انتشار ظاهرة شراء مياه الشرب من السيارات الجوالة ..المياه المعبأة في العبوات البلاستيكية «البيدونات» مجهولة المصدر

تنتشر وبكثرة ظاهرة شراء مياه الشرب من السيارات الجوالة والتي يدعي أصحابها أن المياه المعبأة في تلك «البيدونات» البلاستيكية من مصادر موثوقة مثل نبع الدريكيش أو بقين أو الفيجة وغيرها من الينابيع المنتشرة في مختلف محافظات القطر .. والسبب برأي المواطنين الذين يقومون بشراء المياه يعود لنسبة الكلور العالية في مياه الشبكة العامة إذ تحولت عمليات بيع المياه إلى ظاهرة تحتاج إلى تنظيم و ضبط الأمور فيها ، حرصا على سلامة المواطن أولاً و أخيراً و لذلك كان لا بد من التقصي عن أسباب انتشار هذه الظاهرة و مدى نظافة المياه و خاصة أن كل طرف سواء بائعي «البيدونات» أو مؤسسة المياه يشد الحبل لطرفه…

ارتفاع نسبة الكلور
التقينا عدداً من المواطنين ممن يشترون المياه من الباعة الجوالين و جميعهم قالوا أن سبب لجوئهم لاستخدام هذه المياه هو ملاحظتهم ارتفاع نسبة الكلور في شبكة المياه العامة بالإضافة إلى وجود بعض الشوائب فيها و خصوصاً أثناء استعمال الماء لغلي الشاي وبعض المشروبات الساخنة الأخرى فتكون الماء معكرة ،الأمر الذي يضطرهم إلى شراء المياه بشكل أسبوعي
إحدى السيدات قالت : لا نستطيع شرب أي من المشروبات الساخنة وخاصة الشاي ما لم تكن المياه المستخدمة صافية ، ومياه الصنبور في أكثر الأوقات تصل تكون معكرة و طعمة الشاي مثلا غير مستساغة على العكس تاماً ، المياه المعبأة في البيدونات ..
أبو محمد قال : عند شرائي المياه من أحد الباعة لاحظت وبعد مرور عدة أيام وجود بعض الأشنيات الخضراء في قعر «البيدون « فامتنعت عن شرائها مرة ثانية ..
أما أبو خليل فيقول : أشتري كل أسبوع بيدون ماء واحد ، و السيارة تمر في حينا كل أسبوع مرتين ويؤكدلنا البائع بأن مصدر الماء من نبع في « جبل النبي متة » منطقة الدريكيش ، و يبلغ سعر البيدون الواحد «250» ل.س « واصل للمنزل ، و المعدل الوسطي لكل أسرة ما بين « 1-3 » بيدونات « تستخدم للشرب فقط أو للمشروبات الساخنة , و هناك بعض السيدات يستعملن هذه المياه أثناء طهي الطعام فيكون استهلاكها أكثر ..
في حال ورود شكوى
بعد معرفة وجهة نظر بعض المواطنين اتجهنا لمعرفة رأي بعض الجهات المعنية حول أسباب انتشار هذه الظاهرة والإجراءات المتخذة للحد منها حرصا على صحة المواطنين ..
مدير التجارة الداخلية و حماية المستهلك رامي اليوسف نوه إلى أنه : في حال ورود شكوى للمديرية يتم القيام بسحب عينات لتحليل المياه في مخابرنا لمعرفة خصائصه ومدى صلاحيته للاستخدام ، مشيرا إلى أن مخابر المديرية تقوم بإجراء التحاليل الجرثومية فقط أما إذا كانت المياه بحاجة إلى تحاليل كيميائية فيتم إرسال العينات إلى مخابر المؤسسة العامة لمياه الشرب ..
وأضاف : كل شهرين تردنا شكوى بهذا الخصوص و أكثر الأحياء استخداما للمياه المعبأة في البيدونات هي « عكرمة – الحضارة – الأرمن الزهراء « قياسا لباقي الأحياء ..
حيازة رخصة للبيع
أكد زهير عبدوش رئيس قسم المتابعة في مؤسسة المياه ضرورة حيازة صاحب السيارة الجوالة التي تبيع المياه ترخيص لبيع المياه المحققة للشروط النظامية والصحية ..
وأشار إلى أن هناك مقطورات خاصة مزودة بترخيص من مؤسسة المياه تبيع المياه للمواطنين ، وتجدد هذه الرخصة كل ثلاثة أشهر هذه المقطورات تعبئ من مناهل المياه و تبيعها، خاصة للمناطق الشرقية « العطشى» حصراً ، إضافة إلى تلكلخ و الحواش.
وأضاف : يوجد في المؤسسة ثلاثة صهاريج مزودة بمياه معقمة توزع لبعض الأحياء العطشى في المدينة أيضاً و مراكز الإيواء ، و هذه الصهاريج مرخصة نظامياً و مياهها ضمن المواصفات القياسية وهي صالحة للشرب ، كما توزع على المواطنين القاطنين في قرى « الجابرية –بادو – الميدان – الحميدية» و حالياً هناك مشروع ضخ مياه من المدينة إلى قرية المشرفة و الذي أصبح في الخدمة ، منوها بأن السبب بالضخ للمشرفة هو أن المياه فيها « كبريتية» و بحاجة للمعالجة ،كما ساهمت إحدى المنظمات بمد خط مياه من محطة ضخ الزهراء إلى المشرفة بطول «16كم « وبكلفة « 600» مليون ل.س بالإضافة إلى أنه تم مد خط تفريعة من المشرفة إلى عين الدنانير بسبب خروج البئر من الخدمة لأنها كانت منطقة ساخنة خلال فترة الحرب ..
آلية الضخ
و أشار رئيس قسم المتابعة إلى أن عملية ضخ المياه لأحياء المدينة تتم بطريقة تسمى « مياه السيل » أي تدفق الماء بشكل مريح و تلقائي في الشبكة بدون « ضخ » منوها بأن اللون الأبيض الذي نلاحظه في المياه ليس مادة الكلور بل عبارة عن فقاعات الهواء المتشكلة بسبب قوة الضخ و تجدر الإشارة إلى أن هذه المياه التي تصل إلى المنازل هي أكثر أمناً و صحة من المياه التي تباع بالبيدونات إضافة إلى ضرورة أن ينتبه المواطن فيما إذا كانت تلك السيارات الجوالة تحمل ترخيص تجيز ببيع الماء أم لا من خلال وجود لصاقة توضع على واجهة السيارة و لكن معظم تلك السيارات للأسف غير مرخصة و المياه المباعة مخالفة للمواصفات ..
قطف عينات
رئيس دائرة التحليل و التعقيم في مؤسسة المياه فراس سيد سليمان قال : المحافظة و مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك هما المعنيتان بشكل مباشر بأخذ العينات المخالفة وإرسالها لمخابر المؤسسة وتكون « محرزة « أي عينة توضع في كيس مغلق الإحكام ، وفي هذه الحالة يتم ارسال كتاب رسمي موجه من قبل الجهتين الآنفتي الذكر لإجراء التحاليل اللازمة وفحص عينة المياه ..
وأضاف : بالنسبة لمياه الشرب « ريف و مدينة »يتم يوميا قطف عينات لتحليلها وفق برنامج الضخ « وخاصة الفترة الصباحية ..
منوها بأن مخابر المديرية تناوب على مدار 24 ساعة لفحص المياه التي يتم ضخها للريف والمدينة ، حيث لا يتم ضخ المياه إلا بعد إجراء عملية التحليل اللازمة لمدخل الخزانات و مخرجها بالإضافة إلى منطقة عين التنور »والتي تخضع لجرعات تعقيم محددة لها..
و بالنسبة لنسبة الكلور التي تضاف إلى المياه أشار إلى أنه توضع حسب المواصفة القياسية السورية رقم « 47» لعام 2007 ضمن حد أدنى أو أعلى .
وبخصوص المياه في المدارس قال : يتم أخذ عينات من خزانات المياه في المدارس و مراقبة نظافتها ، والتنبيه إلى ضرورة غسلها بشكل دوري من خلال كتاب تم توجيهه إلى مديرية التربية منوها إلى أنه تم قطف العينات من مدارس حمص كاملة خلال الفصل الدراسي الأول، وسيكرر العمل خلال الفصل الدراسي الثاني حرصا على صحة الطلاب وسلامتهم ..
جميع السيارات مخالفة
و يقول رئيس شعبة حماية المستهلك بسام مشعل : لدينا معامل تقوم بالتعبئة وهي دريكيش و بقين و الفيجة و السن و جميعها معامل نظامية ، ويتم أخذ عينات من المياه المعبأة في البيدونات و تحليلها و في حال ثبوت المخالفة يتم حجز الكمية و تنظيم الضبط اللازم بحق صاحب السيارة المخالفة فالبيدونات يجب أن تكون مختومة و عليها لصاقة توضح المواصفات كاملة ، منوها عدم وجود معامل خاصة لتعبئة المياه إلا المعامل الحكومية الآنفة الذكر فالتجارة بالماء ممنوعة إلا كانت من تلك المعامل المرخصة
سجل صناعي أصولاً
و أكد مدير صناعة حمص بسام السعيد أنه من المفترض أن يكون هناك سجلاً صناعياً أصولاً للمعمل الذي يقوم بتعبئة المياه وبالتالي بيعها للمواطن وأن يوجد على كل بيدون « كليشة معينة « يذكر فيها اسم الصناعي و رقم السجل الصناعي ، وضرورة حيازة سجل تجاري من مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك حتى يستطيع الحصول على سجل صناعي من مديرية الصناعة.
وأضاف : في هذه الحالة يجب أن يكون هناك منشأة مرخصة لهذا الغرض و طرح المنتج في السوق بشكل نظامي من أجل ضبط العملية الإنتاجية و التأكد من جودة المنتج و تحقيق المواصفة القياسية المطلوبة و ضرورة مراقبة من يبيع المياه لأصحاب السيارات و ضبط طريقة التعبئة و مصدر المياه و تحليلها لمعرفة فيما إذا كانت مطابقة للمواصفات أم لا..
التمنع عن الإجابة
و نحن بدورنا قمنا بعدة جولات ضمن الأحياء التي ترتادها السيارات الجوالة و استوقفنا أحد بائعي البيدونات لنسأله عن مصدر المياه وسعر البيدون و الكمية التي تباع في اليوم الواحد
ولكن للأسف رفض الإجابة بشكل واضح مع التهرب عن الرد على الاستفسارات الآنفة الذكر ليكتفي أحدهم بالقول « نحن نبيع الماء و ليس النفط».؟!!
هل من قرار ؟؟
إن مهنة بيع المياه ليست بجديدة و خصوصاً أنها أصبحت مصدر رزق للبعض ناهيك عن تأمين حاجة المواطن للمياه أحيانا .. و لكن هذه المسألة بحاجة إلى تنظيم و مراقبة و ترخيص نظامي لضمان صحة المواطنين و الحد من حالات التلوث حتى يكون العمل نظامياً ضمن الأنظمة و القوانين .
رهف قمشري

المزيد...
آخر الأخبار