كورونا” هذا الوباء الذي يجتاح العالم بأسره يشبه ما يشبه ” الغزو ” بأشكاله المدمرة ، لكنه غزو صامت ضاغط قاتل ، هاجم دولا عظمى في عقر دارها دون استئذان أو جواز سفر ، يضرب ولا يهرب وقفزاته الايجابية في دول عربية وأجنبية كانت ولاتزال نذير شؤم بإفلاس و عدم استقرار اقتصادي وخصوبته الإنجابية تنامت في دول غربية كانت تعتبر نفسها محصنة صحياً واقتصادياً لكن كورونا قلب موازينها ومسار عيشها وأثبت أنه لا كبير في هذا العالم أمام فيروس صغير ، ومن كان يعتبر نفسه بأنه يملك رخصة قيادة العالم بأسره في غزو الشرق الأوسط غزاه فيروس كورونا وأقعده وشعبه في حجر صحي لا يخلي سبيل عزلته إلا للضرورات القصوى وتعجز كل طاقاته ومقدراته عن وضع حد نهائي لهذا الفيروس الطارىء. نحن – السوريين – لم ولن نكون يوماً من الشامتين ، لأننا بشر ولسنا حجراً ، في محاجرنا قلوب تفجع عندما يغيب الموت إنساناً عزيزاً ، أخاً صديقاً ، قريباً ، ونواسي الآخر بالقول : ” لا أفجعكم الله بعزيز “.. ونحزن عندما تحدث كارثة أو زلزال في آخر بقاع الأرض ، وهذا أمر يرجع إلى ثقافتنا في التآخي والتحابب والإنسانية ، ولسنا كأقوام تشمت وتضحك لأن النار اشتعلت في ديار أخرى لاتعنيها يقيناً منها أن النار لم ولن تمتد إليها لتحرقها بلهيبها على مبدأ ” اللهمّ نفسي ومن بعدي الطوفان “..ويستحيل على الغرب مدعي الإنسانية الاعتراف بأصالة قيمنا وأخلاقنا وثقافتنا التي تحترم الآخر ، ونارهم التي طالت ديارنا دون شفقة أو رحمة – حرقت الأخضر واليابس ودمرت وهجرت وساهمت بنشر الإرهاب الذي ارتكب مجازر يندى لها جبين الإنسانية في عدوان غاشم جندت له كل جراثيم العالم لغزو سورية المقاومة ، وانصبت وحشيتهم وجام كرههم بأرضنا دون أن يرف لهم جفن ، خاضوا حربهم الدموية التي راح ضحيتها خيرة شبابنا وعلى الرغم من أن كورونا أظهرت وجوه حكامهم القبيحة في البقاء على العقوبات الاقتصادية- رغم المناشدات- إلا أن كل هذا لم يمنعنا من النظر بعين الشفقة لمواطنيهم الذين تحصدهم كورونا بالعشرات يومياً . على مدار عشر سنوات قاتلنا حثالات وجراثيم العالم وأعدناهم إلى مكباتهم مدحورين واستعدادنا وتحدينا لن تخمده جائحة كورونا ، مناعة السوريين في تحديهم وصبرهم ، العقوبات الاقتصادية لم تقف حجر عثرة في الحذر وأخذ الحيطة حفاظاً على عافية البلد وأمنه لأنها معركة أمان وسلام . والأمل دائماً يتجدد عند السوريين الذين لا يعرفون الاستسلام، والشدائد تظهر معدن شعبنا ولدينا إيمان عميق بأن انتصارنا على جرثومة الإرهاب سيوازيه انتصار على جائحة كورونا .. وما بعد الضيق إلا الفرج ….ووعيك أمانك
حلم شدود