بلاغة الصمت شرود في خفايا الحنايا والضلوع ,هو همس زحام إيقاعات ترانيمها توقد الخافيات جذوة , ما بين الجمر و تداعيات الأفكار في واسعات الصدور إذ تنهض عزما من تأملات مداها في محراب السطور توازيا عبر بصيرة قرطاسها اتساع مابين فساحة الآفاق والسراب القريب وهما واللامحدود واقع حضور يأخذنا الصمت رزانة بلاغة في دنيا من اكتناز أفكار وتطلعات وسرح عبور صوب أحلام ومشاغلة حوار الذات للذات , وعلى إيقاع هدوة الصمت تمر بنا موسيقا من إيقاعات همهمات بعض قناعات و انتباه أمور , و أخرى في هبوب نسمات لحفيف أوراق غنت بها الغصون , أو صداح أطيار مداها بين الأغصان و السماء و اجتهاد الخوافي والقوادم أو في وقع الخطا تعزف لحن الحياة على متسع الدروب وفي قيم تتهادى سعادة طمأنينة في رجاء وقرع أجراس في ثراء كل نداء . إنها الموسيقا في وقار الصمت قطاف كل رقي , وفي مقاربة كل أمر حفاوة استئذان شفيف , ونباهة كل فطنة في مطالع كل لقاء ,وفي وقع كف على كف في مكافأة كل اجتهاد و حداء الصوت ودلالة إنشاد وتناغم الحوار مابين هوي في صوت وصعود في استقواء عبر نبرات , أو أساليب لغوية يجود بها الإنشاء أنواعا و تقولها المفردات والتراكيب في حاضنات القوافي مابين مأنوسة و مشدودات سبك في مداميك العبارات متانة وكذلك الأمر في حكايات المهن على اختلافها. هي الموسيقا في الشعر أوزان وقواف و أبحر و تفعيلات , و تقفية حروف وتناغم همس وجهر و محسنات ومدى غنى لروي و صدى لصوائت و صوامت في عوالم اللغة و سرديات المضامين المنسابة مثل جداول تتلوى في بطاح و هي تعزف على الضفاف لحن كتائب الماء سرحا في اتساع أو ضيقا في مجرى عبر بقبقة ماء . هي الموسيقا في الألوان و الأجناس الأدبية و الأشكال التعبيرية تبدو أطياف قوس قزح ألوانا و أشكالا و دنيا زخرفات . هي الموسيقا تلك الفطرة الوثابة في حيوية الروح و حفاوة الابتسامات وهي النغمة الثرة على تربيت كتف تقاسم الاغتباطَ فيه الأجملان إبداعا و الآخر تقديرا و حمية وجدان . هي الموسيقا بريق حبات الندى في أحضان الضوء و عبق الشذى من أكمام الورد و ملاعب الطفولة… في براءتها , و سمو الجمال في تألق كل عقل حصيف حيث الكبار الكبار و هي نداء الضمير قطب الرحى في مدارات البهاء , و التسامي الأمثل في عوالم الفن رسالة و نبوغ تذوق و عبقرية أداء و نهوض مضامين تقص معنى الحياة . و هي الموسيقا صدق ترابط قول على فعل في بنات الشفاه و رائعات الأعمال و فرح اللقاء باللقاء إنها القشعريرة التي تجتاح الزمان أسماء مفرداته و أين منها اللحظات ؟! الموسيقا هي أصورة الحب و الخير و الجمال و الأحبة و مساحب الطبيعة و أنداء الغمام و تآخي الشروق بالغروب و شدو الأصيل على أجنحة أسراب الطيور و قد اشتاقها شفق وردي يناديها وقت الإياب . إنها الموسيقا بلاغة الفصاحة قول فيه فصل الخطاب, و مصداقية معارف في كل علم و فن وعمل مجيد. و تلك الترانيم التي تخترم دقائق الأشياء في ملاوعة خرس الشفاه , حتى الواعيات فيها نطقا عبر دمعة حيرى تطيف في الأحداق و تلاطفها ابتسامة ندية على شفة لمياء ثغور افترار همسها إيقاعات ولادات لأصباح تطالع الشمس إشراقا , و رأد الضحى أنوارا فياضة الرؤى تحف بها نفحات ثرية أساليب ضياء في مهابة كل إبداع .. إنها الموسيقا أنفاس الحياة توقع لحنها حضورا , و أنغامها انبهارا في ارتعاشات كل جمال.
نزار بدّور