انخفاض ورش تصنيع الذهب من 12 إلى ثلاث ورشات… المضاربة على الليرة السورية و انخفاض قوتها الشرائية انعكس ارتفاعاً في سعر الذهب

نشتري … أم نبيع ؟ أنت في حيرة من أمرك ؟؟ ماذا يحدث ؟ ولصالح من ذلك ؟ و هل حقا المضاربة على الليرة السورية و انخفاض قيمتها الشرائية أمام الدولار هو السبب ؟ أسئلة … و أسئلة كثيرة تبحث عن أجوبة لها بالحد الأدنى يجب أن تكون منطقية لماذا الذهب؟ و ما هو سر هذا المعدن الأصفر المرغوب من الجميع ؟؟!!

من أرض الواقع و من مدينة حمص ماذا نجد ؟ يقول جورج زكي الأخرس رئيس الجمعية الحرفية للصياغة و المعادن الثمينة بحمص … رغم ارتفاع سعر غرام الذهب ووصوله إلى 41 ألف ليرة سورية عيار 21 قيراط لتاريخ 11/1/2020و القيراط: هو وحدة قياس درجة نقاء الذهب و يعتبر العيار 24 قيراط هو عيار الذهب الصافي الطري جداً و قد أتت كلمة قيراط من اليونانية و تعني ثمرة الخروب لأن بذرة الخروب كانت تستخدم لقياس كتل الذهب و الأشياء الثمينة و لزيادة قوة الذهب التصنيعية كحلي أو مجوهرات يخلط مع معادن أخرى بنسب مدروسة مثل – النحاس – الفضة – الزنك – و من هنا تأتي عيارات الذهب الأخرى ذهب 21 قيراط و يعني 21 جزء من 24 جزء من الذهب الصافي و الثلاثة أجزاء الأخرى هي من معدن آخر و كذلك عيار 18-14 و غيرها و منذ اكتشاف الذهب قبل آلاف السنين من عمر البشرية و ذكره في الكتب السماوية و معرفة خواصه الكيميائية و الفيزيائية الفريدة من نوعها و هي عدم تأثره بالماء و الهواء و الأوكسجين فهو لا يصدأ و لا يتآكل ولا يفقد بريقه الأصفر و يمكن إعادة تصنيعه و تشكيله بالطريقة التي تريدها و لكونه أكثر المعادن ليونة يمكن سحبه على هيئة أسلاك أو خيوط رفيعة جداً و كذلك تصنيعه على شكل صفائح رقيقة جداً و هو معدن عاكس للحرارة و أقلها امتصاص لها و خاصة النقي منه الذي يعكس 99% من أشعة الحرارة و يستخدم في جميع الصناعات الإلكترونية و الطبية و الفضائية و غيرها و هذه الخواص التي لا بد من ذكرها لمعرفة لماذا الاهتمام بالذهب لا بد من العودة إلى الماضي ولو قليلا لنسلط الضوء على من اكتشف الذهب و صنعه لنجد أن قدماء المصريين هم أول من اكتشف الذهب و استخرجوه من 120 منجما في الصحراء الشرقية ووضعوا أقدم خريطة لمنجم ذهب على ورقة البردي و تؤكد التوقعات أن كهنة المعابد الفرعونية هم الذين كانوا يعرفون طريقة اكتشاف الذهب و تصنيعه من قبل حرفيي الفراعنة إذا علمنا أن درجة حرارة صهر الذهب تحتاج إلى أكثر من ألف درجة مئوية و يؤكد نجاح الفراعنة في ذلك صناعة تابوت و قناع الملك توت عنخ أمون المصنوع من الذهب الخالص و المزخرف بالأحجار الكريمة و الزجاج الملون و التنقيبات الأثرية اكتشفت العديد من التحف الذهبية و المجوهرات رائعة التصنيع و تعود إلى أكثر من 3 آلاف عام و هذا يؤكد أن الإنسان كان يهتم بالذهب كزينة للرجال و النساء حسب التقاليد و العادات الاجتماعية لكل مجتمع فلا فرح دون ذهب الفتاة الذي يبين غلاتها عند أهلها و خطيبها بمقدار ما تضع ذهب على رأسها أو في أصابعها و أذنيها و يديها و حتى الخلاخيل في الرجلين لا خطوبة لشاب على فتاة دون وجود محبسين من الذهب كحد أدى واحد لها و الأخر له و حلقين في الأذنين و بعض من الأساور في معصميها و سلسال ذهب في رقبتها ولا ننسى أن كثيرا من الأغاني الشعبية و الفلكلورية كانت و ما زالت تتغنى بالذهب في وصف الحبيب لحبيبته و يؤكد الأخرس أنه حاليا و بعد ارتفاع سعر الذهب بهذا الشكل أصبح يقتصر على المحبسين و بقيمة لا تقل عن 200 الى 250 ألف ليرة سورية و من لا يمتلك هذه القيمة المالية يلجأ إلى شراء الذهب المقلد الروسي و البرازيلي من محال الإكسسوارات الرخيصة لقضاء الحاجة و استبدالها بالذهب عندما تتوفر لديهم المبالغ المالية لذلك و يضيف الأخرس : و في الأمثال و نظرا لنقاوة الذهب الخالص نقول عن هذا أو ذاك عند مدحه أو مدحها بأنها نقية مثل الذهب و الذهب هو الخزنة التي لا تتأثر قيمته بأي شيء صعودا أو نزولا و لذلك يوضع في البنوك المركزية للدول كاحتياطي خارج التداول الشعبي و يعتبر كمستودع لحماية عملتها الورقية من المضاربات المالية العالمية و تعتبر تجارة الذهب من أكبر مكونات التجارة العالمية وذلك للحاجة الملحة لاستخدام هذا المعدن الثمين في كثير من مناحي الحياة الصناعية والإستراتيجية والاجتماعية و تجارة الذهب قديمة متجددة وتتمثل في بيع وشراء الذهب من مختلف العيارات والأشكال والنماذج وتتغير أسعار هذا المعدن وفقا لظروف الأسواق العالمية عرضا وطلبا ومن حيث حدوث الكوارث والحروب و يكون الذهب ملجأ للمستثمرين في حالات كثيرة مثل تدهور أسعار العملات الرئيسية في العالم.
و يضيف الأخرس: تعتبر تجارة الذهب بيعا و شراء من أهم مكونات التجارة العالمية و بناء على ذلك فقد تأسس عام 1987 مجلس الذهب العالمي و يتخذ من لندن مقرا له و المؤلف من الشركات الرئيسية العاملة في مجال تعدين الذهب و استثماره في كافة المجالات و يعتبر المجلس منظمة عالمية متخصصة في سوق الذهب حيث تهتم في هذا المجال الاقتصادي بكافة جوانبه و تسعى إلى تحفيز و دعم الطلب على الذهب و ما ينشر من أبحاث تدل على قوة الذهب كحافظ للثروة سواء للمستثمرين أو البلدان كما أنه يوفر تجهيزات لصناعة الذهب و يقدم روئ حول العوامل الدافعة للطلب على الذهب و في سورية يقوم البنك المركزي و رئيس جمعية الصاغة بدمشق يومياً و حسب سعر أونصة الذهب عالميا و البالغ وزنها 31,10 غرام و قيمة الدولار في السوق الموازية بتحديد سعر غرام الذهب محليا ارتفاعا أو انخفاضا حسب شدة المتآمرين على الليرة السورية في السوق الموازية مقارنة بالدولار هذا أولا و ثانيا ظهور عصابات تزوير الذهب لذلك طلبت الجمعية من الصاغة تسجيل كافة المعلومات المفصلة عن الذين يشترون الذهب منهم حماية لهم من المساءلة القانونية عن مصدر الذهب إذا كان مزورا أو مسروقا أو مهربا و بناء على ذلك فقد أحدثت نقابة صياغة المعادن الثمينة بحمص في 17/10/1951 و في العاشر من آذار عام 1960 صدر القانون الأساسي لنظام النقابة الداخلي و كان الهدف من إحداث النقابة جمع شمل جميع أرباب العمل الذين يمارسون مهنة صياغة المعادن الثمينة و رفع مستوى المهنة الفني و الاقتصادي و دراسة مصالحها المسلكية و الدفاع عنها و تحسين حالة من يمارسون المهنة صحيا و ثقافيا و اجتماعيا و في 13/10 / 1969 صدر المرسوم التشريعي رقم 250 و لائحته التنفيذية للتنظيم الحرفي في القطر العربي السوري و تحولت النقابة إلى جمعية تحت اسم الجمعية الحرفية للصياغة و المعادن الثمينة بحمص أما عدد أعضاء الجمعية كانوا 540 عضوا المتابعين العمل 460 عضوا و البقية تركوا المهنة أو سافروا خارج القطر و على أرض الواقع عدد المنتسبين إلى الجمعية حاليا هو 270 عضوا منهم 70 صائغا في المدينة و 30 صائغ موزعين في ريف المحافظة وما زالت حركة بيع و شراء الذهب موجودة ولو كانت في الحدود الدنيا لها..
تهريب الذهب
و عن سؤالنا عن تهريب الذهب خارج القطر أجاب الأخرس أصبح في الحدود الدنيا بسبب وصول سعر الذهب محليا إلى السعر العالمي وعن سؤالنا لماذا يفضل الزبون شراء المستخدم عن المصنع حديثا أجاب الأخرس للتخفيف من أجور صياغة الذهب الجديد الذي يتراوح ما بين 2500-3500 ليرة سورية للغرام الواحد لعيار 21 قيراط من الذهب حسب القطعة المصنعة من خواتم و أساور و سلاسل و غيرها…حيث كانت تعتبر مدينة حمص من المدن التي تكثر فيها ورشات صياغة الذهب حيث وصل عددها إلى أكثر من 12 ورشة لم يبق منها بعد الحرب التي مرت على المدينة سوى 3 ورشات حيث كانت تتميز الدمغة الحمصية التصنيعية للذهب بشعار السمكة و التي أوقفت وزارة المالية العمل بها على خلفية قلة ورشات التصنيع و عدم تأمين الوارد المالي الكفيل بتغطية مبلغ ضريبة الإنفاق الاستهلاكي و هذا ما أدى إلى اضطرار ما تبقى من ورشات تعمل في تصنيع الذهب إلى الذهاب إلى دمشق أو حماة أو حلب لوضع الدمغة على الذهب المصنع لديهم و من الجدير ذكره أنه يمكن صياغة الحلي الذهبية بعدة ألوان فالذهب الأصفر يصنع بمزج النحاس مع الفضة و الذهب الأخضر يصنع باستخدام النحاس و الفضة و الزنك أما الذهب الوردي فهو يصنع باستخدام النحاس أما اللون الأبيض الأكثر استخداما فهو مصنوع من مزج النيكل و البلاديوم و الزنك و النحاس مع الذهب.
بطء عودة الصاغة إلى السوق الأثري
و عن سؤالنا عن تباطؤ عودة الصاغة إلى السوق الأثري المسقوف للصاغة في المدينة بين الأخرس أنه لم يتم الانتهاء من ترميم السوق و تأهيله ليتم العودة إليه وأضاف : نحن على استعداد للعودة حين يتم الانتهاء من جميع الأعمال الترميمية و الخدمية ..
و أخيرا لا بد من القول أننا أمام حالة استثنائية لابد من أن نتجاوزها قريبا و تعود عجلة الحياة إلى ما كانت عليه قبل الحرب الكونية التي فرضت على سورية من قبل العصابات الإرهابية المسلحة و داعميها و لا نستطيع أن نحدد هل سعر الذهب مستقبلا في ارتفاع أم انخفاض و يعود ذلك إلى التطورات السياسية و الاقتصادية و العسكرية التي قد تشهدها المنطقة.
تحقيق و تصوير: راسم الوعري

المزيد...
آخر الأخبار