حول ما جرى و ما يجري في محافظة السويداء ، لا بد من قراءة الأحداث بشكل عقلاني ، للتمييز بين ما هو مقبول و بين ما لا يمكن القبول به تحت أي ظرف من الظروف , و هنا لا بد من التأكيد على أن السويداء هي محافظة سورية بالمطلق ، بجميع مكوناتها ، و هذا الأمر يعتبر من الثوابت الوطنية التي لا يمكن التنازل عنه بأي شكل ، و كل ما دون ذلك يمكن النقاش حوله ، وبناء عليه فكل من يستقوي بالكيان الإسرائيلي و يطالبه بدخول قواته إلى هذه المحافظة ، يعتبر خائناً بكل الأعراف .
و بالمقابل تقع المسؤولية الكاملة على عاتق الدولة بحماية هذا الجزء الغالي من الجمهورية العربية السورية ، و تشمل حماية المواطنين ، و أملاكهم ، و أرزاقهم ، و أراضيهم ‘ فهذا الأمر أيضاً من الثوابت الوطنية ، التي لا يمكن التنازل عنها.
قد ترتكب بعض الأخطاء و التجاوزات الناتجة ، عن التركة الثقيلة التي خلفها النظام البائد ، من دمار و خراب و قتل و تهجير ، و الأهم من ذلك ما خلفه من شروخ اجتماعية تحتاج إلى الكثير من الجهد من جميع مكونات الشعب السوري لرأبها ، إلا أن ذلك لا يمكن أن ينسينا بأننا جميعاً مواطنون سوريون ، تحت سلطة القانون المعمول به .
لم يكتف الهجري بمنع دخول قوى الأمن و الجيش إلى السويداء ، و الذين هم الجهات الوحيدة المخولة بحماية المواطنين و أملاكهم و فض الاشتباكات ، بل منع حتى دخول فرق الدفاع المدني ، ذات الطابع المدني الإنساني و التي وفق مهامها تعمل فقط للوصول لمن يحتاج المساعدة الإنسانية دون أي تمييز ، فهي بالنهاية مؤسسة إنسانية لا علاقة لها بالسياسة و بوصلتها الإنسان و خير دليل على ذلك ما قامت به لإخماد الحرائق في الساحل السوري ، و أيضاً رفض الهجري دخول وزير الصحة مع فريقه للوقوف على الحاجة الفعلية لأبناء المحافظة ، من التدخل الطبي و الصحي العاجل و الإسعافي ، وتقييم الواقع و العمل على القيام بالمسؤوليات المنوطة بوزارة الصحة تجاه المواطنين .
لا يمكن فهم ما يقوم به الهجري و الفصائل التابعة له ، من رفض تام للتعامل مع الدولة السورية ، إلا بأنه يعمل بأجندات خارجية مرتبطة بشكل مباشر مع الكيان الإسرائيلي ، سعياً لفصل السويداء عن الأم سوريا ، و جعلها عبارة عن كنتون منفصل على أساس طائفي ، والدليل على ذلك استناده على الدعم الإعلامي الواضح من إسرائيل و منع وسائل الإعلام الأخرى من الدخول إلى السويداء ، علماً أن الانتشار الأمني و كل ما تقوم به الحكومة هو تحت التغطية الإعلامية .
و في الختام لا بد من التأكيد على أن انتقاد الحكومة و عملها شيء ، و رفض الدولة و محاولة الانفصال عنها شيء آخر ، فالأول مقبول و ضروري لتصويب الأخطاء ، خاصة في الوضع الراهن للبلد بعد حرب دامت 14 عاماً ، والثاني لا يمكن القبول به لأنه لا يمكن تصنيفه سوى تحت مسمى الخيانة للبلد و محاولة الانفصال عنها مهما كانت الحجج و الادعاءات ، فكل أمر يمكن مناقشته تحت سقف الوطن .