مشاكل بيئية متكررة تهدد حياة أهالي قطينة .. والسبب سوء تشغيل معامل الأسمدة

مشكلة تلوث البيئة الناجمة عن معامل شركة الأسمدة، لاتزال موجودة على الرغم من مضي أكثر من 40 سنة ، والسبب في ذلك اهتراء وتآكل الآلات والأنابيب،والظروف الفنية للمعامل والأقسام غير مناسبة ومنذ حوالي 12 سنة أصبحت المشكلة أكثر سوءا ً وتأثيرا ً، حيث ازدادت حالات الأضرار الصحية التي يعاني منها أهالي قطينة ، والمعاناة تكون شبه يومية وذلك حسب حركة اتجاه الهواء الذي يحمل الغازات السامة والخانقة..

وعندما تكون حركة الهواء باتجاه الجهة الجنوبية والغربية للمعامل التي تكون في حالة تشغيل ( وخاصة معمل السماد الفوسفاتي) تكون سماء قرية قطينة وسكانها وأراضيها مغطاة بطبقة كثيفة من الغازات والأدخنة السامة والخانقة بما يشبه ( الكارثة البيئية) وقد حدث مثل ذلك عدة مرات نذكر منها ماحدث بعد ظهر يوم الأربعاء 13-3-2019 حيث تعرض عدد من أهالي قرية قطينة ( أطفال – شباب – نساء – رجال – مسنون) لحالات صحية سيئة تمثلت في صعوبة التنفس والاختناق الشديد لدرجة الإغماء وتشنج الحنجرة والتهاب العيون.. الخ جراء كثافة وسمية الغازات والأدخنة المنطلقة من معامل الأسمدة.
وقبل ذلك في صباح يوم الخميس 26-4-2007 تعرض عدد من تلاميذ وطلاب مدارس قطينة الواقعة في الجهة الجنوبية من القرية، إلى حالات صحية مشابهه لما حدث في الكارثة البيئية المذكورة آنفاً، أثناء تأديتهم تحية العلم، حيث تم إسعافهم إلى العيادات الشاملة وإلى عيادات الأطباء الخاصة ، ومن ثم تم صرف جميع التلاميذ والطلاب إلى منازلهم تفاديا ً لحصول حالات صحية سيئة أخرى ..
وللعلم فإن تأثير الملوثات الغازية السامة على الإنسان والمحاصيل الزراعية واقع لامحالة طالما أن معامل الأسمدة في حالة الإنتاج، لأن ظروف تشغيل المعامل والأقسام سيئة فنيا ً ، عدا عن وجود تسريبات للغازات والأدخنة من الأنابيب والمضخات المهترئة ، ومن المعروف أن حركة اتجاه الهواء يمكن أن تتغير في اليوم عدة مرات ، وبذلك تكون الأضرار في كل الاتجاهات .
وعود وآمال مخيبة
تفاءل الناس بالخير بعد أن علموا أن المؤسسة العامة للصناعات الكيميائية في سورية ، أبرمت عقدا ً مع إحدى الشركات الروسية الخاصة، لإعادة تأهيل معامل الأسمدة بالقرب من قطينة ولمدة عشرات السنين، وزيادة الإنتاج ، وكذلك «تحسين الوضع البيئي « والعبارة الأخيرة رغم أنه لايوجد فيها تفصيلات حول كيفية تحسين الوضع البيئي ، علق الكثير من الناس آمالهم على هذا العقد في التخفيف على الأقل من حدة التلوث،ولكن كما يقول المثل :»المكتوب يقرأ من عنوانه» حيث أن الشركة الروسية المتعاقدة، استلمت العمل في بداية الشهر الرابع من العام الحالي ، وبعد أن توقفت المعامل عدة أيام، بدأت الشركة الروسية بتشغيل معمل السماد الفوسفاتي، وقسم حمض الكبريت ، كمرحلة تجريبية لمدة زمنية غير محددة حسب تصريحاتهم، حيث بعد ذلك يتم حصر الأعطال وإصلاحها ،ومنذ انطلاق مرحلة التشغيل التجريبي ، و الملوثات الغازية المؤذية والضارة تنطلق بكثافة كبيرة أكثر الأحيان ، حيث ينقلها الهواء لتصل إلى الأهالي في البيوت السكنية وفي الشوارع .. هذا الوضع السيىء دفع معظم الأهالي لرفع وتيرة الشكاوى والتذمر والاحتجاج ،والمطالبة بتوقيف تشغيل المعمل والقسم اللذين ينفثان هذه السموم، حتى يتم إصلاح العطل وتحسين ظروف العمل..وكان من نتيجة كثرة الشكاوى والاحتجاجات مجيء عدد من المسؤولين الرسميين من بينهم وزير الصناعة إلى قرية قطينة يوم الجمعة 23/8/2019 حيث عقدوا لقاء مع الفعاليات الرسمية والشعبية في القرية واستمعوا إلى شرح مفصل عن الواقع السيىء الذي يعاني منه أهل القرية جراء التلوث الحاصل، وأعطوا وعودا ً مطمئنة بحل المشكلة بأسرع وقت ،وبعد الظهر عقد المسؤولون المذكورون اجتماعا ًآخر في شركة الأسمدة للاطلاع على الواقع عن كثب، دون أن نعرف ماتم الاتفاق عليه مع الجانب الروسي وإدارة شركة الأسمدة، إلا أن الذي بقي معروفا ً وملحوظا ً بالعين المجردة أن الغازات السامة مازالت تنطلق بكثافتها من المداخن ويحملها الهواء حسب اتجاهه ويستنشقها الأهالي في الجهة التي وصلت إليها، واضطر عدد من الأهالي الذين يسكنون في الجهة الشرقية من القرية – حيث حركة الهواء الحامل لتلك الغازات الضارة حالياً و في معظم الأوقات إلى تلك الجهة إلى إعادة تجهيز بيوتهم المؤقتة الموجودة في أراضيهم الزراعية والواقعة في الجهة الجنوبية من القرية ليسكنوا فيها هرباً من هذا الواقع ولكن من ليس لديه منزل آخر في مكان آخر ماذا يفعل ؟!
وللعلم والتوضيح فإن مديرية البيئة وإدارة شركة الأسمدة ليس لديهم إمكانية لاتخاذ أي إجراء حيال الواقع السيئ الحالي وأنهم بانتظار الانتهاء من مرحلة التجريب التي ليس لها مدة محددة .
عقود قديمة
معظم الناس الذين لديهم اطلاع ومعرفة بواقع العمل في شركة الأسمدة غير متفائلين بعقد الشركة الروسية من أجل تحسين الوضع البيئي على ضوء العقود التي تمت سابقاً مع شركة هندية وأخرى تونسية التي لم تؤد إلى نتيجة مرضية نذكر منها :
في عام 1995 تم إجراء عقد مع شركة تونسية لتعديل طريقة الإنتاج في معمل السماد الفوسفاتي وبالفعل باشرت الشركة بالعمل حيث أوقفت المعمل بالكامل لإجراء عملية التعديل على قسمي حمض الفوسفور وإنتاج السماد الفوسفاتي ونجم عن ذلك إلغاء وحدتي حمض الفوسفور وفلوريد الألمنيوم مما أدى إلى انبعاث غازات الفلور وحمض الفلور إلى الجو دون معالجة وهذه الغازات لها تأثيرات سامة على الكائنات الحية من بشر ونبات وحيوان وبتاريخ 20-1-2006 قامت لجنة فنية برئاسة وزير الصناعة في تونس لتقديم عرض فني ومالي لإعادة تأهيل معمل السماد الفوسفاتي و تدريب عدد من الفنيين السوريين في مصانع الأسمدة التونسية والاستفادة من الجانب التونسي في معالجة التلوث البيئي وهذا العقد أيضاً لم يغير من نسبة كثافة التلوث الغازي وبقي الوضع على ما هو عليه ومع مرور الزمن واهتراء الآلات والمعدات تضاعفت نسبة التلوث بحيث أصبح لا يمكن احتمالها و السكوت عنها
رفعت مثلا

المزيد...
آخر الأخبار