو بذار مستوردة موجودة في الأسواق لاتحمل ختم للجنة مراقبة المواد و المبيدات الزراعية تعتبر مخالفة وتتم مصادرتها و إحالة المخالف إلى القضاء المختص أصولاً .
أخيراً
لم يبق للمزارعين إلا التعلق بأمل واحد وهو ترجمة الوعود إلى أفعال حقيقية على أرض الواقع من قبل الجهات المعنية و التي تتمثل بتأمين الدواء اللازم و تشديد الرقابة على الأدوية المستوردة منعاً لاستغلال التجار للفلاحين والعمل على كبح جماح طمع التجار و المحافظة على هذا المنتج , ووضع حلول جذرية لئلا تزداد الحالات المتكررة لقطع شجر التفاح من قبل المزارعين لتأكدهم بأن الموسم لن يأتي بأرباح تغطي تكلفته إذا استمر الواقع على ما هو عليه ..
هنادي سلامة – محمد بلول

المزيد...
آخر الأخبار