تحت أي بند يمكن أن ندرج تصريحات الإدارة الأمريكية حول عودة الحياة الطبيعية وفتح طرق المواصلات واستئناف رحلات مطار حلب … هل هو انحراف بالرؤية أم غبش أصاب عيون الإدارة الأمريكية مما منعها من رؤية الأشياء على طبيعتها ، أم أنه التشّوه الخلقي عند أولئك الذين لا يرون أولا يحبون رؤية بلادنا تتعافى وتعود إلى حالتها الصحية لأن ذلك يعني لهم الكثير وفي مقدمة ما يعنيه الفشل المدوّي لمشروعهم التدميري في المنطقة العربية والقضاء على محور المقاومة وهذا يعني أيضاً انحسار دورهم وخروجهم مهزومين يلملمون أذيال الخيبة بعد ما يقارب التسع سنوات من الحرب الكونية الظالمة على سورية .
الإدارة الأمريكو صهيونية التي خططت ودعمت العصابات الإرهابية المرتزقة التي جاءت بهم من أصقاع العالم وبتمويل سعودي قطري لم تستطع خلال السنوات الماضية من فرض أجنداتها في المنطقة العربية ولهذا فهي منذ هزيمة أدواتها في سورية حاولت أن تتدخل وتظهر علانية وتدير اللعبة من فوق الطاولة بعد أن كانت تتحرك من خلف الستار وتوجه أدواتها وأعوانها من خلال الغرف السوداء وغرف العمليات التي أنشأتها في أكثر من منطقة ومدينة بمشاركة أجهزة مخابرات عربية وأمريكية وفرنسية وإسرائيلية وإنكليزية … وبعد كل ذلك وبعد فشل كل السيناريوهات التي وضعتها أصبحت أمام حائط مسدود لا يمكن اختراقه ولا يمكن النفاذ من خلاله لفرض شروطها وتحقيق أهدافها .. على الرغم من كل ذلك فإن الإدارة الأمريكية ما زالت مصرة على عدوانها وعلى مؤامراتها حتى الرمق الأخير فهي تتحرك ومازالت عبر أدواتها وبكل وقاحة وبأساليب وضيعة تظهر النزعة العدوانية والاستعمارية عندها فهي لم تكتف بالتدمير والقتل الذي ارتكبته هي وأدواتها خلال حرب السنوات التسع ولم تكتف بالحروب السياسية والاقتصادية والإعلامية والثقافية التي ارتكبتها بحق الشعب العربي السوري ولا بالحصار الجائر الذي استهدف لقمة عيشه ولا بكل الإجراءات والقرارات لتضييق الخناق على سورية قيادة وشعباً ولا بسرقة النفط وبشكل علني وبكل وقاحة غير مسبوقة أعلن عنها دونالد ترامب وكأنه رئيس عصابة أو مافيا مأجورة وليس رئيس أكبر دولة في العالم .. وهذا يوضح أن هذه الدولة العظمى هي عبارة عن مافيا وعصابات مأجورة قادت وتقود العالم منذ سنوات بهذا الأسلوب الدنيء والوضيع وهذا بالطبع ليس خافيا على أحد ويعرفه القاصي والداني ولذلك ليس مستغرباً أن نسمع أي تصريح وقح من الإدارة الأمريكية ينزعج من عودة الحياة الطبيعية إلى أي منطقة أو مدينة من المدن السورية فالإدارة الأمريكية التي تتشدق بحقوق الإنسان هي أول من يخرق هذه الحقوق ،والإدارة التي تتحدث عن الحريات هي أول من يخرق تلك الحريات والكذبة الكبيرة التي وصلتنا عبر الإعلام عن كل تلك الهالة الكبيرة التي تحيط بأمريكا لم تكن إلا كذبة لتسويق مصالح تلك الدولة التي قامت منذ تأسيسها وحتى الآن على القتل والتدمير وسرقة مقدرات الشعوب وتحقيق الأهداف الاستعمارية في العالم فالإعلام الأمريكي لا ينقل حقيقة ما يجري في المنطقة ولا يظهر للرأي العام العالمي عامة والأمريكي خاصة تلك الأهداف العدوانية والقتل والتدمير الذي تمارسه إدارته في معظم المناطق التي تتواجد فيها ميليشياته المسلحة تحت عناوين براقة هي نشر السلام وتحقيق الحرية لشعوب العالم ولا يدري الرأي العام الأمريكي أن دونالد ترامب هو لص كبير يتعامل بأسلوب اللصوصية في نهب ثروات وشعوب المنطقة تحت ستار الدفاع عنها أو تحقيق العدالة أو الدفاع عن الحريات والديموقراطية …
وكل تلك السياسات العدوانية التي تمارسها الإدارة الأمريكية وقادتها في النهاية تصب في خدمة العدو الإسرائيلي كي يبقى المهيمن والمسيطر على المنطقة العربية ولعل تدمير سورية وإضعاف محور المقاومة لم يأت من فراغ بل كرمى لعيون الصهاينة الذين تلقوا عدة صفعات على يد المقاومين الشرفاء في الجنوب اللبناني وفي فلسطين المحتلة .
الإحباط والانزعاج الأمريكي من تقدم الجيش العربي السوري وتحرير حلب وقرى عديدة في الشمال السوري وفتح مطار حلب أدى إلى فقدان الإدارة الأمريكية لاتزانها وخروجها عن اللباقة بأقوالها لأن ما جرى في حلب كان صفعة قوية للادارتين الأمريكية والتركية اللتين تشاركان في الحرب الكونية على سورية ومع أن المشروع الأمريكي قاب قوسين أو أدنى من السقوط إلا أن الإدارة الأمريكية تكابر مثلها مثل التركي عل وعسى تحقق شيئاً ما على الأرض …المفاجآت قادمة والصفعات ستتوالى وان غداً لناظره قريب .
عبد الحكيم مرزوق