الاحتفال بالعيد 68 للشجرة .. تحت شعار « ليبقى الوطن أخضر» 18 ألف هكتار مساحة الأراضي الحراجية الطبيعية في المحافظة…و36 ألف هكتار تحريج اصطناعي
يحتفل السوريون في الخميس الأخير من كل عام بعيد الشجرة ويطلقون حملات تشجير على نطاق واسع بمشاركة طلاب المدارس والمنظمات الشعبية وجميع قطاعات المجتمع تأكيدا على الدور الحضاري والاقتصادي والاجتماعي والبيئي للشجرة في حياتنا من خلال زيادة المساحات الخضراء وترميم الغابات الطبيعية وكانت بدأت فكرة الاحتفال بعيد الشجرة في عادات الحضارات القديمة واستمرت حتى يومنا هذا حيث يحتفل عدد كبير من دول العالم بعيد الشجرة وتقام احتفالات رسمية كثيرة لغرس أعداد كبيرة من شتلات الأشجار.
وأولت بلدنا أهمية كبيرة للشجرة والتشجير فأصدرت المرسوم رقم 18 عام 1953 الخاص بتحديد الخميس الأخير من كل عام عيداً للشجرة واعتبر ذلك العام عام الحراج مع صدور قانون الحراج المعدل وقانون الضابطة الحراجية ,وبعد ذلك أصدر القائد المؤسس حافظ الأسد القرار رقم 108 الذي أحدث بمقتضاه اللجنة العليا للتشجير ونتيجة لهذه الاهتمامات فقد حصلت سورية على دبلوم من هيئة الأمم المتحدة تقديراً للجهود التي قدمتها في مجال التشجير الحراجي فهي لم تغفل كيف تسهم الشجرة في التخفيف من حدة العديد من الظواهر البيئية الخطيرة، فظاهرة الاحترار العالمي زادت في الأساس نتيجة قطع الأشجار والتقليل من وجود الغابات، كما أن تفكك التربة وانجرافها وتغيّر خصائصها يحدث أيضاً بسبب قطع الأشجار، لذلك فإن الاهتمام بالشجرة يعدّ اهتماماً بالبيئة بشكلٍ خاص، فهي صديقة للبيئة وجزء لا يتجزأ من استقرارها وتوازنه.
رمز للخير
يحل عيد الشجرة هذا العام وهو يحمل طابعا خاصا مع الانتصارات الكبرى التي حققها الجيش العربي السوري في حربه ضد الإرهاب حيث تعطرت جذور الأشجار التي زرعها السوريون بدماء الشهداء العظماء التي روت تراب الوطن إذ تلاقت الشجرة التي كانت دائما رمزا للخير والعطاء اللامحدود مع أبناء الشعب السوري الذين أعطوا كل ما لديهم نصرة لوطنهم وعزته. الحملة الوطنية للتشجير مستمرة وكانت الوزارة أعلنت أن الاحتفال المركزي بعيد الشجرة 68 لهذا العام سيكون تحت شعار « ليبقى الوطن أخضر « وستتم خلاله زراعة عشرات الهكتارات ضمن الحملة الوطنية للتشجير والتي تبدأ هذا الشهر وتستمر لنهاية آذار القادم واتخذت كل الاستعدادات حيث تم إنتاج أكثر من 4 ملايين غرسة جاهزة للتوزيع على مختلف المحافظات وتهدف لإعادة تشجير المواقع الحراجية التي تعرضت للحرائق والتعديات وكذلك توسيع نطاق المساحات الخضراء في سورية. الهدف من الاحتفال في كل عام هو تكريس المفاهيم وزرع القيم لدى المواطنين بأهمية الغابة ودورها في استمرار الحياة وضرورة المشاركة في حمايتها وزيادة رقعتها. و الوزارة اتخذت كل الاستعدادات لإنجاح هذه الاحتفالية من حيث تأمين الغراس وتسوية الأرض والحفر اللازمة للغراس وعملت وزارة الزراعة على زيادة الخطط الإنتاجية للموسم القادم لعام 2020 بزيادة إنتاج المشاتل الحراجية إلى ستة ملايين غرسة والمساحة المحرجة والمشجرة إلى 3150 هكتاراً إضافة إلى شق 4002 كم طرق حراجية وخطوط نار وترميمها.
الأطفال يزرعون حدائقهم بأيديهم
منذ أيام نفذت مديرية زراعة حمص مع مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل يوماً تشجيرياً ضمن حرم معهدي الشلل الدماغي والتربية الخاصة للمعوقين ذهنياً حيث تم تطبيق مهارات وأسس المعالجة الصحية بتعليم الأطفال الزراعة والبستنة ودورها في تنمية شخصية الطفل ، و إيصال رسالة للمجتمع للمحافظة على الأشجار والغابة وحمايتها من الحرائق والقطع الجائر وكذلك نفذت يوم تشجير تطوعي بالتعاون مع الاتحاد الوطني لطلبة سورية بجامعة البعث في موقع حراج الناصرة حيث تم زراعة 500 غرسة حراجية ( الكستناء والغار) نفذ العمل دائرة الحراج (شعبة حراج تلكلخ ) والحملة الوطنية للتشجير مستمرة حتى عودة الغطاء الأخضر لكامل المواقع التي تعرضت للحريق.
و كانت مديرية الزراعة قد بدأت بمشاركة فعاليات أهلية عمليات تشجير الأراضي الحراجية المتضررة بريف الرستن جراء الإرهاب والمقدرة مساحتها بنحو 600هكتار عبر خطة تستمر نحو خمس سنوات. وأشار مدير زراعة حمص المهندس محمد نزيه الرفاعي في تصريح سابق إلى أنه ضمن توجهات وزارة الزراعة لإعادة تحريج المناطق التي تضررت جراء الإرهاب تم اليوم تحريج نحو 15 دونما في موقع جبل الكن بقرية عسيلة بريف الرستن لتستكمل لاحقا المنطقة ككل. وبين أنه تم زرع أشجار السرو واللوز في الموقع لمنع التعديات عليه كما ستتم زراعة أنواع أخرى قريباً , مبينا أن مساحة الأراضي الحراجية الطبيعية بحمص 18 ألف هكتار إلى جانب 36 ألف هكتار تحريج صناعي حيث تضرر خلال الحرب حوالي 3000 هكتار منها.
بداية المشروع
رئيس دائرة الحراج بالمديرية زياد فندي أشار إلى أن الموقع الذي تم البدء بتحريجه تعرض لعمليات قطع جائر حيث تم حفر الجور وزراعة 500 غرسة حراجية من اللوز ومئة شجرة سرو لتكون كمصدات رياح ولتحديد العقار الحراجي عن العقارات الخاصة.
المهندس وسام محيدة رئيس دائرة زراعة الرستن أكد أن الموقع الحراجي بعسيلة والذي هو جزء من الأراضي الحراجية بمنطقة الرستن تعرض لأضرار كبيرة تقدر بنسبة 90 بالمئة جراء الإرهاب.
محمد خير حمد المسؤول عن المشروع بالعسيلة قال: إنها بداية مشروع التحريج في المنطقة التي كانت تضم غطاء نباتيا مهما جدا.
زراعة 500 غرسة حراجية في الناصرة
وبالتزامن نفذت مديرية زراعة حمص حملة تشجير تطوعية في موقع حراج الناصرة وذلك بالتعاون مع فرع الاتحاد الوطني لطلبة سورية في جامعة البعث, وأوضح رئيس دائرة حراج تلكلخ المهندس إلياس بيطار أن حملة التشجير تتضمن زراعة 500 غرسة حراجية من الكستناء والغار على مساحة 20 دونما مؤكدا أن هذه الحملة تندرج في إطار الحملة الوطنية لإعادة تشجير المناطق التي تعرضت للحرائق في جميع المناطق المتضررة,وأكد أن حملة التشجير تستمر حتى زراعة كامل الأراضي المحروقة وإعادة الغطاء النباتي لها.
خدمة المجتمع
بدورهم أشار عدد من طلبة الجامعة إلى أن مشاركتهم في الحملة تأتي في إطار دورهم كشباب والمتمثل بالمشاركة في أعمال من شأنها خدمة المجتمع مؤكدين أنه سيتم العمل على إعادة كل ما تم تخريبه وحرقه وإعادة الخضرة إلى الغابات. وأشار زياد فندي رئيس دائرة الحراج في مديرية الزراعة إلى أن للشجرة أهمية وفوائد عظيمة ومن هذا المنطلق أولت الحكومة اهتماماً واضحاً للشجرة وشجعت على التشجير ويشارك في حملات التشجير التطوعية جميع الفعاليات والمنظمات الشعبية والجمعيات الأهلية. وأوضح بأن مساحة محافظة حمص 4093986 هكتارا وتبلغ مساحة الحراج الطبيعي في محافظة حمص 18116 هكتاراً وتتوزع هذه المساحة في كافة مناطق الاستقرار , وتشمل مواقع التحريج الطبيعي ومواقع التحريج الاصطناعي , وأكثر مناطق الحراج الطبيعي في القصير وتلكلخ والناصرة بالإضافة إلى محميات أكوم وجبل أبو رجمين في تدمر … وأضاف : بالنسبة للتحريج الاصطناعي تبلغ مساحته 36000 هكتار خرج منها مساحة تصل إلى 1000 هكتار في موقع عسيلة الرستن تم قطعها وحوالي 2000 هكتار في موقع القائد المؤسس..
التحريج الصناعي
وأشار إلى أن مناطق التحريج الاصطناعي موزعة على مناطق متعددة في مواقع ضهر القصير و الناصرة و الشومرية و طريق طرطوس , وطريق دمشق وطريق الفوسفات , وكفرنان و عسيلة و موقع القائد المؤسس, حيث تمت زراعتها بالأنواع الحراجية المناسبة منذ ثمانينات القرن الماضي واعتنت دائرة الحراج بالغراس من سقاية وتقليم وتربية حتى وصلت إلى العمر والحجم المناسبين, وأضاف :بدأت مديرية الزراعة في حمص بالتحضير لعيد الشجرة منذ حوالي شهر تقريباً حيث يتم التنسيق مع محافظة حمص للاحتفالية ,و سيتم زراعة الكثير من الأشجار الحراجية والتنسيقية وإعادة تأهيلها وذلك بالتنسيق مع مديرية الحدائق في مجلس مدينة حمص ومديرية الخدمات الفنية ,وإن آليات مديرية الزراعة عملت على تسوية الأرض وتحضيرها للغرس في مواقع فرعية مختلفة…
ندوات توعية
ورداً على سؤالنا المتعلق بالنشاطات التي تقوم بها دائرة الحراج للتشجيع على غرس الشجرة وزراعتها ومحاربة الاحتطاب وقطع الأشجار وبخاصة في الأعوام الأخيرة لما في ذلك من ضرر على البيئة وبالتالي على صحة الإنسان, قال :إن مديرية الزراعة ممثلة بدائرة الحراج تقوم بعدة إجراءات بهدف توعية الأهالي عن أهمية الشجرة وفوائدها وذلك من خلال إقامة الندوات والمحاضرات واللقاءات في الوحدات الإرشادية,وكذلك توعية التلاميذ والطلاب في المدارس ,ونشر لافتات على الطرقات تشير إلى أهمية الشجرة ,بالإضافة إلى المراكز الزراعية في المناطق لتوعية الفلاحين علماً أن مديرية الزراعة تقوم بتقديم الشفايات (أي الأغصان الرقيقة الناتجة عن أعمال تقليم الأشجار لأهالي القرى المجاورة للمواقع الحراجية مجاناً)… وأضاف : بناء على قرارات وزارة الزراعة يتم بيع بعض العائلات جزءاً من الحطب وفق البطاقة العائلية بطريقة البيع المباشر ,مما يساهم في الحد من الاحتطاب والقطع الجائر .
جولات وضبوط
أما عن الإجراءات المتخذة من قبل الدائرة للحفاظ على الثروة الحراجية وعلى غاباتنا فقال: يقوم عناصر شعبة الحماية والضابطة الحراجية بجولات مكثفة على مناطق التحريج الصناعي والطبيعي لمنع الاحتطاب الجائر من قبل المواطنين . وعن عمليات القش والترميم والتعزيل لخطوط النار قال : تتم بشكل دوري ومنظم بهدف منع انتشار الحرائق ووصولها إلى مساحات كبيرة , ومن أجل تلافي الخسائر الكبيرة , وفي كل عام تتم إزالة الأعشاب الجديدة نتيجة الهطولات المطرية , وتم إدراج هذا البند في خطة الحراج على مستوى الوزارة لقشه بشكل سطحي لضمان عدم حدوث أضرار في التربة.
فوائد متعددة
لا يمكن إغفال الفوائد الاقتصادية للشجرة كونها تساعد في الحصول على الأخشاب في الصناعة و تعدّ مصدراً للكثير من الأدوية كما أنها تعتبر مصدرا مهما للرّعي، وتساعد أيضاً في إنتاج الحطب,كل ذلك جعل الجهات المعنية والمجتمع المحلي والأهلي يهتم بالشجرة ويوليها جل اهتمامه ,وقد حرصت وزارة التربية على تركيز بعض البحوث عن الشجرة في مناهجها لكي تغرس في ذهن التلاميذ والطلاب أهميتها وضرورة المحافظة عليها.
وللشجرة أهمية كبرى في الحياة، فهي أساس التوازن البيئي، وهي التي تلطّف الأجواء وتقلّل من نسبة التلوث، وتساعد في زيادة نسبة أوكسجين الهواء الجوي، فحتى عند تصنيعها لغذائها فإنها تسهم في تقليل نسبة الغازات الضارة في الهواء، خصوصاً غاز ثاني أكسيد الكربون، لذلك تعدّ الشجرة بمثابة منق طبيعي للبيئة، وملطفة للأجواء، بالإضافة إلى تقليلها لنسبة الملوثات، وهذا كله لا يقلل من كونها مصدراً للغذاء والتدفئة وصناعة المشغولات الخشبية، بالإضافة إلى تجميلها للبيئة والمكان الذي تكون فيه، وقدرتها على نشر الظلال ليرتاح فيها الإنسان.
كلمة
تعتبر الحياة من دون الأشجار مستحيلة وذلك لأنها تنتج الأوكسجين الذي نتنفسه،فعشرة أشجارٍ ورقية بالغة تنتج في الفصل الواحد ما يكفي عشرة أشخاص للتنفس لمدة عامٍ كامل، وتعمل أيضاً كمنقٍ ينظف الهواء، فالشجرة التي نزرعها اليوم تسهم في الحفاظ على البيئة في الغد، وتقلل من خطر أي تلوثٍ سيحصل سواء في الحاضر أم في المستقبل، ولهذا يجب اعتبار قطع الشجرة بمثابة جريمة، وأن يتم حساب ومعاقبة من يقطعون الأشجار لأنّه يمثل اعتداءً صريحاً على البيئة، فالشجرة التي تُعطي الثمار والفوائد التي لا تعدّ، يجب أن تكون ذات أولوية في الرعاية والعناية، فالمكان الذي تتواجد فيه الشجرة هو بمثابة مكانٍ ممتلئ بالجمال والطاقة والحيوية, والعيش بالقرب من الأشجار يخفف من القلق، والضغط النفسي، والاكتئاب بنسبةٍ تصل إلى عشرة بالمئة عن أولئك الذي يعيشون في مناطق لا يوجد فيها أشجار بحسب إحدى الدراسات , بالإضافة إلى ذلك يسهم العيش بالقرب من الأشجار في التسريع من عملية الشفاء من الأمراض.
منار الناعمة