فضيحتان مدويتان كشفت فصولهما في عام 2019 في أحد أهم قطاعين موجودين في بلدنا الأولى في قطاع التربية والثانية في قطاع النفط.. والفضيحتان اللتان أزيل النقاب عنهما أظهرتا تفشي الفساد والرشاوى في هذين القطاعين ففي جانب وزارة التربية أظهرت التحقيقات وجود اختلاس وصفقات مشبوهة تمت خلال عدة أعوام بدأت من 2016 – 2018 وقد بلغت الأرقام المتداولة عبر وسائل الإعلام حدودا مذهلة لم تبلغ مئات الملايين أو بعض المليارات بل حوالي السبعين مليارا ً وفائدتهما حوالي العشرين مليارا ً ليصبح الرقم النهائي حوالي التسعين مليارا ً من الليرات السورية ..
وفي جانب النفط فقد كشفت التحقيقات التي تداولتها وسائل الإعلام الرسمية عن ضياع مليارات الدولارات في مناقصات فاسدة وجرعات سرطانية وهمية ومحروقات مسروقة في مصفاة حمص وأظهرت المعلومات عن تورط مسؤولين على مستوى عال في مصفاة حمص بدءا ً من المدير العام السابق الذي توارى عن الأنظار والمحاسب المالي ومدير الرقابة الداخلية وسبعة عشر موظفا ً آخرين تم التحقيق معهم حيث ظهر الفساد بأوضح أشكاله عبر تلك الممارسات الخاطئة خلال السنوات الماضية منذ عام 2010 وحتى ساعة كشف تلك السرقات والمناقصات المشبوهة التي أوردت بعض وسائل إعلامنا الرسمية أن المتورطين فيها حسب ترتيبهم الوظيفي بدءا ً من أعلى الهرم في المؤسسة وهو المدير العام المؤتمن على أموال تلك المؤسسة الحيوية وبمدير الرقابة الداخلية وانتهاء ً بأصغر موظف في الحرس حيث كانوا يشاركون بالسرقة والاختلاس والصفقات المشبوهة والقصة تبدأ بشكل مدروس ومفبرك على أساس تقسيم الحصص والاستفادة المادية من رؤوس الفساد « المدير العام – المدير المالي – مدير الرقابة » ومن ضمنها الاتفاق مع تاجر ومورد واحد لبيع قطع صناعية للشركة بأسعار مرتفعة مقابل دفع مبالغ مالية شهرية تتراوح بين 100-150 ألف ليرة مقابل التغاضي عن فحش أسعاره .. إضافة إلى مناقصات تنتهي بسرقة المازوت والبنزين وبيعهما لحسابهما الشخصي وكذلك خلط النفط بالماء ولم تنج مخصصات الشركة من المحروقات من السرقة التي كانت تباع وتشترى بأساليبهم الشيطانية ولعلنا نذكر منذ أشهر خبر الكشف عن وجود أنبوب كان يتم عبره تسريب المازوت والبنزين من داخل جدار الشركة إلى بعض السماسرة بعلم الحرس وقد بلغت الأرقام اليومية المسروقة آنذاك عدة آلاف من الليترات والتي تبلغ أثمانها أرقاماً لايستهان بها , ولم يتوقف الأمر عند السرقات بل تعداه الى بيع بعض المناصب بمئات الآلاف من الليرات السورية ولم تنج أدوية العمال من السرقة وحتى أدوية الأمراض المستعصية كمرض السرطان من متاجرة بعض موظفي المصفاة بأساليب أكثر خبثا ً وفساداً ممن اتبعوها ..
لقد كان ملف مصفاة حمص مهولاً من حيث السرقات والأساليب المتبعة منذ عام 2010 والسؤال الذي يتردد دائماً إذا كان هؤلاء الفاسدون يمارسون فسادهم منذ عام 2010 فهل توصل المسؤولون في الرقابة والتفتيش وفي الأجهزة الرقابية الأخرى للرقم الحقيقي للمبالغ المنهوبة أو المسروقة نتيجة هذا الفساد وهل يا ترى بلغت ذات الرقم الذي وصل إليه ملف الفساد في وزارة التربية والسؤال الأهم هو إذا كان هؤلاء الفاسدون يمارسون سرقاتهم وأعمالهم المشبوهة منذ ذاك العام لماذا لم يتم كشفهم قبل هذا التاريخ .. هل يعقل أن يبقى الفاسد حوالي تسع سنوات ينهب ويسرق دون حسيب أو رقيب وفي النهاية وبعد أن تقع الفأس بالرأس ويهرب السارقون يتم الكشف … أين كانت الجهات الرقابية والمؤتمنة على هذه المؤسسات وماذا كان يفعل الموظفون الذين يراقبون ويتابعون أداء هذه المؤسسة أو تلك .. ترى هل كان حالهم كحال مدير الرقابة الداخلية الذي كان يقبض حتى يغض النظر .. وماذا يعني أن يتم الكشف عن فساد في مؤسسة ما بعد ثمان أو تسع سنوات .. ألا يعني أن هناك خللاً في العملية الرقابية .. وبالتالي ألا ينبغي أن نضع أساليب وطرقا ً جديدة لمراقبة أداء تلك المؤسسات والعاملين فيها .. والسؤال الأهم ترى هل سنكون في عام 2020 أمام فصول جديدة للفساد في مؤسسات أخرى ..
ثمة أنباء كثيرة تشي بوجود فساد في أكثر من جهة خاصة بعد انتشار بعض الأخبار عن كف يد بعض الشخصيات المهمة في بعض المحافظات وتورطها بعمليات مشبوهة ربما لا تقل أهمية عما جرى في مصفاة حمص وفي وزارة التربية ..؟
عبد الحكيم مرزوق