يعلم المدربون الإعلاميون تلامذتهم ضرورة ابتداء الخبر الصحفي باستخدام الفعل في الزمن الحاضر ليدل على الجدَّة أي بمعنى آخر(السبق الصحفي) وهذا ما يشير إليه النحاة في شرح أهمية الفعل في الجملة العربية وقد عثرت على مثل هذا الكلام في متن كتاب الأستاذ الدكتور عصام الكوسى الصادر حديثاً عن الهيئة السورية للكتاب ,وزارة الثقافة السورية بعنوان:” من دلالات الفعل في العربية” فيقول في باب الفعل بين الإظهار والإضمارص77 :”لم تكن العوامل اللفظية على قدر واحد من حيث القوة والتأثير , فقد خلص النحاة إلى أن الفعل هو أقوى العوامل اللفظية على الإطلاق “. ومن حق القارئ أن يتساءل عن الهدف الذي يتوخاه الدكتور الكوسى في تقفّيه دلالات الفعل في كتب النحو ويوثق هذا البحث في كتاب خاصة وأننا نشهد دعواتٍ كثيرة تخرج هنا وهناك تنادي بتبسيط النحو وتسهيله على الناشئة من الجيل الجديد الذي تلوَّث ملكَاته اللغوية لغة مواقع التواصل الاجتماعي خاصة وان أصحاب هذه الدعوات يصرون أن أهدافهم نبيلة في سبيل غرس حب اللغة العربية في نفوس أبنائها وحثهم على استعمال الفصحى وفرض ذلك في وسائل الإعلام كخطوة أولى لفرضها للتداول بين العامة ,ولعل هذا ما يهدف إليه الدكتور الكوسى في كتابه هذا ,حيث اشتغاله على قضايا لغوية خلافية وتوافقية بأسلوب سهل ممتنع فيبين في مقدمة كتابه أن النحاة من خلال استقرائهم كلام العرب خلصوا إلى أن الكلمة في اللغة العربية تكون إما اسماً ,وإما فعلاً,وإما حرفاً ,وبناءَ عليه قعَّدوا القواعد فقسموه إلى هذه الأقسام الثلاثة وشرح أسباب تتبعه دلالات الفعل في اللغة العربية وقد جعل “من التبعيضية” في مقدمة عنوان الكتاب :”من دلالات الفعل في العربية ” قدمها كما ذكرنا ليؤكد أنه لم يَحط بجميع دلالات الفعل, فاللغة العربية بحر مكنون اللآلئ كما نعلم وقد شرح الأسباب التي جعلته ينهض بهذا العبء الثقيل بقوله في ص6:”يعد الفعل ركناً رئيساً من أركان الجملة في العربية,ونال هذا الركن اهتمام النحاة , فلا يخلو مصنف نحوي من التفصيل فيه,بيد أننا نجد في معظم المصنفات النحوية أن الحديث عن الفعل احتل ّ غير موضع في المصنف وفقاً لخطة مصنفة في عرض المادة النحوية والصرفية ,فيذكر في أبواب عدة؛ أنواع الكلام , الإعراب والبناء,المبني للمعلوم والمبني للمجهول, اللازم والمتعدي,نواسخ الجملة الاسمية,المفعول به,أسلوب المدح والذم ,أسلوب التعجب,المجرد والمزيد,الصحيح والمعتل,إسناد الأفعال هذا التنظيم جعل الإلمام بكل جزئيات الفعل مرهقاً,لما في كل باب من تفاصيل كثيرة هذا الأمر دفعني لأجمع عدداً من الأبواب المهمة بين دفتي هذا الكتيب ,إذ لا يمكن الحديث عنها جميعها لطبيعة هذه السلسلة وقد استعان الدكتور الكوسى بشواهد من القرآن الكريم والشعر العربي من دواوين الشعراء مثل سقط الزند لأبي العلاء المعري وديوان أبي فراس الحمداني وشرح ألفية ابن مالك وشرح ديوان عنترة بن شداد للخطيب التبريزي وغيرها الكثير من المصادر والمراجع مما يجعل هذا الكتاب جدير بمكتباتنا ,فمبارك للدكتور عصام الكوسى هذا الإنجاز النبيل.
ميمونة العلي