الاقتصاد في ظل التصحيح …خطوات ثابتة وإنجازات كبيرة الزراعة أساس.. والصناعة قاطرة النمو الاقتصادي

“إن الاقتصاد المتين هو أحد عناصر قوتنا الذاتية , و العنصران الرئيسيان الآخران هما وحدتنا الوطنية التي توطدت و تعمقت أسسها و لابد من مزيد, و قواتنا المسلحة سياج الوطن و درعه …” تلك كانت أحد أشهر مقولات القائد المؤسس حافظ الأسد في كلمته أمام مجلس الشعب عام 1977.
و إذا أردنا الحديث عن منجزات الحركة التصحيحية المباركة في ذكراها التاسعة و الأربعين نجد أنه يكتسب أهمية خاصة لما يعنيه من دلالات وقيم ساهمت بفضل قوتها وتماسكها وتمسكها بثوابت الوطن والإنسان في تحصين سورية و مكّنها من أن تواجه بصلابة وصمود أشرس هجمة وأبشع عدوان تكالبت فيه قوى الشر والاستعمار بهدف النيل من هذه الثوابت الوطنية والقومية والحضارية..

وفق أسس و قواعد واضحة
التصحيح و على مر السنوات و رغم الصعوبات وضع أسساً و قواعد لاستمرار التنمية وفق الخطة المرسومة و قطع مراحل كبيرة على طريق البناء الاقتصادي في كل مجالاته فحقق تطوراً في مجال الزراعة و قامت صناعات عديدة و جديدة ..
وأولت الحركة التصحيحية القطاع الزراعي كل الاهتمام , حيث تكثفت خطط التنمية الزراعية والنهوض بالأرياف وكل حسب خصوصيته, وتحّولت سورية خلال فترة قصيرة إلى دولة تثير الإعجاب بتحقيق الاكتفاء الزراعي وتنتقل إلى تصدير الفائض بسمعة جيدة لمحاصيلها التي سميت بالنظيفة, محققة شروط أمنها الغذائي, ومسيطرة على سلتها الغذائية الأساسية من الحبوب, ومجهزة ما يلزم للاستثمارات المستقبلية , كما تم إحداث عدة صناديق لدعم القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني و دعم مشاريع الري الحديث و زيادة أسعار المحاصيل الأساسية كالقمح و القطن و غيرها , وحقق الإنتاج الزراعي تطوراً ملحوظاً في مجال إنتاج السلع الإستراتيجية مثل القمح والقطن والزيتون والحمضيات تطلعا للانتقال من حالة الإنتاج الكافي لتغطية معدلات الاستهلاك المحلي إلى تحقيق الوفر التصديري وتأمين مخازين إستراتيجية من هذه المحاصيل تساهم في تحقيق الأمن الغذائي وتحقيق الكفاية من المواد والسلع المعتمدة على المحاصيل والمنتجات الزراعية إضافة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من محاصيل متعددة و إدخال مساحات جديدة بالزراعة من خلال مشاريع الاستصلاح المتجددة ..
الوصول لمستويات متقدمة
كما سعت الحركة التصحيحية لتفعيل النشاط الاقتصادي واستكمال إجراءات الإصلاح وإعادة الاهتمام بدور القطاع الخاص وتخفيض القيود على التجارة وتشجيع الاستثمار الخاص المحلي والعربي والأجنبي.‏
و تمكن الاقتصاد السوري من الوصول لمستويات متقدمة كان لها أثر بالغ في إنعاش الحركة الاقتصادية وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين في إطار سياسة واقعية يأخذ بالاعتبار مصالح سورية الاقتصادية الأساسية.‏
قاطرة النمو الاقتصادي
و كان العنوان الرئيس في قطاع الصناعة هو إعادة التأهيل اعتماداً على الذات‏ و تطوير الصناعة بشقيها التحويلي و الاستخراجي باعتبارها قاطرة النمو للاقتصاد الوطني والعمود الفقري له وخاصة أن النشاط الصناعي متنوع ومتعدد الاتجاهات والإنتاجيات ويأتي في مقدمتها الصناعات الغذائية والتبغ والغزل والنسيج والجلود والخشب والموبيليا والورق والصناعات الكيماوية ومنتجات تكرير البترول والمنتجات المعدنية وغير المعدنية والمنتجات المعدنية المصنعة إضافة للصناعات الاستخراجية والماء والكهرباء وغيرها من الصناعات التابعة للقطاعات العام والخاص والمشترك..
كما وفّر فكر التصحيح المعتمد على قوانين العصر مناخاً مناسباً لإطلاق ورشة عمل على مستوى الوطن هدفها تأمين الأرضية المناسبة لبناء الدولة مع الأخذ بعين الاعتبار جميع المتغيرات وتنطلق في مسيرتها نحو المعاصرة من بناء الإنسان الذي تعتمد عليه جميع أشكال التنمية فكان الاهتمام بالتعليم بكل مستوياته..
للمنتج الوطني أولوية
كما وضعت الحركة التصحيحية المنتج الوطني على قائمة الأولويات وحافظت على خصوصيته, وبالتالي رفع تنافسيته محلياً وعالمياً وعملت على توسيع قاعدة التشاركية في تطوير الاقتصاد الوطني والاندماج بالاقتصاديات الإقليمية والعالمية وبدأت سورية تعزز شراكاتها الاقتصادية مع الدول الشقيقة والصديقة وتسعى لشراكات جديدة تفتح بها أسواقاً واعدة في ظل قاعدة تشريعية وقانونية تحمي جميع أطراف المعادلة الاقتصادية بدءاً من المستهلك وصولاً إلى المنتج والمصدر والمستورد وكذلك المستثمر ما جعل التنمية تتصاعد وأرقام الاستثمار تتضاعف بشكل ملحوظ.‏
وسبق التصحيح عصره عندما كانت المبادرة لإرساء قواعد التعددية الاقتصادية وإشراك القطاع الخاص بالعملية التنموية, وتأسيس قطاع مشترك لزيادة الأموال العامة والخاصة المستثمرة في القطاعات الاقتصادية المختلفة .‏
صيغة تشاركية ناجحة
وحظي قطاع السياحة والصناعة السياحية باهتمام كبير نظرا لدوره الهام في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوفير الموارد ذات الديمومة ورفع معدلات النمو الاقتصادي واتخذت الكثير من الإجراءات لجذب الاستثمارات السياحية أهمها حرية التملك بنسبة 100 % للمشاريع السياحية والسماح للمستثمر بتحويل كامل قيمة رأسمال وأرباح التشغيل بالنقد الأجنبي إلى الخارج بالإضافة إلى الإعفاءات الضريبية والرسوم .‏
كما شهد الاقتصاد السوري منذ قيام الحركة التصحيحية تطورات تنموية بشرية واقتصادية مهمة حققت نقلة نوعية في توجهات الاقتصاد وتعزيز قدراته بمساهمة كافة شرائح المجتمع واتخذت سورية نهجاً ثابتاً واستراتيجياً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بإرساء قواعد التعددية الاقتصادية التي تهدف لإفساح المجال أمام القطاع الخاص ليؤدي دوره في بناء عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية إلى جانب القطاع العام انطلاقا من أن بناء الوطن مهمة وطنية تقع على عاتق الجميع وتأسيس قطاع مشترك لزيادة الأموال العامة والخاصة المستثمرة في القطاعات الاقتصادية المختلفة والتي أثبتت أنها صيغة ناجحة للعمل الاقتصادي.‏
تكيف مع التحديات
اليوم وفي ظل الظروف التي تمر بها سورية حيث تعيش البلاد حربا عالمية متعددة المكونات فقد انعكس ذلك على عوائد خزينة الدولة من الموارد والضرائب والسياحة ,ورغم ذلك فإن الحكومة التي اعتمدت نهج التصحيح والبناء والتحديث والتطوير استطاعت التكيف مع الواقع والتحديات والظروف وتأمين أهم المتطلبات من مواد غذائية ومشتقات نفطية رغم الحصار والعقوبات الاقتصادية الجائرة التي تستهدف لقمة عيش المواطن بالدرجة الأولى.‏
ورغم الحرب الكونية على سورية مازال الاقتصاد السوري قادراً على أن يفي بالتزاماته تجاه أبناء الوطن ولا تزال الحكومة تصرف كتلة رواتب الموظفين بشكل كامل ,إضافة إلى تقديمها الخدمات الأساسية كالتعليم والعلاج مجانا …و هو واقع يكشف سبب شراسة الاستهداف المنظم التي يواجهها الاقتصاد السوري لمحاولة تركيع سورية والنيل من مقومات صمودها وعزتها وسيادتها الوطنية حيث عملت المجموعات الإرهابية المسلحة ولا تزال بشكل ممنهج على استهداف البنى التحتية لمختلف القطاعات الاقتصادية و الخدمية وصولاً إلى المشافي و المراكز الصحية لتقويض وتخريب مكونات الدولة وخلق فجوة بين متطلبات الشعب وقدرة الحكومة على تلبيتها.‏
و برغم الحصار والحرب الكونية التي تستهدف مقدرات الشعب لتدميره ونهبه واقتلاع جذوره من خلال تدمير البنى التحتية لإضعاف سورية ‏ …… اليوم .. يستعد الاقتصاد السوري لمواجهة أحد أهم التحديات القادمة وهو تحدي إعادة إعمار وما خلفته الحرب الكونية من تداعيات على مختلف قطاعات التنمية ..
هنادي سلامة

المزيد...
آخر الأخبار