رائحة التهريب العفنة باتت تزكم الأنوف إلا أن المتنفعين والحريصين على استمرار الفساد بما تسوق لهم مصالحهم يغضون أبصارهم ويصمون آذانهم ويعطلون كل حواسهم أمام جائحة التهريب البائنة للقاصي والداني مثل عين الشمس التي لا يمكن حجبها بغربال …
هذه الحالة المرضية الخطيرة المزمنة القديمة المتجددة تحمل الكثير من علامات الاستفهام والتعجب ، ولا منطق قائم في علاجها حتى الآن سوى وعود لا تغني ولا تسمن من جوع : ” سنغلق المنافذ الحدودية ، سننزل أشد العقوبات بالمهربين ، …. وعبارات أخرى تأتي بترتيب روتيني بحت بتنا نحفظها عن ظهر قلب ، وعود فيها ضحك على العقول وتضليل للمتبصر وإحساس بالعجز في قمع ظاهرة تتمتع بمناخ فضفاض من الحرية بالتنقل وكسر طوق المنافذ الحدودية في الذهاب والإياب ، والكشف عن هوية هؤلاء ( العصافير ) أو عرض عينة منهم على شاشات التلفزة وجعلهم عبرة لمن يعتبر ، فهذا قد يضاف لاحقاً إلى المستحيلات الثلاثة الغول والعنقاء والخل الوفي … ليس لشيء سوى أن هؤلاء المهربين ( أولياء نعم ) لنفوس ضعيفة فاسدة جاحدة جشعة لا يهمها إن كان التهريب جريمة وعملاً غير شرعي يستنزف الاقتصاد الوطني ويجوع المواطن المعتر أو يخلق أزمة معيشية … والتراخي والاستهتار في شل ظاهرة التهريب ساهما في تفشي هذا الوضع المزري ، …فالمسؤول ليس فاقداً للبصر والبصيرة أو لا يقرأ أو يسمع ويرى عبر وسائل التواصل الاجتماعي المدعمة بالصور كيف أن خيرات بلاده تهرب عبر الحدود دون حسيب أو رقيب ، …خضار وفواكه أرضنا الخضراء ، طحين خبزنا ، لحم مواشينا ، بصيد وفير تصل إلى دول الحوار ومواطننا شم ولا تذوق …!!، كيف تمرر تلك الأحمال والأثقال دون أن تضبط ويحاسب فاعلها …
آليات وطرق ضبط التهريب لا تزال دون المستوى والجدية لافتقاد القائمين على ردعها الهمم وحس المسؤولية والأهم هو عملهم برد الفعل وليس بالفعل … وفي ظل افتقاد الوجهة الصادقة الحقيقية لتلقي شكاوى المواطنين ووجعهم تبقى الشكوى لغير الله مذلة ، أمام من استووا على كراسيهم واستلموا زمام حياتنا المعيشية…
ويبقى المواطن الفقير المعتر الصبور هو الشجرة الحية القادرة على الإنبات والإثمار والعطاء والوفاء لأرضه الطيبة ووطنه الغالي سورية ، رغم وجود من يحاولون زعزعته واقتلاعه من شروشه ..
العروبة – حلم شدود