مستلزمات العملية التعليمية بين أخذ و رد .. نشر ثقافة الكتاب المدرسي وأهمية الحفاظ عليه لإعادة تدويره في العام التالي
بعد مضي أكثر من شهر على بداية العام الدراسي ، وانطلاق العملية التدريسية في مدارسنا نتساءل : هل تسير العملية التعليمية بالشكل المطلوب بدون أية منغصات ، وهل وفرت مديرية التربية كل المستلزمات الضرورية لهذه العملية ؟
عن واقع التعليم والتدريس في مدارسنا، قمنا بجولة على بعض مدارس ، الحلقة الأولى والثانية ,ومدارس ثانوية لتسليط الضوء على مدى توفر مستلزمات العملية التعليمية فيها والصعوبات التي تواجه هذه المدارس والتي تؤثر بشكل سلبي على سيرالعملية التعليمية بشكل جيد .
كثافة طلابية
أشار عدد من مدراء المدارس الذين التقيناهم إلى أن الواقع التدريسي مستقر ، ولكن هناك بعض الإشكاليات التي تتعلق بنقص عدد المعلمين و نقص في المقاعد والخزائن الصفية وبالوسائل الإيضاحية، وبعدد الحواسيب ، والمعاناة الأكبر تتعلق بعدم استلام بعض الكتب المدرسية خاصة كتب اللغة الانكليزية الصف الثالث ، ووجود أعطال في الآلات الموسيقية .. فيما تعاني بعض المدارس أيضا من الكثافة الطلابية والتي تنعكس سلباً على سير العملية التعليمية من مسألة الدوام النصفي ، مع الأمل في معالجة هذا الموضوع .
تأخير في بعض الكتب
فيما تحدث بعض الطلاب عن صعوبة المناهج الدراسية المقررة ، والتي تزداد صعوبة مع كل تغيير في المنهاج ، وعدم توفر الوسائل الإيضاحية التي تساعدهم في فهم الدروس .
فيما أشار البعض منهم إلى وجود كثافة طلابية كبيرة لا تتلاءم مع تدريس المنهاج الحديثة في المدارس وهذا الأمر يؤثر عليهم بشكل سلبي وعلى فهمهم واستيعابهم .
في مدارس الريف …
ليس من المتوقع أن يكون الريف أفضل حالا فيما يتعلق بالمسألة التعليمية من المدينة . وفي جولة للعروبة على بعض قرى الريف الشرقي كانت لنا لقاءات مع بعض المدراء والمدرسين وبعض أهالي الطلاب .
معظم من التقيناهم من الأهالي أكدوا أن همهم الأول والأخير هو أن يتعلم أبناؤهم بشكل جيد ودون منغصات مع وجود المستلزمات الأساسية للتعليم .
إحدى الأمهات قالت : عندما يذهب ولدي إلى المدرسة لا أجعله يحتاج شيئا ، فأنا أقوم بتأمين قلم السبورة ، وأشتري له بعض الكتب التي قد تكون سلمت له وهي تالفة نتيجة تكرار استخدامها من قبل تلاميذ قبله في السنوات السابقة «مدورة» ، ففي مرحلة التعليم الأساسي يتم توزيع الكتب مجانا على التلاميذ.
سامية – أم لثلاثة أبناء في مرحلة التعليم الأساسي قالت : منذ سنوات وأنا لم أسمع من أولادي أنهم يلعبون كر ة القدم بإحدى الكرات المخصصة لذلك ،والتي يجب تواجدها مع باقي الألعاب فيما يسمى « غرفة الألعاب « في المدرسة ، والأمر ينطبق أيضا على الآلات الموسيقية والتي نادرا ما يسمع بها التلاميذ ، وهذا الأمر ليس بجديد فمدارس الريف فيها من الإهمال في هذا المجال الكثير رغم أن الفنون بأنواعها هي نوع من التعليم الذي يوازي في أهميته العلوم الأخرى .
« التعاون ..والنشاط » مبلغ مساعد
مديرة إحدى الثانويات قالت : في ظل الأوضاع التي عشناها منذ عدة سنوات فإن ما هو متوفر من مستلزمات مدرسية تساعد في العملية التعليمة يعتبر جيدا وقد طالبنا منذ بداية العام الدراسي من مديرية التربية بعض اللوازم ، و لبت طلبنا ، ولكن هناك بعض المستلزمات يتم تأمينها من المبلغ الذي يتم تحصيله من الطلاب والذي يسمى « التعاون والنشاط « وهو مبلغ رمزي لا يتجاوز ( 125 ) ليرة سورية ، ولكن تجاوزا يتم أخذ (500) ليرة سورية لتأمين أقل ما يمكن من المستلزمات ، فهذا المبلغ مقسم إلى شقين : التعاون وهو ما يتعلق بتأمين الورق الخاص بالامتحانات كأوراق الأسئلة التي تحتاج إلى طباعة أو أوراق الإجابة ، والشق الثاني : النشاط وهو مخصص لتأمين مواد الأنشطة الرياضية ، وبهذا المبلغ الضئيل الذي يتم جمعه من الطلاب لا يمكن تأمين سوى كرة قدم أو ربما كرتين ، أما باقي المستلزمات من وسائل إيضاح أو أثاث أو غير ذلك فيتم تأمينه من مديرية التربية .
الموافقة .. وتأمين واسطة نقل
مديرة إحدى مدارس التعليم الأساسي قالت : منذ العام الماضي ومدرستنا بحاجة إلى مقاعد للدراسة نظرا لأن العدد الموجود لا يكفي وقد طلبنا من مديرية التربية رفدنا بعدد منها وجاء الرد بالموافقة ، ولكن المشكلة التي واجهتنا أن على المدرسة تأمين واسطة نقل لجلب المقاعد من المدينة ، وهذا يشكل عبئا كبيرا علينا ، وأيضا قد لا يقبل أهالي الطلاب أن يساهموا بمبلغ محدد لتأمين أجرة السيارة التي بدورها قد تتعرض لبعض المشاكل والتي يكون سائقها بغنى عنها ، ولهذا وحتى الآن لم يتم تأمين هذه المقاعد ، أما بالنسبة لباقي الأمور فهي موجودة كالوسائل التعليمية والتي تساعد كثيرا في استيعاب الدروس وفهمها .
تحضيرات واستعدادات
وللإطلاع بشكل أكبر على موضوع تأمين المستلزمات التعليمية والاستعدادات التي تم تحضيرها للعام الدراسي التقينا أحمد الإبراهيم – مدير التربية في حمص فقال : استعداداً لانطلاقة العام الدراسي 2019 -2020 اتخذت مديرية التربية الإجراءات من أجل تأمين الغرفة الصفية وفي هذا السياق تم افتتاح ما يقارب 17 مدرسة في الريف والمدينة ، وافتتاح مدرستين في تدمر «قصر الحير» ، وأذينة حلقة أولى وثانية ، وزودت هذه المدارس بالأثاث اللازم ضمن الإمكانيات المتاحة .
كما تم تزويد المدارس بالكادر التعليمي وانطلقت العملية التدريسية منذ الأسبوع الأول لانطلاق العام الدراسي ، كما تمت صيانة ما يقارب أربع مدارس وهي : عقبة بن نافع – في الرستن ، وحليمة السعدية – الرستن ، والنهضة في المدينة ، والوليدية في المدينة بمبلغ قدره 87 مليوناً و 446 ألف وستمائة وعشرون ل.س ، ويتم حالياً المباشرة بصيانة المدارس التالية : عبد القادر الحلاق – حلقة ثانية تلدو ، موسى بكور- حلقة أولى تلدو ، رياض الحمود الريفية – حلقة أولى مهين ، نصر قبلان – حلقة أولى كفرلاها ، غيث القاسم – حلقة أولى كفرلاها ، عبد الحليم الرستم – سكرة ، طلال كاظم – حلقة أولى الثابتية ، محمد رمضان مطر – حلقة أولى تير معلة وتير معلة الجديدة – حلقة أولى تير معلة ، وحسياء حلقة ثانية . بمبلغ مقداره 146 مليون و 558 الفا و535 ل.س ، وسيتم المباشرة بأعمال الصيانة لعدد من المدارس في الريف والمدينة بعد تصديق العقود من بند لجنة الإعمار ، وقد رصد لهذه المدارس مبلغا وقدره ( 206 ) ملايين ل.س ،و وضعت خطة لصيانة المدارس بعد تحرير هذه القرى من رجس الإرهاب الحاقد التكفيري على يد بواسل الجيش العربي السوري وعودة الأمن والأمان لربوع بلدنا وعودة الأهالي إلى تلك القرى ، وهذه الصيانات منها صيانات اسعافية متوسطة وصيانة شاملة (التركيز على الأساسيات ) وصيانة هذه المدارس يساعد على التخفيف من الكثافة الصفية والدوام النصفي.
معالجة الدوام النصفي
وفيما يخص الدوام النصفي قال : لقد وضعت وزارة التربية خطة لمعالجة الدوام النصفي وإجراء صيانات اسعافية متوسطة وشاملة للكثير من المدارس التي دمرها الإرهاب، وعودة هذه المدارس للخدمة خفف من الدوام النصفي في الريف والمدينة . وفيما يخص نقص المقاعد قال مدير التربية: لقد تلافينا هذه المسألة من خلال ورشة للمقاعد في مديرية التربية تقوم بإنتاج 30-40 مقعداً يومياً ،ونسعى إلى تأمين المقاعد من خلال تدوير حديد المقاعد القديمة وذلك بإعادة إكسائها بالخشب الجديد وهذا ما يوفر علينا مبالغ مالية كبيرة .
وفيما يخص نقص الكادر التدريسي قال : يتم تكليف وكلاء من حملة المؤهلات العلمية معلم صف – مناهج – رياض أطفال وتاريخ – جغرافية – فلسفة – لغة عربية لمن يرغب وهناك بعض الاختصاصات العلمية ( علوم – رياضيات ) وتمت معالجتها من خلال تكليف عدد من حملة الإجازات الجامعية في هذه الاختصاصات بنظام العمل بالساعات.
وبالنسبة لنقل المعلمين قال: هناك أسس للتشكيلات وهذه الأسس نصت على أن يكون من تعين داخل الملاك حديثاً في المناطق الأبعد عن مركز المحافظة حسب الدرجات التي استحقها أثناء إجراء المسابقة وبالتالي على المدرسين والمعلمين الذين يتعينون في المناطق النائية الذهاب لمدارسهم وإلا يتعرضون للعقوبات حسب الأنظمة المنصوص عليها .
المناهج المطورة
وبالنسبة لتغيير المناهج المطورة قال : المناهج المطورة مناهج حديثة ومميزة تستند على طرائق تعليمية حديثة من التعليم التعاوني والتعليم الكشفي والتعليم البحثي والفريقي ، والتعليم الحواري وتعليم مهارات الحياة وهذه المناهج تستند إلى توظيف تقنيات التعليم المتمثلة بالحاسوب والانترنت ، وفي السنوات الماضية تم تزويد معظم مدارسنا بالوسائل التعليمية أما المدارس التي افتتحت حديثاً سيتم تزويدها ضمن الإمكانيات المتاحة بمديرية التربية ورغم ظروف الحرب الإرهابية الحاقدة التي مرت على بلدنا وأدت إلى خسائر كبيرة في القطاع التربوي وصل لحدود 200 مليار ليرة من أبنية مدرسية وأثاث وتدمير للمختبرات والمقاعد وتقنيات التعليم والقاعات الحاسوبية من خلال الأعمال الإرهابية التي قام بها أعداء العلم والحياة وفي ظل هذه الظروف الصعبة استمرينا بالعمل من خلال افتتاح المدارس والمحافظة على الدوام ، واستمرارية أبنائنا على مقاعد الدراسة ليجسد معلمونا إرادة الصمود وحب الوطن وأولياء أمور التلاميذ عندما يوجهون أبنائهم للذهاب إلى المدرسة رغم قذائف الحقد والإرهاب وارتقاء عدد من الشهداء من طلاب ومعلمين وهذا سر صمودنا وانتصاراتنا العظيمة في دحر الإرهاب وعودة الأمن والأمان لربوع بلدنا بفضل تضحيات جيشنا الباسل الذي يسطر أروع ملاحم البطولة في دحر الإرهاب الحاقد ونحن واثقون بحتمية النصر بفضل انتصارات جيشنا البطل وحكمة السيد الرئيس بشار الأسد الذي يقود الوطن بحكمة واقتدار وهذا الوطن هو ذاتنا وعلينا أن نعمل بكل إخلاص وصدق من أجل الارتقاء بعملنا وتحسينه وتطويره بما يوازي تضحيات جيشنا العظيم .
العنصر الأهم
وبما أن الكتاب المدرسي هو العنصر الأساس والأهم في العملية التدريسية فقد التقينا سمير عباس – مدير فرع حمص للطباعة والذي تحدث عن واقع الكتب المدرسية في المؤسسة العامة للطباعة فرع حمص للعام الدراسي 2019 – 2020 قائلاً: أنهى فرع حمص الاستعداد لتأمين الكتاب المدرسي لجميع مراحل التعليم العام ( أساسي وثانوي ) والتعليم المهني بفروعه ( الصناعي – التجاري – النسوي ) إضافة لمرحلة تعليم رياض الأطفال للعام الدراسي 2019 -2020 حيث بلغت حاجة فرع حمص مليونين وثمانمائة وستة وثلاثين ألفاً وستمائة وثلاثة وسبعين كتاباً( ويتم تقدير حاجة المحافظة من الكتب المدرسية عن طريق تشكيل لجنة مشتركة من فرع المؤسسة العامة للطباعة ومديرية التربية) والتي يتم استجرارها من المستودعات المركزية والمؤسسة العامة في دمشق واللاذقية .
مشروع تطوير المناهج
واستكمالاً لمشروع تطوير المناهج التي تقوم به وزارة التربية والذي يهدف إلى مواكبة عملية تطوير وتحديث العملية التربوية في وزارة التربية فقد تم تغيير مناهج الصفوف الأول والرابع والسابع والعاشر ( تعليم عام) للعام الدراسي 2017 -2018 كمرحلة أولى وفي المرحلة الثانية تم تغيير مناهج الصفوف الثاني والخامس والثامن من مرحلة التعليم الأساسي والثاني الثانوي بفرعيه العلمي والأدبي للعام الدراسي 2018 – 2019 وفي هذا العام تم تنفيذ المرحلة الثالثة والأخيرة للصفوف الثالث والسادس والتاسع من مرحلة التعليم العام والثالث الثانوي بفرعيه العلمي والأدبي للعام الدراسي 2019-2020 ووصلت نسبة الكتب في مقر الفرع القادمة من المستودعات الرئيسية في دمشق واللاذقية حتى بداية العام الدراسي 3ر96% وباقي بعض العناوين يتم استلامها وتوزيعها تباعاً حين ورودها ،وهذه الكتب هي كتاب اللغة الانكليزية للصف الأول كونه منهاج جديد حيث وصل إلى مستودعاتنا بعد مضي ثلاثة أسابيع من بدء العام الدراسي ، وقد تم توزيعه مباشرة إلى المدارس ، إضافة إلى كتاب تدريبات الصف الثالث الابتدائي حيث وصل إلى مستودعاتنا منذ أسبوع وتم توزيعه على المدارس إضافة إلى بعض العناوين في التعليم المهني ( كتب نظرية) سيتم توزيعها فور وصولها .
المستودعات الفرعية
تم توزيع الكتب الموجودة على المستودعات الفرعية التي تغطي المحافظة والبالغ عددها 29 مستودعاً منها 11مستودعاً في جب الجراح ،المخرم ، المشرفة ، الرستن ، الرقاما ، القبو ، شين ، حديدة ، تلكلخ ، تلحوش ، مرمريتا ، وهناك 10 مستودعات تغطي المدينة وهي : نظير النشيواتي ( منطقة الزهراء / ابتدائي وإعدادي وثانوي ) ، منطقة الدبلان ( ابتدائي ، إعدادي ، ثانوي ) ، جميل سرحان – منطقة عكرمة / ابتدائي فقط . ميسلون ( منطقة عكرمة / إعدادي وثانوي ) مستودع التعليم المهني التجاري مستودع التعليم الصناعي إضافة إلى ثلاثة مستودعات رئيسية في مقر الفرع ومستودع للمدارس الخاصة ( منطقة الدبلان ) ونتيجة لعودة الأمن والأمان لكافة المناطق التي كانت تعاني من العصابات الإرهابية وبفضل جهود وبسالة الجيش العربي السوري تم إعادة فتح مستودعات القصير وتلبيسة والرستن وتدمر والقريتين ( علماً أنه لم تتوقف عملية إرسال الكتب المدرسية إلى جميع هذه المناطق بالتعاون مع منظمة الهلال الأحمر السوري والمجتمع الأهلي في المحافظة طوال الفترات السابقة فعودة هذه المناطق إلى حضن الوطن ، وعودة المهجرين أدى إلى زيادة حاجة المحافظة من الكتاب المدرسي وهذه الحاجة يتم رصدها وتوثيقها مع مديرية تربية حمص وإرسالها إلى الإدارة العامة ليتم استدراجها وتوزيعها عند ورودها ولتاريخه تم رفع زيادة حاجة بعض الصفوف إلى 4000 نسخة وتم تأمينها من المستودعات المركزية وبالتالي يتم توزيعها على المدارس التي تستقبل الطلاب العائدين إلى المحافظة.
وتبقى المشكلة الأساسية بما يخص الكتاب المدرسي هي الكتب المدورة من الصف الرابع إلى الصف التاسع من مرحلة التعليم الإلزامي حيث نصت التعليمات الوزارية على تدوير الكتاب المدرسي لمدة عامين ومعنى التدوير استلام الكتاب المدرسي من الطالب ( المسلم جديد ) في نهاية العام الدراسي والاحتفاظ به من قبل المدرسة وإعادة توزيعه على الطلاب في العام المقبل حيث أن معظم الأهالي يرغبون بتدريس أولادهم بكتاب جديد وخصوصاً أن الكتاب المدور غالباً ما يكون عليه الحلول ولهذا لابد من تسليط الضوء على موضوع هام جداً وهو مسؤولية مشتركة وواجب على الجميع المدرسة والأهل والطالب والأهم الإعلام، وذلك من خلال نشر ثقافة مجانية التعليم ونشر ثقافة الكتاب المدرسي من حيث الحفاظ عليه وعدم الكتابة بالقلم الأزرق إضافة إلى تجليده لحفظه من التلف لأنه سيتم تدويره وتوزيعه لطالب آخر واعتبار الكتاب المدرسي ثروة وطنية الحفاظ عليها مسؤولية الجميع .
منار الناعمة – هيا العلي