الفيروس سبب والموت واحد .. ” كورونا ” وحد العالم حتى بات أصغر من حبة عدس نرقبه عبر شريط إخباري بلمح البصر فيه حصيلة لعدد الوفيات والإصابات من كل بقاع الأرض … الفيروس لم يفرق بين عربي وأجنبي ولا بين عبد غني أو فقير أو أسود أو أبيض, ولم تنج من براثنه دول عظمى توغلت في محيط جبروتها وقوتها وسطوتها وتعدت على حرمة بلادنا وفرضت حصارها الاقتصادي ومارست كل موبقاتها وهي تقعد الآن عاجزة أمام فيروس كورونا مرتعدة الأوصال مسكينة غارقة في الحزن تطلب المساعدة والإنقاذ باسم الإنسانية من دول وصفتهما بالأمس القريب بأنها عدو الإنسانية وحالها يحاكي البيت الشعري : هي الأمور كما شاهدتها دول من سره زمن ساءته أزمان الصين التي دخلت دائرة الخطر- بداية – دقت جرس الإنذار عبر إجراءات احترازية إلزامية وضعت فيها يدها على الجرح بإرادة قوية وحكمة اعقل وتوكل واستطاعت تخفيف وتقليل نسبة الوفيات والإصابات في حين أن دولاً أوروبية عديدة غطت في نومها – بداية – لتستيقظ على فاجعة تحصد كل يوم فيها عشرات الأرواح ، رياح الفيروس لم تمش وفق ما تشتهي سفنها ، وتأخرها في أخذ الاحتياطات كان بمثابة من ينتظر البحر ليتبخر ، التكلفة كانت باهظة لدرجة أن أحد رؤساء تلك الدول خاطب شعبه بالقول : ” ودعوا أحباءكم قبل أن تفقدوهم …. احتواء الفيروس والسيطرة عليه بات تحدياً والمساعي لإنقاذ الإنسان أولوية أية دولة تحترم شعبها وتريد له الخلاص آمناً سالماً من فيروس معدٍ خطير فتاك … وفي هذه الظروف الاستثنائية لا يمكن تحييد الوضع المعيشي وأن تقول للمواطن التزم بالحجر المنزلي الصارم ويعز عليه بالمقابل تأمين رغيف الخبز – مثلاً- فما بالك بالحاجيات الأخرى ،… الإجراءات الحكومية تصب في مصلحة المواطن لكن “كل شيء إذا ما تم نقصان ” والخبز الذي به وحده يحيا المواطن الفقير في هذه الظروف الصعبة والذي حافظ على سعره ضمن الثالوث البسيط الذي تغنى به المطربون ” خبز وزيتون وبطاطا” ، هذا الرغيف افتقاده زاد في الطنبور نغماً …. المعتمدون مقيدون بعدد محدد من الربطات ، وكل معتمد يدفشك إلى الآخر علك تفوز بربطة خبز أخرى من عنده والأفران الآلية والاحتياطية أغلقت منافذها تحسباً واتقاء في هذا الظرف الصعب غلاء فاحش, تنعدم أمام المواطن الخيارات فمن يعيش تحت خط الفقر لن يستطيع التعويض بخبز سياحي, وشر بلية أن نسمع بأن هناك دراسة جادة لتوزيع الخبز عبر البطاقة الذكية ، بدل أن تستنفر الجهات المسؤولة وتضع حداً للمتلاعبين الناهبين للطحين وتعمل على تحسين نوعية الخبز وزيادة وزنه … والمبادرات الفردية ( الخجولة ) التي انطلقت في بعض الأحياء للتبرع بعدد من ربطات الخبز مجاناً ، مشكورة ، إلإ أنها غير كافية وجدير بأن تتم بطريقة تحفظ فيها كرامة المواطن لا إذلاله وتصويره بين الزحام يتدافش للحصول على ربطة خبز مجاناً . الأزمة التي يعيشها السوريون بتفاصيلها المرة من حرب وحصار اقتصادي ومن ثم وباء كورونا ، فضحت تجار الأزمات الذين لا ضمير ولا انتماء هؤلاء يستنسخون ويتكاثرون ويعيثون فساداً في الأرض وجدير استئصالهم من شروشهم لأنهم أخطر من كورونا العصر … كلنا معنيون وشركاء في التصدي لهذا الفيروس اللعين … اغسلوا قلوبكم قبل أيديكم وكونوا على قدر الأمانة والمسؤولية ، كي لا تبقى صوركم بائسة في قلوبنا مثل واقع كورونا المرير ….
حلم شدود