تقليد العلامات التجارية استنزاف للاقتصاد الوطني .. أسواقنا تغـــرق «بالمــاركات» المقـلـدة والمواطـــن هــو الضحيـــة
انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة تقليد الماركات بشكل كبير بهدف اقتناص الفرص , واتخذ البعض من هذا العمل وسيلة للربح السريع ليتعدى تقليد العلامات التجارية إلى الكثير من السلع والمنتجات, بدءاً من الصناعات الغذائية والدوائية وليس انتهاء بالألبسة والشركات التجارية المشهورة ليغدو تقليد العلامات التجارية من الأمور المسيئة والتي زادت خلال سنوات الحرب لعدم وجود رقابة حقيقية تردع هؤلاء الأشخاص المقلدين للعلامة الأصلية دون التقيد بمواصفات الجودة ودون الأخذ بالحسبان أن هذا الأمر يسيء لسمعة الصناعة المحلية لعدم مراعاة قواعد الملكية , كما أنه يعرض المستهلكين للغش والابتزاز فضلاً عن اعتبار ذلك تعدياً على منشآت صناعية حققت مكانة وشهرة بعد سنوات طويلة من الجهد والتعب.
العروبة استطلعت العديد من الآراء حول هذا الأمر وآثاره السلبية…
تهرب من المسؤولية
قصي المصطفى صاحب محل قال: تلعب العلامة التجارية دوراً مهماً في تعزيز الثقة بين المستهلك والسلعة التجارية أو المنتج وتعتبر من أهم عوامل تأسيس الشركات لسمعتها والحفاظ على مكانتها في السوق سواء المحلية أو الخارجية, وعلى الرغم من أهمية حماية العلامات التجارية إلا أن أصحاب المنشآت الصناعية أكثر المتضررين من عدم حماية ملكيتهم التجارية إذ كانت تكتفي مديرية حماية الملكية قبل الحرب – حسب قولهم – باستقبال الشكاوى المتمحورة حول محاسبة سارقي العلامات التجارية وإحالتهم للقضاء دون وجود متابعة جدية وإجراءات قانونية وحازمة بحقهم , الأمر الذي جعل هذه الظاهرة تستفحل بشكل كبير خاصة خلال الحرب حيث لم يعد هناك رادع حقيقي لهؤلاء الأشخاص.
مصيدة الماركات
بهجت سليمان أحد التجار في سوق الدبلان قال: حالات ومواقف كثيرة تعرض لها أشخاص لم يتوقعوا أن يقعوا في مصيدة تقليد العلامات التجارية ولعل أغلب تلك الحالات في البضائع التي تهتم بها السيدات ,على اعتبار أن المرأة أكثر بحثاً عن الماركات من الرجل خاصة فيما يتعلق بالملابس ومستحضرات التجميل لنجد الكثيرات يلجأن للعلاج عند أطباء الجلدية بسبب شراء أحد مستحضرات التجميل (كريم أساس مثلاً ) على أنه من إحدى الماركات العالمية المشهورة بسعر مرتفع جداً لتظهر علاماته الفورية على البشرة من ندبات وتحسس كامل للبشرة وينتهي المصير بهن عند أطباء الجلدية , و في حالات أخرى تظهر مشاكل بالعيون نتيجة شراء النظارات شمسية بسعر باهظ دون العلم بأن هذه البضاعة مقلدة و سعرها أقل مقارنة بغيرها, وفي المقابل نجد أشخاصاً مهووسين بالبحث عن منتجات مقلدة لماركات مشهورة لعدم قدرتهم على تحمل أسعار الماركات الأصلية وعدم قدرتهم أيضاً على التخلي عن امتلاك أشياء تحمل ماركة محددة حتى ولو كانت مزورة .
ظاهرة عالمية
المواطن رائد المحمد قال: لا تقتصر ظاهرة التقليد أو التزوير على بلد دون آخر فهي موجودة في كل دول العالم وهنا تكمن المخاطر الكبيرة فمنظمة الصحة العالمية تقدر نسبة الأدوية المقلدة في السوق العالمية بـ /10 % / وتعتقد أن أكثر من/ 25% / من الأدوية المستهلكة في البلدان النامية مقلدة ..
اقتصاد الظل
يجمع متخصصون بالشأن الاقتصادي على مدى خطورة هذه الظاهرة والتي تهدد الاقتصاد الوطني حيث تحدثوا عن تفشي تقليد الماركات خلال سنوات الحرب التي أنتجت أشخاصاً يتجاوزون كل الضوابط الأخلاقية والفكرية , وأشاروا إلى أن تقليد العلامات التجارية حالة موجودة قبل الحرب لكنها تفاقمت خلالها مضيعة بذلك على الكثيرين فرص الاستثمار و تراجع القدرة على الإبداع والابتكار في الصناعات المحلية, وأوضحوا بأن حجم هذه الظاهرة في سورية يرتبط بانتشار اقتصاد الظل بشكل طردي , وأكدوا أنها تنتشر بسبب ضعف الرقابة على المنتجات في السوق ,وضعف القدرة على ابتكار منتجات مقنعة للمستهلكين وتتفاقم الأمور حين يتم اصطياد مزيد من الزبائن بصنارة الأسعار المنخفضة إذ يبحث المستهلك عن السلعة الأرخص دون التدقيق بالمنشأ أو الاكتراث بالنوعية.
حماية قانونية
لم يقف القانون السوري مكتوف اليدين عن حماية حقوق مالك العلامة التجارية في سورية و قدم الحماية الكاملة للحقوق , فالقانون حسب رأي أحد المحامين أعطى القاضي الحق بفرض عقوبة على كل من أقدم على استعمال علامة فارقة تخص غيره بالسجن من 3 أشهر إلى 3 سنوات و غرامة تبدأ من 300 ألف ليرة و تصل إلى مليون ليرة أو بإحدى هاتين العقوبتين .
كما تنص المادة 14 من القانون 8 لعام 2007 على ضرورة أن يقدم طلب تسجيل العلامة من قبل صاحب الطلب أو من ممثله القانوني,و في حال كان طالب التسجيل غير مقيم في سورية عليه أن ينيب عنه شخصاً مقيماً في سورية ليكون وكيلاً عنه في معاملات التسجيل ,و ينبغي ممن يريد تسجيل علامة تجارية أن يرسل استمارة طلب تسجيل إلى مديرية حماية الملكية التجارية و الصناعية بعد ملئها حسب الأصول متضمنة البيانات اللازمة للاتصال بالشركة الأم و تقديم وصف للسلع و الخدمات التي ترغب الشركة أن يشملها تسجيل العلامة التجارية و تسديد الرسوم المطلوبة لذلك,
أما عن سبب تراجع عدد الدعاوي في هذا الموضوع فيعود إلى طول إجراءات التقاضي التي قد تصل في القضاء المدني إلى عدة سنوات و إلى سنة أو سنتين في القضاء التجاري الأكثر تخصصاً والذي غالباً ما يستأنس بخبرات الوسط التجاري وأهل الاختصاص
تنوع الأساليب
تتنوع أساليب تقليد وتزوير العلامات التجارية وتتبدل من منتج إلى آخر ومن ماركة إلى أخرى لتتجاوز اسم المنتج وتصل للشكل والسعر و حتى المواصفات الموجودة على العبوات وتصل غالباً إلى أن تكون نسخة طبق الأصل عن الماركة الأصلية كلياً إلا أنها فعلياً لا تحمل أقل مواصفات الجودة المطلوبة.
وتقليد العلامة التجارية حسب ما أكده لنا حسين العوض «صاحب محل» من حيث المواصفات والجودة والسعر فهذا يسيء إلى سمعة الصناعة المحلية لعدم مراعاة قواعد الملكية ويعرض المستهلكين للغش والابتزاز فضلاً عن اعتبار ذلك تعدياً على منشآت صناعية حققت مكانة وشهرة بعد سنوات طويلة من الجهد والتعب .