واقع النظافة في أحياء المدينة من جديد .. نقص الآليات والكادر البشري يعيق تخديم المواطن بالشكل المطلوب
في كل مرة نكتب فيها عن واقع النظافة في أحياء مدينة حمص ونتواصل مع الجهات المعنية أملا في تحسين هذا الواقع المتردي وخاصة في الأحياء البعيدة عن مركز المدينة ، لكن الحال لا يتغير كثيرا !!
ففي جولة على تلك الأحياء نستطيع أن نشاهد أكوام القمامة التي تتجمع في الشوارع وحول الحاويات ، كما نلاحظ انتشار الحشرات حتى ونحن في فصل الشتاء ، فلكم ان تتوقعوا سوء الوضع في فصل الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة ، ناهيك عن ازدياد عدد القوارض والقطط التي تنتشر بشكل كبير في الشوارع بحثا عن الطعام في أكياس القمامة التي قد تبقى لأكثر من يوم حتى يتم ترحيلها ، مما يزيد هموم المواطن هما ، وخاصة في ظل ارتفاع الأسعار ، والواقع المعيشي الصعب الذي يعيشه جراء فقدان أهم ضروريات الحياة من غاز ومازوت وانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة وأحيانا لأيام …
التقيد بالمواعيد
أم حسين تقطن في حي المهاجرين تساءلت قائلة : هل من المعقول أن نبقى نحن سكان الأحياء الشعبية نعاني من نقص الخدمات ؟ ولماذا لا توجد مساواة في توزيعها بين كافة الأحياء خاصة وأن حينا من الأحياء التي تضاعف عدد سكانها نتيجة نزوح الكثير من العائلات إليه مما يتطلب من الجهات المعنية جهودا أكبر لتقديم الخدمات..
وأضافت مشكلتنا تتلخص في عدم انتظام مواعيد ترحيل القمامة وتجمعها في شوارع الحي لعدة أيام، مما يعرض الأكياس للتلف وخاصة مع قيام الحيوانات بنبش تلك الكياس وبقاء فضلات الطعام في الشوارع حتى بعد ترحيل القمامة من قبل عمال النظافة الذين يجمعون الأكياس فقط في أغلب الأحيان دون كنس الشوارع ، وطالبت بضرورة زيادة عدد عمال النظافة في الأحياء ذات الكثافة السكانية الكبيرة وتوزيع الحاويات بما يتناسب مع حاجة الأهالي القاطنين في هذا الحي ..
أما سهيل من حي العباسية فقال : نتمنى توفر الحد الأدنى من الخدمات خاصة فيما يتعلق بموضوع النظافة وضرورة ترحيل القمامة في مواعيد نظامية يتقيد بها جميع القاطنين في الحي ، فمن غير المقبول أن تبقى الأكياس مرمية على زاوية كل شارع أو أمام المنازل أو المحال وخاصة محال الخضار واللحوم وبجوار الحاويات لأيام دون ترحيل وخاصة أيام العطل الرسمية مما يجعلها مكانا لتجمع الحشرات والقوارض والقطط ناهيك عن الأمراض التي تنتشر جراء قلة النظافة
تقصير واضح
سألنا مواطنين يقطنون في أحياء مختلفة عن واقع النظافة في أحيائهم فقالوا : نحن من الأحياء المهملة خدميا وخاصة فيما يتعلق بواقع النظافة في أحيائنا منذ سنوات وقبل بداية الحرب ففي وادي الذهب وضاحية الوليد والشماس والقصور لا يتم ترحيل القمامة في مواعيدها علما أن الأهالي يقومون بدفع رسوم النظافة المضافة على فواتير الكهرباء ، فأين الخدمات مقابل ذلك ؟ كما تحدثوا عن كون هذه الأحياء ورغم الكثافة السكانية فيها لا يتم رش المبيدات الحشرية في فصل الصيف إلا نادرا ، والذي يساهم بالقضاء على الحشرات والقوارض منعا ..
وفي بعض الأحياء القريبة من مركز المدينة لم يكن الوضع أفضل ففي حي الميدان قال أبو عبدو “صاحب محل أدوات منزلية” نعاني في حيينا من قيام بعض أصحاب محال بيع الخضار واللحوم برمي فضلات محالهم من خضار تالفة أو لحوم غير صالحة في الشوارع أو بجانب الحاويات ، مما يزيد من انتشار الحشرات والقطط والقوارض ، إضافة إلى الروائح الكريهة والأمراض ، وتساءل : لماذا لا يتم تخصيص حاويات لهذا النوع من القمامة حرصا على السلامة العامة ، وأن يتم ترحيلها في أوقات منتظمة ، إضافة لفرض عقوبة بحق أصحاب المحال غير المتعاونين بهذا الخصوص ..
ترحيل الأنقاض
بعض السكان العائدين إلى منازلهم رغم الظروف المعيشية الصعبة في الأحياء المحررة من رجس المجموعات الإرهابية المسلحة طالبوا بضرورة ترحيل بقايا الأنقاض والأتربة المتراكمة في الشوارع كما في أحياء “القصور – جورة الشياح – القرابيص “ ومكافحة القوارض والكلاب الشاردة لتشجيع عودة باقي الأسر إلى منازلهم بعد تأمين الظروف الصحية والمعيشية المناسبة لعودتهم ..
كما تساءل البعض عن كيفية التعامل مع النفايات الطبية الناجمة عن عمل المشافي وكيف يتم التخلص منها
وللإطلاع على واقع النظافة في أحياء المدينة تحدثنا مع مدير النظافة في مجلس مدينة حمص عماد الصالح وللتعرف على آلية العمل والصعوبات التي تعترض عملهم في ظل الظروف الصعبة التي خلفتها سنوات الحرب الطويلة ..
قدم الآليات
أشار الصالح إلى أنه لا بد لاتمام العمل بالصورة الأفضل يجب توفر الإمكانيات اللازمة من كوادر بشرية شابة ووجود آليات حديثة متعددة الأغراض إضافة إلى الإمكانيات المادية ، ونوه إلى أن واقع النظافة في المدينة يفتقر إلى مقومات العمل الأساسية ، فالكوادر العاملة الموجودة أصبحت كبيرة في السن ، إضافة إلى استشهاد عدد كبير من العمال خلال سنوات الحرب أثناء تأديتهم عملهم اليومي على يد العصابات الإرهابية المسلحة مما انعكس سلبا على الأداء وتقديم الخدمة المناسبة للمواطنين ..
وأضاف : أما بالنسبة للعمال الموجودين على رأس عملهم فيبلغ عددهم يبلغ 327 عاملا ، قسم منهم حراس وعمال ورش ومنهم في شعبة البخ وحراس مطمر ويبلغ عدد العمال العاملين في الشارع تقريباً بحدود 240 عاملاً وقسم منهم عمال مرافقين للسيارات وعددهم 120 عاملاً وما تبقى عمال كنس مع عرباتهم .. وأوضح أن هذا العدد لا يتلاءم مع مدينة كبيرة كحمص، فالمطلوب منهم العمل في 52 حي من أحياء المدينة، وبالإضافة لكثرة أعطال الآليات الموجودة وقدمها، حيث يعود تاريخ أحدث آلية تعود للمديرية للعام 2006 مع العلم أن الآليات تعمل يومياً ما أدى إلى استهلاكها، كل هذه الأمور انعكست سلباً على واقع النظافة في المدينة، إضافة إلى عدم التزام المواطنين بوضع أكياس القمامة في مكان محدد ريثما يتم نقلها خارج المدينة، مما يضطرنا للعمل أحيانا بنظام التناوب يوميا حرصا على عدم بقاء القمامة وتراكمها في الشوارع..
عقود جديدة
وأشار إلى وجود عقود نظافة مع القطاع الخاص لدعم عمل عمال المديرية ويبلغ عددها 10 عقود موزعة على قطاعات المدينة بواقع 20 عاملاً لكل عقد ( عمال كنس)، منوها بأن أعمال الكنس تبدأ بالشوارع الرئيسية والمحاور الرئيسية والأسواق باتجاه الداخل وهناك 3 سيارات كانسة تعمل على منصفات المحاور الرئيسية
وأضاف : رغم الدعم بعقود خاصة بقي عدد العمال غير كاف ونطمح لتحقيق مستوى جيد في موضوع النظافة “ حسب النورمات العالمية” ولكن الإمكانيات المتواضعة هي التي تتحكم بآلية العمل ، حيث نعمل بوردية كاملة صباحا وجزء من وردية بعد الظهر تغطي المحاور الرئيسية والأسواق وتتم أعمال كنس للشوارع بحدود 60 % وأعمال ترحيل القمامة يومياً 100% عدا يوم الجمعة..
توزيع الحاويات وتفريغها
مشيرا إلى أن نقل القمامة يتم من خلال تفريغ الحاويات عن طريق سيارة ضاغطة مغلقة وطريقة الجمع المباشر وطريقة ثالثة يتم استخدامها في أطراف المدينة عن طريق التركس أو القلابات إلى ( مكبات عشوائية ) ..
وفيما يخص توزيع حاويات القمامة في الأحياء قال : يتم توزيعها استنادا إلى عدد السكان القاطنين في الحي ، وخلال الحرب تم فقدان الكثير منها وتوقف برنامج دعم وصيانة الحاويات التي تضررت أو استبدالها .. علما أن تم رفد المديرية بعدد لا بأس به من الحاويات من منظمة الأمم المتحدة وعن طريق وزارة الإدارة المحلية تم توزيعها على العديد من الأحياء .. كما نوه إلى أن المديرية تضع برنامجاً دورياً لتعقيم الحاويات في جميع الأحياء، ورش المبيدات الحشرية أيضاً كل 15 يوما ..
ترحيل الأنقاض
وأشار إلى أن مديرية النظافة قامت بعد تحرير أحياء المدينة من رجس الإرهاب بترحيل الأنقاض وإصلاح بعض الحاويات ، منوها أنه تم القيام بترحيل جزء كبير منها خلال الفترات السابقة عن طريق إبرام عقود مع شركات خاصة وعامة أو عن طريق المنظمات الدولية أو بآليات مجلس المدينة من جميع الأحياء المتضررة في المدينة تستهدف ترحيل الأنقاض من الشوارع التي تشهد عودة السكان إليها منها الأسواق ومركز المدينة وجورة الشياح .. وأضاف نقوم بتحضير 12 عقد جديد سيشمل كل الأحياء وقيمة كل عقد 25 مليوناً موزعة على أحياء المدينة ..
وعن آلية رش المبيدات الحشرية قال كل سنة هناك برنامج يتم توزيعه على لجان الأحياء تلتزم مديرية النظافة بتطبيقه ، علما أن هناك جزءا احتياطيا للتعامل مع الحالات الطارئة والخاصة..
النفايات الصلبة
وبالنسبة للنفايات الصلبة قال: يتم طمر النفايات الصلبة عن طريق الطمر الصحي في مطمر دير بعلبة ضمن حاويات معزولة على شكل طبقات وفق شروط فنية محددة ، منوها بأن هذه الأعمال هي مؤقتة ريثما يتم تجهيز محطة ترحيل حمص الأولى ومطمر الفرقلس وفق خطة “ترافي لور” وهي الخطة العامة لمعالجة النفايات الصلبة في محافظة حمص..
أما النفايات الطبية فيتم التعامل معها وفق خطة معالجة حيث توجد سيارات لجمعها وطمرها في مطمر خاص بالنفايات الطبية بعد تكليسها ..
لا تتناسب مع صعوبات العمل
أشار مدير النظافة إلى أن عمال النظافة كانوا يتقاضون طبيعة عمل 100% في عام 2004 وتم تثبيتها على الرواتب في عام 2013 ، منوها بأن عمال الوردية الصباحية انخفضت طبيعة عملهم الى 58% ، أما عمال الوردية المسائية فيتقاضون 75% . والمحزن أن العامل يتقاضى 30 ليرة لقاء الوجبة الغذائية اليومية المخصصة ولم تعدل حتى اليوم علما أن عمال النظافة لا يتقاضون أية حوافز إضافية أخرى .. ، وقد قمنا برفع عدة كتب لزيادة تعويض الوجبة الغذائية وتعويض طبيعة العمل على الراتب الحالي وهذا الموضوع قيد المعالجة .
تجربة ناجحة
وأضاف: تجربتنا مع القطاع الخاص هذه السنة تعتبر جيدة ومشاركته كان لها مردود إيجابي وأحدثت نقلة نوعية بهذا الخصوص ، كما أطلقنا عدة مبادرات نظافة في أحياء المدينة تضم شقين “عملي” بمشاركة السكان والجهات المعنية والطلاب وشق” توعوي” يتم فيه توزيع البروشورات التوعوية على الأهالي ولمسنا فيها نتائج إيجابية وتعاوناً ملحوظا .
وكان نشاط الجمعيات البيئية مميزاً وأعطى مردوداً إيجابياً من خلال إقامة الندوات حول توعية المواطن بالتقيد بالنظافة وبمواعيد رمي القمامة ، بالإضافة إلى مبادرة مع اتحاد طلبة سورية بعنوان ( سوا بترجع أحلى ) على المحور الشمالي لمدخل مدينة حمص وكان لها أثرا طيبا
وأضاف حالياً نحضر مجموعة من العقود بالتعاون مع وزارة الإدارة المحلية وبعد زيارة الوفد الحكومي كان التوجه لإزالة الأنقاض من الشوارع التي عانت من الإرهاب وحالياً نحضر العقود الخاصة بترحيلها والتي ستشمل جمع الأحياء المتضررة في مدينة حمص..
وعن عقود نظافة جديدة وتكلفتها قال إن العقود تم إبرامها السنة الماضية وتنتهي في الشهر السابع من العام الجاري وإذا تم توفر الدعم المالي من الوزارة سنكرر هذه التجربة مما ينعكس على نظافة المدينة والعقود تشمل المدينة كلها فقيمة كل عقد 25 مليوناً ومدة كل عقد سنة كاملة وفق قانون النظافة رقم 49 لعام 2004
وختم الحديث بالقول إلى أن العمل على نظافة المدينة وشوارعها وأحيائها تأثر بالحرب، وربما أولى مظاهر تأثرها انتشار القمامة في الأحياء التي شهدت رجس المجموعات الإرهابية و بسبب تراكم الأنقاض وهجرة الأهالي من منازلهم ما أدى إلى انتشار الروائح الكريهة والذباب والبعوض، وكذلك الأكياس المليئة بالقمامة التي تُرمى بشكل عشوائي في الشوارع من جهة ومن جهة أخرى ضعف امكانيات المديرية ونقص كادرها البشري من جهة أخرى ، وسنسعى جاهدين لتدارك هذا النقص والعمل بجد حرصا على سلامة وصحة المواطنين ..
عمال النظافة ورغم كل الإمكانيات المتواضعة عملوا خلال سنوات الحرب بكل جد وتفانوا في أداء واجبهم لجعل شوارع المدينة نظيفة بالرغم من الضغوط الملقاة على كاهلهم ، وذلك لغياب تعاون القاطنين والأهالي في أكثر الأحياء معهم وعدم انتظامهم بمواعيد ترحيل أكياس القمامة ورميها في الحاويات ، وتراجع عدد عمال النظافة والآليات خلال فترة الحرب ، لذلك نتمنى رفد المديرية بعناصر شابة وبالآليات الحديثة لتقديم الخدمة الجيدة للمواطن ونشر ثقافة الوعي البيئي بين المواطنين وتضافر الجهود لضبط المخالفات وقمعها حرصا على الصحة العامة ..
بشرى عنقة – هيا العلي
تصوير: الحوراني