بات من الضرورة الملحة اتخاذ جملة من الإجراءات التي يمكن توصيفها بالإسعافية للحد من ارتفاع الأسعار خاصة بعد مرسوم زيادة الرواتب للعاملين في الدولة والتي شملت الذين على عملهم والمتقاعدين وطبعا هذه المكرمة جاءت لمعالجة الخلل الحاصل في معادلة الأجور والأسعار لاسيما أن الفجوة بين الدخول ومتطلبات المعيشة اتسعت .
ورغم أن معظم المواد الأساسية لمعيشة المواطن من خبز ومازوت وتعليم وصحة ..و..و..تصلها نسبة كبيرة من الدعم الحكومي في إطار مساع جادة لتحسين الوضع المعاشي للمواطن لكن هذا الدعم يتساوى فيه الجميع الغني والفقير على حد سواء , ومع ذلك لم ترتق الإجراءات لمستوى المعالجات الاقتصادية والتي من أهمها إلغاء دور التجار الذين يدعمهم البنك المركزي السوري بالدولار وبسعر 434 ليرة سورية على أن يتم استيراد الضروريات , ولكن بضاعتهم المستوردة تتجاوز الضروريات وتتضمن أشياء وأشياء لا تمت لتسهيلات الدولة بصلة وتباع حسب مزاج التجار دون رقيب أو حسيب…
والسؤال الذي يطرحه أغلب المواطنون لماذا لا تقوم مؤسسات القطاع العام بعملية الاستيراد من بابها إلى محرابها لتحد بذلك من دور الوسطاء والتجار معا الذين يتلاعبون بالأسعار على هواهم همهم الوحيد ملء جيوبهم ويستهترون بحاجة المواطن وشعارهم اللامبالاة كونها تشكل لهم منعطفا لكل أرباحهم …
إن من أهم ملامح الاستقرار الاقتصادي واستدامة تطوره وجود خطط تنموية تستقرئ الواقع وتنطلق منه وتهتم بشكل خاص بعملية استثمار الموارد المتاحة والحفاظ عليها بالشكل الأمثل ليستفيد منها جميع من يعمل في المجال الاقتصادي سواء كان يمثل مؤسسات القطاع العام أم شركات القطاع الخاص ,وهذا ما يأمله المواطن لإيجاد حلول تنفيذية سريعة لتأمين الحاجات الأساسية والأولويات المعاشية, علما أن بلدنا يملك وفرة جيدة من موارد التنمية ركيزتها الأساسية المنتج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني وهذا ما يدفعنا لأن نستقرئ الجدية في الخطوات القادمة للقائمين والقيمين على السياسات الاقتصادية في بلدنا لأن المأمول كما عهدناهم يعملون بمسؤولية ويتحملون الأعباء الاجتماعية والاقتصادية ويحترمون إنسانية الإنسان من خلال تقيدهم بقوانين العمل والعمال ..
هذه خواطر من المرحلة التي نعيشها جميعا وانطلاقا منها يتحتم علينا مواطنين ومسؤولين السعي معا لبناء وطن يتجاوز فيه التجار ورجال الأعمال مصالحهم الذاتية ليفكروا بمصلحة الوطن والمجتمع ويعملون لأجله.. وطن نشارك جميعا في بنائه وحمايته ورفع رايته ..
و من المهم جداً اليوم ملاحظة تفاعل بين ارتفاع معدلات أرباح رأس المال المستخدم في القطاع الخاص وبين هوامش الربح المقوننة والمنسجمة مع القوة الشرائية لأغلب المواطنين من جهة وبين إنتاجية العمل من جهة أخرى وتصريف المنتج في الأسواق المحلية والخارجية وهذه المعادلة لا تحمل مؤشرات إيجابية لمدى مشاركة التجار في رفد الاقتصاد الوطني كون معدلات المشاركة سجلت أرقاما متدنية قياسا بسعر الصرف ..
هذا الواقع الموصوف في اقتصادنا الوطني يضعنا جميعاً أمام تحد كبير من أجل العمل السريع لإيجاد صيغ جديدة من شأنها تسريع عجلة الاقتصاد الوطني عبر الاعتماد على مواردنا الذاتية والوفاء بتلبية الحاجات الأساسية للمواطنين ..
فلنقرأ واقعنا المعاش باهتمام أكبر من ذي قبل و تشخيص الداء ووصف الدواء وزيادة المناعة لبناء وطن معافى يتحقق فيه كل أمل ولاسيما للشريحة ذات الدخل المحدود من صغار الكسبة والعمال والموظفين والحرفيين الذين باتوا اليوم يعتصرون احتياجاتهم عصرا ويناقلون في بنود متطلباتهم حسب الأولويات المتاحة لهم..
وهي آمال تعكس ثقة المواطنين بالجهات الوصائية على حركة اقتصادنا الوطني التي لا تدخر جهداً في ابتكار الحلول الناجعة للنهوض بالواقع عبر تدارك الأخطاء وتأمين مستلزمات الإنتاج في أوقاتها المناسبة..
بسام عمران
المزيد...