نقطة على السطر.. في فم التنّين

كان التواصل بيننا على الهاتف فقط .. سؤال فجواب عن أيام مرت بها بعد التهجير القسري ، لتقول : «صحيح أن الحياة لم تنته بعد ، لكن شبح الفقر بدأ يخيم في منزلنا المستأجر منذ سنين ، وما زلت مصابة بداء اليأس» ..
إذ لا قريب ولا صديق يقف إلى جانبها في سنين المحنة بعد أن مات زوجها وترك لها ابناً مقعداً ، تدور من مكان إلى مكان بحثاً عن منزل أقل أجراً ….
حتى أقبية المنازل طرقتها رغم عفونتها وقلة الخدمات فيها .. إذ بدا المؤجر كممثل بارع يجيد أداء دوره في الترغيب بميزات منزله وتعداد محاسنه ، يخفي ما يخفيه من عيوب ونواقص لم تكتشفها إلا حين استقرت بالمنزل ، ليطغى شعور جديد عصي على المناقشة يومىء بأن مرحلة قادمة من العذاب قد بدأت وعليها الاستعداد تماماً للمعركة بما يداخلها من تشويش وقلق وهي تدعو .. استرها يا رب فالآتي أعظم «..
إذ ما أن يدق صاحب المنزل الباب ليتقاضى الأجرة حتى يستولي عليها الكثير من الخوف تجعلها تعد الدقائق والثواني حتى يفجر قنبلته الموقوته بزيادة جديدة في أجرة المنزل ..
يتمطى في داخله الطمع كل بضعة أشهر فيظهر خشونة في التعامل إذا لم تستجب لطلبه، لتحسم المعركة بالخروج من المنزل ..
فتبدأ من جديد نقطة الانطلاق في البحث عن منزل آخر حتى ولو كان في أقاصي المدينة ، لتتوهم أن الغيمة التي كانت مخيمة على حياتها قد زالت لكن الهم بلغ مداه في بيوت ملأتها رائحة الرطوبة والأمراض المزمنة وما يتبعها من أزمات ارتفاع أجرتها..
لتفكر بجدية أن تعود إلى بيتها نصف المهدّم ، فرغم كل شيء فإن بساطة البداية هي فأل خير ربما تعيد إلى القلوب المكلومة بعض الأمل المفتوح على عشرات الاحتمالات لتلك العودة غير الآمنة ، كون المنزل غير مهيأ تماماً للسكن هي مغامرة ولدت انتعاشاً لا نجد لها سوى المباركة ، على الرغم من أن أية جهة من الجهات المعنية لم تحاول رأب الصدع ، ولم تمد يد المساعدة لتكون بمثابة شهاب يضيء حياة الأسر المهجرة ويمنحهم القدرة على الثبات والاستقرار ..
أولئك الذين ذاقوا ما ذاقوه خلال سنين الحرب ، وما زلوا لاهثين وراء الحلول فلا مجيب ولا معين .
عفاف حلاس

المزيد...
آخر الأخبار