الخبرات والكوادر المحلية تتميز وتصلح مئات الأطنان معمل مزج الزيوت ينجح بتصنيع البدائل المحلية والاستغناء عن استيرادها

تشكل معامل القطاع العام الدعامة المتينة للاقتصاد الوطني ومن هذا المنطلق يتوجب على كافة الجهات المعنية إيجاد السبل لتجاوز العقبات التي تعترض تقدمه وتطوره و تحقيق ربح حقيقي يعود بالنفع على الصالح العام ..
ويعتبر معمل مزج الزيوت – الوحيد في القطر- المصنِّع المعتمد لزيوت المحركات و الآليات , ومن البديهي أن نتوقع دعماً غير محدود لمنتوجاته خاصة و أنها ذات نوعية ممتازة تضاهي كل المنتوجات المماثلة على الصعيد العربي و الدولي و هو أمر موثق ….

تصاعد حقيقي في الخط البياني
و بعد تعثره لعدة سنوات في تسويق المنتجات لأسباب يشكل أهمها منافسة القطاع الخاص غير العادلة الذي لم يلتزم بالمواصفات…وبناء على إضاءات طرحتها العروبة أولاً كانت الاستجابة السريعة لابتكار أنجع السبل لدعم المعمل بالشكل الأمثل و ذلك لأن عملية التسويق ووصول المنتج إلى أكبر عدد ممكن من المستهلكين هي بيت القصيد لكل عملية إنتاجية,وهي المعيار التي يزداد وفقها الإنتاج أو يتناقص وبالتالي تتضخم الأرباح أو تتضاءل…
اليوم وفي معمل مزج الزيوت التابع لمصفاة حمص نشهد تحولاً يعتبر جيداً و تصاعداً في الخط البياني لعمليات التسويق وتسارع في سير العملية الإنتاجية خاصة مع وجود الخبرات المحلية الكفوءة والآلات و المعدات و كل مستلزمات الإنتاج للخروج بمنتج يحقق مواصفات اقرب ما تكون للمثالية , و مع تحرير العملية التسويقية من كثير من الإجراءات الروتينية التي كانت تقيدها ,نشهد اليوم تحسناً كبيراً بكميات المبيعات .
منتج نموذجي
و في تصريح للعروبة ذكر مدير المعمل الدكتور صبحي الحسن أنه و قبل سنوات كان منتج معمل مزج الزيوت يغطي نصف حاجة السوق و بسبب ظروف الحرب تراجع دور المعمل إلى الثمن و تسبب هذا الأمر بخسارة الملايين خاصة و أن المنتج يعتبر نموذجياً من حيث الجودة.
و أضاف : منذ بداية العام الحالي و بجهود جماعية مخلصة و بتوجيهات حكومية جادة شهدنا اهتماماً كبيراً بالمعمل كونه مؤسسة إنتاجية اقتصادية رابحة على مستوى القطر ونفذت التوجيهات ليتم رفع سوية التسويق و الإنتاج نوعاً و كماً ..
تنشيط التسويق عبر سادكوب
وأضاف: تم تنشيط عملية التسويق في شركة المحروقات و اتخذت مجموعة إجراءات لم تكن موجودة سابقاً من فتح حصص الرخص للمواطنين و الترويج بطريقة جديدة للمادة من خلال مستودعاتها ومحطات الوقود التابعة لها في المحافظات , وبدأ المنحى البياني لتسويق المعمل يرتفع تدريجياً إلى أن ارتفع عن السنوات السابقة بنسبة 15% و هي نسبة لابأس بها والقادم أكثر ونحن نتطلع إلى تسويق يصل 100% من كميات الإنتاج.
و ذكر الحسن أن تحسين سوية التسويق و رفعه إلى 24 ألف طن حقق لوزارة النفط بشكل عام أرباحاً تتجاوز الخمسة مليارات , فكيف سيكون الحال عندما يكون التسويق بشكل أفضل و أوسع؟
الاعتماد على الذات
وأضاف: في ظل ظروف الحصار الاقتصادي الجائر المفروض على بلدنا و صعوبة تأمين القطع الأجنبي للاستيراد و الارتفاع الجنوني بالأسعار تبنت كوادر المعمل أفكاراً خلاقة بالاعتماد على الذات و مايتوفر من إمكانيات, وركزت كل الجهود للاهتمام بالنوعية و الجودة بهدف إنتاج زيوت كانت تستورد لصالح شركات القطاع العام أولاً ,واستطاعت إنتاج مجموعة زيوت كانت تستورد سابقاً من شركات عالمية , وكانت هذه الخطوات فعالة و حققت أرباحاً ضخمة أولها ضمان عدم توقف عدد كبير من المعامل منها معمل غاز جنوب المنطقة الوسطى حيث كان بحاجة لزيوت حرارية خاصة و بنقطة غليان مرتفعة , وهذا النوع من الزيوت لم يكن من الأنواع التي ينتجها المعمل بسبب درجة البارمتر أو القرينة , و تم التواصل مع زملائنا في حقول المنطقة الوسطى وأحضرنا عينات و بالتعاون معهم بدأنا بإجراء تجارب مخبرية لأكثر من عينة مع مزيج من المادة الأجنبية و المادة المحلية, فتبين أنه بإمكاننا رفع هذه القرينة أو البارمتر إلى الحدود المطلوبة و أعلى منها و أنتج الزيت بتكلفة تقدر بحدود 20% من التكلفة التي كان سيتم استيرادها حيث كانت تقدر تكلفة الاستيراد بمبلغ يصل إلى 225 مليون ل.س تقريباً و تمكنا من إتمام عملية الإنتاج بكلفة 75 مليون ل.س و سلمت الدفعة الأولى منذ فترة وجيزة إلى معمل غاز المنطقة الوسطى..
مشيراً إلى أن حجم التوفير يتجاوز 175 مليون ليرة لنوع واحد من الزيوت علماً أن الحاجة له بشكل دائم و هو عبارة عن وسيط حراري ، و معمل غاز المنطقة الوسطى بحاجة له بشكل دائم و بكميات تتناسب مع حجم زمن عمل الضاغط .
رفع الجودة و الاستغناء عن الاستيراد
و أوضح الحسن أن جهات عمل أخرى كانت تستورد زيوت قطع خاصة و زيوت تبريد تمكنت كوادر المعمل من إنتاجها بعد تجارب استمرت أكثر من شهر و حالياً نحن بصدد التوجه لإنتاج زيوت نوعية خاصة و رفع الجودة التقليدية .. خاصة و أننا مقبلون على مرحلة تعاف اقتصادي و ستدخل إلى القطر آليات و سيارات حديثة تحتاج إلى زيوت ذات مستوى أداء أعلى و قمنا الآن بوضع البرامج و أنتج أغلبها من زيوت 5W30 متعدد الدرجات و 10W40 و 5W20 وكلها بهدف محاكاة تطور ورود الآليات الجديدة , مشيراً إلى أن الكوادر تمكنت من تحقيق نتائج مبهرة تساعد في توسيع قاعدة انتشار زيوت مصفاة حمص على مستوى القطر ..
الأول بالأسواق
و تحدث الحسن عن محاولات التشويش على نوعية المنتج و التي شكلت تحدياً حقيقياً خلال سنوات الحرب و بسبب الفرق بالأسعار و الذي لم يتبين المستهلك سببه الحقيقي علماً أنه يعود لسوء نوعية المستورد بشكل رئيسي و لكن و لفترة سنوات و لضعف التسويق انخفضت ثقة المستهلك بمنتجاتنا و لكن خلال عام و نصف أعيدت الثقة المطلقة من قبل المستهلك بعد أن أثبتت هذه الزيوت أنها الرقم الأول في الأسواق ..
و أوضح الحسن أنه من المهم نشر الوعي و التثقيف حول الزيوت المستوردة, والتي فرضت عليها مؤخراً ضريبة مالية قدرها 500 ل.س لكل كيلو غرام ,وهو إجراء يحد من دخول الزيوت ذات النوعية السيئة إلى البلد لأنها لن تجد التصريف في الأسواق بوجود منتج جيد النوعية ..
و أضاف: كان لفرض الضريبة المذكورة عدة إيجابيات أهمها الحد من دخول النوعيات السيئة بالإضافة لإدخال أرقام مالية كبيرة لصالح خزينة الدولة و رفد السوق بمنتجات مستوردة ذات نوعيات جيدة تخلق حالة من التنافس الذي ينعكس إيجاباً على مصلحة المستهلك و يؤدي للاستمرارية و رفع مستوى الجودة .
و أشار الحسن إلى أن الكوادر في جهات القطاع العام تتطلع إلى مرحلة إعادة الإعمار, وقد تصل حاجة السوق إلى 150-180 ألف طن من الزيوت سنوياً , وفي المعمل تم وضع الركيزة الأساسية لتوسيع الطاقة الإنتاجية لحدود 180 ألف طن مما يؤدي إلى تحقيق أرباح كبيرة…
مضاعفة كميات الإنتاج
و أضاف :سنبدأ مع نهاية هذا العام بإنشاء وحدة مزج أوتوماتيك جديدة ستعمل بشكل أوتوماتيكي وبطاقة إنتاجية تصل إلى 80 ألف طن أما الوحدة الموجودة حالياً فهي بطاقة إنتاجية تصل إلى 70 ألف طن أي أن المجموع 150 ألف طن و هي كميات سيتم إنتاجها خلال عام ونصف ستكون جاهزة لتغذية السوق المحلية وحجز الريادة في دعم عملية إعادة الإعمار خاصة و أن موضوع الزيوت مهم جداً في حركة الآليات و الشاحنات وسيارات النقل لذلك سيكون هناك استهلاك كبير من هذه الزيوت..
و أشار إلى أن كوادر المعمل قامت بإنشاء خط بصناعة محلية يعمل بشكل أوتوماتيكي مجهز بكل تجهيزاته وبتكلفة مالية لاتتجاوز 20 مليون ليرة فيما لو تم استيراده كان الحد الأدنى للتكلفة 100 مليون ل.س لينتج تقريباً بالساعة 950 عبوة معبأة جاهزة من زيت الفرامل سيوضع بالخدمة في السابع و العشرين من الشهر الحالي ..
و أكد أن كل ما تم إنجازه خلال الفترة الماضية كان بخبرات محلية بحتة من كوادر ومهندسي وعمال المعمل و لهم الأيادي البيضاء في تحسن الحالة العامة للإنتاج ..
وأشار الحسن إلى أنه وبسبب ظروف الحرب وخروج مساحة كبيرة من الأراضي الزراعية و انخفاض عدد الآليات العاملة و تواجد العصابات الإرهابية لفترة من الزمن في عدد من المناطق انخفضت المبيعات في عام 2017 إلى 7 آلاف طن في حين ارتفعت في العام الماضي إلى 19 ألف طن تقريباً و نحن الآن قريبون من الوصول إلى 24 ألف طن من التسويق و ذكر أن الطاقة الإنتاجية حالياً 60 ألف طن .
مخبران لمراقبة الجودة
و يتم حالياً التنسيق مع وزارة التجارة الداخلية للقيام جولات تموينية لفحص كافة الزيوت المنتشرة بالأسواق و تم تخصيص مخبرين الأول في معمل مزج الزيوت ومخصص للمنطقة الوسطى و الساحلية و الثاني مخبر البحوث العلمية في دمشق للمنطقة الجنوبية لإجراء كامل التحاليل اللازمة ..
مشيراً إلى أنه ليس هناك رقم دقيق يظهر حجم استهلاك السوق بشكل دقيق لكنه يتأرجح بين 90 ألف طن و أحياناً ينخفض بسبب محدودية حركة الآليات , ويستطيع المعمل تزويد السوق بكمية تصل إلى 65 ألف طن حالياً وهي تشكل 80% من الحاجة الفعلية..
مؤكداً أنه يتم ترك هامش لمعامل القطاع الخاص لتأخذ دورها و تساهم في دعم الاقتصاد المحلي وتوفير آلاف فرص العمل من خلال القيمة الفائضة وتشغيل معامل الكرتون والنايلون وغيرها..
وأوضح الحسن أن المعمل يلتزم خلال عمليات الإنتاج بشهادات معهد البترول الفرنسي من جهة المواصفات و هي أعلى أنواع الزيوت جودة , و في المعمل مخبر متطور يمكن من خلاله قياس كل القرائن اللازمة بقيمتها العظمى,و أضاف: لأن المعمل قطاع عام لا يمكن إنتاج أي مادة إلا بالجودة العالية وفق المواصفات و المقاييس العالمية , وهي شروط لايلتزم بها كثيرون..
و أكد الحسن أنه يتم العمل مع شركة المحروقات لدراسة حركة التسويق كل ثلاثة أشهر أو كل شهر ونعمل على تحقيق تواصل مستمر لسد الثغرات و تعزيز الإيجابيات وتمكنا منذ بداية العام الحالي و حتى تاريخه من تسويق أكثر من 19 ألف طن ومن المتوقع أن يصل حجم الكميات المسوقة إلى 24 ألف طن
إصلاح زيوت قديمة
و أشار الحسن إلى أنه يتم التواصل مع كافة شركات القطاع العام و مستودعات سادكوب لفحص جميع كميات الزيوت الراكدة و التي انتهت مدة تخزينها و التي تتجاوز الست سنوات و كانت سابقاً تباع بالمزاد العلني على أنها زيوت محروقة و بسعر 200-300 ليرة للكيلو و هي خسارة كبيرة , حيث يفيد التعميم إلى أنه يمنع بيع هذه الزيوت دون الرجوع للمعمل و أخذ عينات و فحصها و إجراء تجارب و ما هي المواد اللازمة لإعادة تأهيلها كأنها منتج جديد ..
وأشار إلى أن المعمل تمكن من إصلاح كميات كبيرة من الزيوت لجهات متعددة منها معمل الإسمنت ومعمل حديد حماة وصلت الكميات التي تم إصلاحها إلى 600 برميل بالإضافة لإصلاح 100 طن لزيوت كانت مخزنة في مستودعات شركة المحروقات ولاقت هذه الخطوة صدى إيجابياً كبيراً و حققت وفراً مادياً جيداً لايقل عن 60 مليون ل.س .. مؤكداً أنه لا يتم التعامل مع الزيوت المحروقة أو المستهلكة لأنها تؤدي إلى خفض سوية الجودة ..
الاستغناء عن الاستيراد
وأوضح أن المعمل في العام الماضي تمكن من إنتاج عشر أنواع زيوت جديدة كلها كانت تستورد سابقاً و بعد إنتاجها محلياً وبنوعيات متميزة تم إيقاف استيرادها بشكل كامل و حققنا بذلك وفراً اقتصادياً لايستهان به .
مؤكداً أن كوادر المعمل لن تقف عند حدود صناعة أي نوع من أنواع الزيوت وهي مستعدة لإنتاج نوعيات تناسب أحدث الآليات الموجودة في القطر.
و أوضح الحسن أن مانع التجمد المنتج في معمل الزيت حالياً هو من أجود الأنواع المنتجة عالمياً , ونسبة النقاوة فيه 99,9% و درجة التجمد تصل إلى ناقص 24 درجة مئوية وكوادرنا قادرة لزيادتها إلى ناقص خمسين مع توفر كل المواد اللازمة من مانع تأكسد ومانع صدأ ومانع تآكل أي أن المنتج يحقق حماية حقيقية للدارة و مدة تخزينه في الدارة 3 سنوات وبالتخزين بالمستودعات 6 سنوات .
وأضاف بأن بأسعار منتجات المعمل تقل عن أسعار السوق بنسبة تصل إلى 50% حيث يبلغ سعر عبوة الزيت 4 ليتر 5800 ل.س بينما تتراوح أسعار الزيوت الأخرى بين 8-9 آلاف ل.س وهو دعم مجد للمستهلك .. و أضاف : تم طرح منتج مانع التجمد بالسوق من العام الماضي و نجهز حالياً عبوات بسعة واحد ليتر لتكون سهلة الاستعمال من قبل المستهلك مؤكداً على توفر عبوات بسعة أربعة ليتر بالإضافة إلى البراميل بسعة 225 كيلو ..
دعم حكومي
و أكد الحسن أن المعمل يحظى بدعم حكومي منقطع النظير و لم يتم رفض أي طلب بما يخص التطوير والتحديث و ذلك انطلاقاً من المكسب الاقتصادي المهم الذي يمكن تحقيقه إذا تم تجاوز الأعمال الروتينية و غيرها ..
و أشار إلى أنه تم دعم المعمل بالمبالغ المالية اللازمة لعدة مشاريع منها خط إنشاء الشحن و خط الفرامل و وحدة المزج ..
و عن جديد المعمل ذكر الحسن أن الخط الجديد هو خط زيت الفرام و الذي أنتج منه مخبرياً كمية تجريبية تصل إلى طن واحد تقريباً و بخبرات محلية بحتة , لكن نحتاج حالياً لخط إنتاج آلي ومن المقرر أن يتم وضعه في الخدمة بتاريخ 27 من الشهر الحالي أي يوم غد.
محمد بلول

المزيد...
آخر الأخبار