القطاع الصناعي في المحافظة يتعافى بشكل سريع …دعم المنتج الوطني… منع استيراد المنتجات التي تصنع محلياً وتلبي حاجة السوق
سنوات الحرب التي أثرت بشكل كبير على كافة قطاعات الحياة في بلدنا إضافة للتحديات الكبيرة التي نعيشها اليوم من حصار اقتصادي ظالم , نتيجة لهذه الحرب الجائرة التي تشنها الدول الغربية على الاقتصاد السوري, جعلت الحكومة أمام تحديات كبيرة لتشجيع القطاع الخاص على المشاركة الفاعلة بالنهوض بالاقتصاد السوري والوقوف في وجه من يريدون إنهاكه وتبعيته لاقتصاد الدول الغربية وتعتبر الصناعة من أهم قطاعات الاقتصاد ومقوماته وهذا ما دفع الحكومة لاتخاذ العديد من الإجراءات والتسهيلات والتشريعات للنهوض بهذا القطاع .
وتعتبر محافظة حمص من المحافظات المميزة من حيث تنوع إنتاجها الصناعي وذلك بسبب اتساع رقعتها الجغرافية إضافة لتنوع مناخها الذي يوفر المواد الأولية المتنوعة كما أن موقعها المتوسط للمحافظات السورية وسهولة النقل منها واليها يجعل منها حاضنة هامة للكثير من الصناعات .
فما هو واقع الصناعة في محافظة حمص بعد عودة الأمن والأمان إلى ربوعها بفضل تضحيات الجيش العربي السوري , وطرد المجموعات الإرهابية المسلحة من أراضيها ؟ وما هي أهم الصناعات في هذه المحافظة ؟ وبماذا تمتاز عن غيرها ؟ و الإجراءات الحكومية المتخذة لعودة الصناعة إلى ألقها ؟…
يتعافى بشكل سريع
أسئلة عديدة أجابنا عنها مدير الصناعة في حمص بسام السعيد الذي أكد أن واقع الصناعة في محافظة حمص يتعافي بشكل سريع بعد تحرير المدينة من المجموعات الإرهابية على يد الجيش العربي السوري عام 2014 حيث عادت 163 منشأة صناعية كانت متوقفة بسبب الحرب إلى العمل خلال عام 2017 كما أحدثت 24 منشأة صناعية جديدة في نفس العام ,وخلال عام 2018 بلغ عدد المنشآت التي عادت للعمل 235 منشأة كما بلغ عدد المنشآت التي أحدثت ودخلت مرحلة الإنتاج 50 منشأة صناعية وخلال النصف الأول من العام الحالي 2019 بلغ عدد المنشآت التي عادت إلى العمل 199 منشأة بينما بلغ عدد المنشآت المحدثة 32 منشأة صناعية, وبهذا يكون العدد الكلي للمنشآت الصناعية المنتجة في المحافظة 710 منشآت صناعية, كما بلغ مجموع عدد الحرف 2200 حرفة صناعية ..
وأضاف : من خلال هذه الإحصائيات يظهر مدى التعافي في القطاع الصناعي في المحافظة , وهناك أيضاً مؤشرات أخرى تدل على تعافي هذا القطاع , مثل وجود عدد جيد من المنشآت التي دخلت مرحلة الإنتاج خلال الأشهر الثمانية الفائتة من هذا العام , وبلغ عددها 60 منشأة صناعية , كما بلغ عدد المشاريع المرخصة خلال نفس الفترة 45 مشروعا صناعيا وبنسب تنفيذ مختلفة , منوها أن هذه المنشآت المنفذة والمرخصة تؤمن 650 فرصة عمل..
كما بلغ عدد الحرف المنفذة خلال نفس الفترة من هذا العام 32 حرفة صناعية ويوجد 37 مشروعا حرفيا مرخصا ,وحالياً قيد التنفيذ وهذه المشاريع الحرفية تؤمن 210 فرص عمل ..
وأشار إلى أنه بالمقارنة بين ما تم تنفيذه في هذا العام مع نفس الفترة من العام الماضي نجد زيادة بعدد المنشآت والحرف الصناعية بما يقارب ثلاثة أضعاف وهذا مؤشر واضح بالأرقام على عودة الصناعة في هذه المحافظة وتعافيها السريع رغم ما تعرضت له من استهداف على يد العصابات الإرهابية ..
ويعود سبب هذا التعافي بحسب رأي مدير الصناعة إلى القرارات الحكومية الداعمة للصناعيين وأهم هذه القرارات منع استيراد المنتجات التي تنتج محلياً وتلبي حاجة السوق وذلك لدعم المنتج الوطني وهناك العديد من الأمثلة على هذه القرارات حيث منعت الحكومة استيراد مستلزمات الري الحديث من شبكات وغيرها كما منعت استيراد العصائر بكافة أنواعها إضافة لمنعها استيراد عبوات المراهم الطبية بسبب تصنيع هذه المنتجات محلياً وقدرتها على تغطية السوق المحلية .
تأثير الحرب على الصناعة
وعن تأثير الحرب على الصناعة في حمص بين السعيد : كان للحرب تأثير كبير على الصناعة حيث خرجت خلال الفترة الممتدة بين بداية الحرب في عام 2011 وحتى عام 2014 أكثر من 90 % من المنشآت الصناعية من الخدمة وتوقفت بشكل كامل عن الإنتاج ولكن ومع بدء التعافي في مدينة حمص وحتى هذا التاريخ عاد ما يقارب 75% من هذه المنشآت إلى العمل والإنتاج إضافةً للمنشآت الحديثة ، وساهمت الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بشكل عام ووزارة الصناعة بشكل خاص في هذه العودة السريعة ومنها تسهيل إجراءات التراخيص الصناعية حيث تم تفويض مديريات الصناعة في المحافظات بإجراء معاملات الترخيص وأصبح مدير الصناعة مفوضا بصلاحيات وزير الصناعة بما يخص منح الصناعيين القرار الصناعي والسجل الصناعي والموافقة على استيراد خطوط الإنتاج وهذا تشجيع للصناعيين بالعودة لافتتاح منشآتهم ودخول صناعات ومنشآت صناعية جديدة إلى سوق العمل .
وأضاف :ساهمت مديرية الصناعة بمواكبة عودة الحياة إلى المناطق التي تم تحريرها على يد الجيش العربي السوري من خلال دعم الصناعيين الذين تعرضت منشآتهم للتخريب والأضرار على يد العصابات الإرهابية المسلحة حيث عادت 25 % من المنشآت الصناعية في الريف الشمالي إلى العمل بعد ترميمها وإعادة تأهيلها .
لجان مختصة
وبالنسبة للخارطة الصناعية في محافظة حمص قال : تم تشكيل لجنة مشتركة بين مديرية الصناعة وغرفة صناعة حمص في الشهر الخامس من هذا العام مهمتها إجراء مسح كامل لكافة المنشآت الصناعية القائمة على مستوى المحافظة للاطلاع على واقع عمل هذه المنشآت وحالياً هذه اللجنة تقوم بعملها من خلال ملء استمارات لكل منشأة تتضمن واقع عملها من حيث طاقتها الإنتاجية ونسبة تنفيذها والصعوبات التي تعيق العمل إضافة لمقترحات الصناعيين لتذليل هذه الصعوبات للوصول إلى العمل بطاقة إنتاجية كاملة , منوها إلى أن الهدف الأسمى هو الوصول إلى تأمين الأمن الغذائي للمواطنين من خلال تنوع المنتجات التي تلبي حاجة السوق المحلية بحيث نستطيع الاستغناء عن الاستيراد وهناك توجه من الحكومة لتشجيع الصناعات الزراعية وأعطيت مزايا عديدة للمنشآت التي تعمل بهذه الصناعات منها تخفيض الرسوم الجمركية على خطوط الإنتاج المستوردة مثل معاصر الزيتون ومعامل العصائر الطبيعية ,حيث تستجر هذه المعامل كل الإنتاج الزراعي الفائض عن حاجة السوق ويتم تصنيعه وهذه المعامل استطاعت تلبية حاجة السوق إضافة لقدرتها على التصدير في الوقت الحالي , بالإضافة لتصنيع المنتجات الحيوانية من ألبان وأجبان وغيرها ,حيث يتم تصدير هذه المنتجات إلى العراق ولبنان ومؤخراً إلى الأردن وهناك معامل بطاقات إنتاجية كبيرة استطاعت تلبية حاجة السوق وأصبحت قادرة على التصدير وهذا ما انعكس بشكل ايجابي على المزارعين وتشجيعهم بالعودة إلى تربية المواشي والاهتمام بالمزروعات .
صناعات الطاقة البديلة
وأضاف : بسبب الحاجة الماسة لإيجاد بدائل عن المواد التقليدية لإنتاج الطاقة والتي تعرضنا للكثير من الضغوطات والحصار لمنعنا من الحصول عليه كالفيول نلاحظ التوجه اليوم لإنتاج مستلزمات توليد الطاقة الكهربائية من الرياح والطاقة الشمسية حيث دخلت هذه الصناعات مؤخراً في العملية الإنتاجية وخاصة في حمص حيث يتم تصنيع العنفات الريحية والخلايا الشمسية والتي وصلت نسبة تصنيعها إلى 40% من منظومة توليد الطاقة الكهربائية من أشعة الشمس , مما حقق قيمة مضافة لهذه الصناعة إضافة إلى مشاريع تجميع السيارات التي لم تكن موجودة سابقاً .
أسس ومعايير
وبالنسبة لمعايير الترخيص للمنشآت الصناعية في المدينة الصناعية أو خارجها أوضح مدير الصناعة أن مشاريع الصناعات الثقيلة أو التي ينتج عنها تلوث كبير ملزمة بإنشائها في المدينة الصناعية وهناك معايير أخرى تتعلق بالمخططات التنظيمية حيث من الممكن السماح للحرف الصناعية التي لا تحدث تلوثا أو ضجيجا بالتواجد داخل المخططات التنظيمية وفق أسس ومعايير ناظمة .
تسهيلات كبيرة لمنح القروض
ومن التسهيلات الحكومية بالنسبة للصناعيين تسهيل إجراءات منح القروض للصناعيين من حيث الضمانات المطلوبة حيث لا يتوجب في الوقت الحالي تقديم عقار بمساحات تتناسب مع قيمة القرض و يكفي أن يكون خط الإنتاج هو الضمانة وهناك سعي من الحكومة لتخفيض الفوائد على القروض بنسب كبيرة لتشجيع الصناعيين على تخطي كل العقبات أمام إقلاع منشآتهم ..
وأضاف : مديرية الصناعة تقوم بدور الوسيط بين الصناعي والمصرف حيث نقوم بوضع إشارة رهن على المعمل لمنع الصناعي المقترض من بيع خطوط الإنتاج قبل تسديد الذمم المترتبة عليه .
بالنسبة للصعوبات أوضح مدير الصناعة أن هناك العديد من الصعوبات العامة مثل نقص اليد العاملة الخبيرة وهذا ما أثر بشكل كبير على الصناعة والإنتاج وهناك توجه لافتتاح مكاتب وسيطة تستطيع توفير اليد العاملة اللازمة للمنشآت الصناعية وتدريبها ضمن مراكز تدريبية متخصصة ليتم تأهيل العمال قبل دخولهم سوق العمل ، كما يعاني الصناعيون من صعوبة تأمين المواد الأولية وخاصة غير المتوفرة في سورية نتيجة الحصار الجائر الذي تفرضه الدول الغربية وهذا ما يجعل الصناعي يضطر لتسديد مبالغ إضافية على المواد الأولية نتيجة عدم قدرته على استيرادها بشكل مباشر إضافة لصعوبة الحصول على المحروقات اللازمة لتشغيل خطوط الإنتاج بالطاقة الكاملة ورغم سماح الحكومة للصناعيين باستيراد المحروقات إلا أن هناك صعوبة لدى بعض الصناعيين بهذا الأمر لعدم قدرتهم على الاستيراد وهذا ما دفع الحكومة لتفويض غرف الصناعة باستيراد المحروقات للصناعيين غير القادرين على الاستيراد إلا أن هذا الأمر لم يتم بشكل حقيقي وفاعل حتى الآن وهذا ما دفع الصناعيين لاستجرار المحروقات من السوق السوداء المحلية .
الحرف الصناعية
بالنسبة للحرف الصناعية بين أن هناك تشجيعا كبيرا لهذه الحرف وذلك من خلال منح القروض التشغيلية وخاصة أن كثيرا من هذه الحرف تضرر بشكل كبير خلال سنوات الحرب وتوقفت عن العمل وهذا ما دفع الحكومة بتوجيه المصارف العامة والخاصة بمنح أصحاب الحرف الصناعية قروضاً تشغيلية طويلة الأمد وبضمانات مقبولة بسقف 50 مليون ليرة سورية وهذا المبلغ كاف لعودة صاحب الحرفة إلى العمل وهناك أكثر من 2200 حرفة صناعية عادت للعمل وهي متنوعة وغالبيتها حرف هندسية متعلقة بعملية إعادة الإعمار مثل حرف صناعة البلوك والقساطل ومواد البنى التحتية من مستلزمات البناء والإعمار .
دعم المنشآت
وتابع قائلا :تقوم الحكومة بدعم المنشآت التي تستطيع تصدير منتجاتها والتي تساهم بدعم الخزينة بالقطع الأجنبي مثل منشآت معامل زيت الزيتون ومنتجات الثروة الحيوانية وغيرها من خلال توفير مستلزمات العمل وبأسعار مدعومة إضافة لتخفيض الرسوم الجمركية على خطوط الإنتاج اللازمة لهذه الصناعات.
لافتا أن هناك تنوعا كبيرا في الصناعات في محافظة حمص وهذه ميزة كبيرة للصناعة في المحافظة تمتاز بها عن باقي المحافظات وأبدى تفاؤلا كبيراً بالنهوض بالصناعة في هذه المحافظة وخاصة مع عودة الكثير من الصناعيين الراغبين بالعودة إلى تشغيل منشآتهم التي كانت متوقفة إضافة لإنشاء معامل ومنشآت صناعية جديدة وتطوير خطوط الإنتاج وهذا الأمر مبشر بالخير للصناعة بشكل عام خاصة مع التسهيلات التي تقدمها الحكومة للصناعيين .
دور إشرافي رقابي
وختم مدير الصناعة بالقول: إن مديرية الصناعة تقوم بدور إشرافي رقابي بالتعاون مع الجهات المعنية على المنشآت الصناعية للتأكد من المواد الأولية والمنتجات ومؤخراً أصدر وزير الصناعة قرارا بتشكيل لجان مشتركة مهمتها زيارة كافة المنشآت الصناعية والتأكد من دلالات الإنتاج ومن واقع عملها والتقيد بالتراخيص الممنوحة وذلك لمنع التهريب والتأكد من جودة المنتجات من خلال إرسال عينات للمخابر المختصة ولكن بشكل عام لم نجد أي خلل بالمنتجات الوطنية وهذه المنشآت تعمل بشكل جيد وهذا دليل على التعافي بقطاع الصناعة بشكل عام .
أخيراً
يشهد القطاع الصناعي والحرفي في محافظة حمص انتعاشا واضحا تمثل كما ذكرنا آنفا بزيادة عدد المنشآت التي دخلت حيز الإنتاج والعمل خلال الأشهر السابقة إضافة لقيام عدد كبير من أصحاب المنشآت الصناعية والحرفية بتأهيل منشآتهم المتوقفة والمتضررة والبدء بالعمل والإنتاج وهذا من شأنه دعم اقتصادنا الوطني والنهوض به .
يحيى مدلج