التهاب الجلد الكتيل «الجدري» يهدد الثروة الحيوانية في تل الشور…التجار يساهمون في انتشار المرض عن طريق نقل الأبقار بين المناطق

تحتل الثروة الحيوانية جانبا مهما في الاقتصاد السوري الزراعي سواء من حيث ما يضيفه هذا الجانب إلى إجمالي الناتج المحلي أو حجم القوى العاملة أو رأس المال المستثمر فيه ، وتعد تربية الثروة الحيوانية وبشكل رئيسي تربية الأبقار من أهم الأنشطة الفلاحية التي تشتهر بها منطقة حوض العاصي في ريف حمص ولاسيما منطقة تل الشور وما حولها ،حيث يبلغ عدد رؤوس الأبقار فيها حسب إحصائية إرشادية قطينة لعام 2019 قرابة / 1100 / رأس من إجمالي عدد رؤوس الأبقار في محافظة حمص البالغة ( 69540) حسب إحصائية مديرية زراعة حمص ، ونسبة الكوادر العاملة فيها قرابة 60% من إجمالي عدد السكان البالغ ( 8250 نسمة ) ..

خطر النفوق
ورغم الاهتمام الذي توليه الحكومة وخططها الرامية إلى تحقيق الأمن الغذائي من خلال الحفاظ على الثروة الحيوانية ولاسيما موضوع تحصين هذه الثروة «وفقاً لجدول زمني صادر عن وزارة الزراعة لجميع الأمراض الوبائية « إلا أن هذه الثروة بدأت تواجه بعض التحديات التي ترتبط بالأمراض، والأوبئة لدرجة أنها أضحت تواجه خطر النفوق التي بدأت تظهر ملامحه مع بداية شهر أب من صيف هذا العام 2019 من خلال ظهور أعراض مرض الجلد الكتيل (الجدري ) وانتشاره بشكل كبير ولتظهر نتائجه مع بداية شهر أيلول من خلال نفوق عدد من الأبقار ،حيث أشارت المعلومات حسب الأطباء البيطريين في المنطقة إلى إصابة حوالي 60-70% من الأبقار و نفوق عدد كبير منها .
مرض فيروسي معدٍ
وللإطلاع على أسباب إصابة هذه الأبقار وكيف نفقت الأعداد الكبيرة من الماشية في منطقة تل الشور خلال شهرين وعن مدى التجاوب من قبل الجهات المعنية بحماية وتنمية الثروة الحيوانية تحدثنا مع الدكتور أحمد شحود معاون مدير زراعة حمص فقال :
مرض التهاب الجلد الكتيل ( الجدري )عند الأبقار مرض فيروسي جلدي معدي ينتقل بشكل أساسي عن طريق لدغ الذباب والبعوض وللحد من ظهوره و انتشاره قامت مديرية الزراعة بحمص بتحصين الأبقار حسب البرنامج الزمني الوارد من وزارة الزراعة لجميع الأمراض الوبائية و التقيد بالمواعيد وذلك من أجل اكتساب الحيوان المناعة قبل ظهور المرض ..
وأضاف : أثناء جولاتنا المتكررة لأغلب القرى والتحري لم نلحظ وجود أخطاء من الأطباء البيطرين بالوحدات الإرشادية إنما الأخطاء حصلت من فنيين بيطريين غير موظفين كما حصل في منطقة تل الشور ,لاسيما قيام هؤلاء الفنيين بإعطاء لقاح مهرب غير معروف وبشكل مكرر وبدون مراعاة وعدم الالتزام بمواعيد اللقاح وأغلب الأحيان تم إعطاؤه لحيوانات محصنة فظهر عليها المرض مما أدى لكسر مناعتها باللقاح الجديد .
نقل الأبقار بين المناطق
د . فالح عبد الصمد رئيس دائرة الصحة في مديرية الزراعة قال :مرض التهاب الجلد الكتيل مرض حديث الظهور في سورية يعود أول ظهور له إلى العام 2013 ، وفي العام 2019 ظهر مجددا وبشكل واضح في محافظة حمص في المنطقة الغربية المتاخمة لحوض العاصي ومما ساعد على انتشاره حركة نقل الأبقار عن طريق التجار بين المناطق والمربين ( قام بعض التجار بجلب أبقار من المناطق الشمالية والحدودية والتي قد يكون البعض منها مصابا ودون مراعاة الشروط الصحية ) ، إضافة إلى عدم الاهتمام بموضوع رش المبيدات الحشرية كون المرض ينتقل من بقرة إلى أخرى عن طريق حشرات (راشفات الدم ) ، وأضاف : كون المرض دخيل على سورية حرصت وزارة الزراعة على عدم ادخال لقاح له خشية استيطان المرض في سورية ، وإنما حاولت الاستعاضة عنه بلقاح جدري الأغنام وبكميات مضاعفة ، وعند الإصابة بالمرض تتم معالجة الأعراض الثانوية مثل ارتفاع درجة الحرارة ورفع المناعة …
مربو الماشية يحذرون
مربو الماشية يرون أن تفشي مرض جدري الأبقار في أوساط الثروة الحيوانية لديهم خلال الشهرين الفائتين أدت إلى إصابة أعداد هائلة من الحيوانات ونفوق الكثير منها ولحقت بهم خسائر كبيرة في ظل عدم وجود علاج حقيقي لهذا المرض باستثناء اللقاح الذي أعطي في فترة غير مناسبة على حد قولهم والذين استندوا به إلى آراء الأطباء البيطريين الذين أكدوا على ضرورة إعطاء اللقاح في الشهر الثالث من العام ، إلا أن التراخي في إعطائه جعله يؤخذ مع نهاية الشهر السابع وبداية الثامن ..
ويحمل المربون الجهات المعنية المسؤولية الكبرى في قلة نشر التوعية لاسيما ( الارشادية الزراعية) في التعامل مع هذه الحالة والذي كان من الواجب عليها أن تعقد ندوة في مقر الجمعية الفلاحية توضح فيه طبيعة المرض وطريقة التعامل معه ، الأمر الذي جعل من المربين فرائس سهلة بيد البيطريين كتحملهم ( ارتفاع ثمن الأدوية التي فرضها البيطريون التي قد تصل إلى أربعة أضعاف، وإعطاء لقاحات مكررة ) أما التجار ( فكان دورهم شراء رؤوس الأبقار بأسعار متدنية خشية النفوق أو إصابة المواشي السليمة ) ..
زيارة يتيمة ورفع أسعار
حاولت مديرية الزراعة بحمص وبعد ظهور مرض التهاب الجلد الكتيل وانتشاره في المنطقة الوقوف على هذه الحالة حيث قامت دائرة الصحة الحيوانية وبعد الشكوى من قبل أحد المربين بزيارة المنطقة برفقة رئيس الجمعية الفلاحية ورئيس الإرشادية ،إلا أن هذه الزيارة وصفت بالزيارة اليتيمة كونها كانت لمرة واحدة تم الالتقاء فيها مع مجموعة من المربين والاطلاع على المواشي المصابة حيث تم من خلالها توصيف المرض وطريقة علاجه بالأدوية والعزل والنظافة ، إلا أن المريبن تركوا لشأنهم خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع البيطريين الذين استغلوا حالة الهلع لدى المربين وقاموا برفع أسعار المعاينة والعلاج بشكل جنوني .
ظهور حالات جديدة ومستمرة
يصف رئيس الجمعية الفلاحية في تل الشور محمد المشهداني مرض التهاب الجلد الكتيل بأنه من أخطر الأمراض التي أصابت الأبقار،وتفشى في المنطقة منذ حوالي الشهرين ، وتكبد المربون بسببه خسائر فاقت قدراتهم نظرا لعدم وجود علاج ناجع لدى العيادات البيطرية ،خاصة أن هذه الأبقار هي مصدر رزقهم ، ويضيف المشهداني أنه إذا لم يتم تدارك الوضع وإيجاد حل سريع فان المرض يمكنه ان يودي بأعداد كبيرة من الماشية خاصة أن الحالات الجديدة تظهر بشكل مستمر على الرغم من التحصينات ضد هذا المرض.
التحصينات لم تجد نفعا
المربي ( م- م ) قال : التحصينات ضد مرض الجلد الكتيل لم تجد نفعا، وان هذا المرض المنتشر في أوساط الثروة الحيوانية في محافظةحمص لم يكن موجودا وظهر في الأشهر الثلاثة الأخيرة من هذا العام حيث بلغت حالات الإصابة لدي/ 7 /أبقار ، نفق منها / 3 / رؤوس على الرغم من استخدامنا لقاحا مخصصا للأغنام لعدم توفر التحصينات المخصصة للأبقار في حين/ 3 / رؤوس تماثلت للشفاء وواحدة قيد العلاج ، ويستهجن المربي (م-م) فترة إعطاء اللقاح بالقول :الغريب أن اللقاح أعطي في الشهر الثامن من قبل طبيب الارشادية دون مراعاة الفترة المثالية لإعطائه ( الشهر الثالث والرابع كما يقول الأطباء البيطريون) وشروط النقل على الثلج ، ولهذا نطالب وزارة الزراعة بتوفير المتابعة المستمرة للقضاء على المرض خاصة أننا وقعنا تحت جشع الأطباء البيطريين الذين قاموا برفع أسعار المعاينة والدواء
بشكل يفوق قدرة المربين والتي قد تصل الى مبلغ /70/ سبعين ألف ليرة سورية ، ناهيك عن قلة فاعلية الدواء وتواضعه .
المربي (خ – ح ) قال : شارف عمري على /60/ عاما ولم ار مثل مرض التهاب الجلد الكتيل ( الجدري ) الذي ظهر خلال هذا العام كونه يمتص جسد الحيوانات في غضون أيام ليصبح هيكلا عظميا والمثير أن المنطقة افتقرت الى حملات التوعية لخطورة المرض .
بلدية تل الشور شريك
بالعودة الى أسباب انتقال المرض من رأس مصاب إلى رأس سليم وكما قال الدكتور فالح عبد الصمد فإن الحشرات ( راشفات الدم ) تمثل العامل الرئيسي في نقل المرض وهذا ما يستوجب ضرورة رش المبيدات الحشرية للحد من وجود الذباب والبعوض ، وكما هو معلوم فإن المحافظة قامت بتوزيع المبيدات على الوحدات الادارية منذ بداية فصل الصيف وبكميات مناسبة ومنها بلدية تل الشور التي استلمت وبناء على محضر تسليم المواد من محافظة حمص بتاريخ 25/6/2019 ( 50 ليتر رذاذي ) لمكافحة البعوض والذباب ، و(20كغ) حبيبات للقوارض ، إلا ان هذه المبيدات بقيت حبيسة المستودع تحت ذرائع متعددة لاسيما عدم صلاحية مكنة رش المبيدات لدى البلدية (باستثناءكميات قليلة أعطيت لمنطقة عين الزرقاء ) حتى 29/9/2019 حيث قامت البلدية بناء على كتاب مديرية الزراعة بحمص رقم 783/ص خ تاريخ 2/9/2019 والموجه إلى محافظ حمص، قامت برش المبيدات عبر أحد المزارعين في المنطقة مع العلم أنه كان بالإمكان رش المبيدات عن طريق المزارع نفسه لحظة استلام البلدية لهذه المبيدات .
تصحيح مسارات العمل
ومن أجل الارتقاء بهذه الثروة الحيوانية والحفاظ عليها وتهيئة الأسباب لتنميتها واستدامتها يحتم على الجهات المعنية بذل جهود مضاعفة من أجل حماية الثروة وإعادتها أفضل مما كانت عليه وأن تصحح كافة مسارات العمل لتعزيز الأداء في هذا الجانب ( وحدة زراعية تعزز فيها الخدمات البيطرية كما ونوعا- مرب – بيطري – دواء – وحدة ادارية – تاجر – ثقافة …) لاسيما البعد الاستراتيجي الذي تنطوي عليه هذه المسارات.
شحادة الحسين

المزيد...
آخر الأخبار