بين الماضي والحاضر

 

أردت أن أستجمع كل ما قاله ذلك الرجل السبعيني الذي نسيه الزمن ، كأن قلبه المتسارع يحرّض مخيلته وهو لا يريد من حديثه معي سوى مشاركته التحسر على زمن  مضى وانقضى :

كنا نتمتع بإرث من هدوء النفس ، وورود  من سعة العيش والرفاهية عرّشت على مساحات مزروعة بالتفاؤل والأمل العذب ..

ماضٍ لم يغادر ذاكرتنا يوماً نسترجع بياضه وسواده ، بأفراحه وأتراحه .. كنا نشتري مؤونة البيت من برغل وبطاطا وقمح وزيت وزيتون وقريشة ودبس ومربيات بأنواعها وغيرها الكثير..

ونحتفظ بها لسنة كاملة، بحيث تؤمن معيشة أسرة كبيرة مكونة من الأب والأم والأولاد وربما الجد والجدة كل ذلك بأبخس الأسعار لتناسبها مع دخل العائلة ، يعيش المرء خلالها حياة جيدة ، باتت اليوم من المنقرضات في زمن اختلط فيه (الحابل بالنابل)…

إذ انقلب الحال وصرنا نشتري موادنا الغذائية بالقطارة وبالكيلو غرام الواحد في زحمة غلاء امتص كل ما حوله كالإسفنجة ، وأضعف القدرة الشرائية للموظف من خلال راتب يتبخر مع بداية  كل شهر ليدفن أمانه المعيشي الذي ضاع في ركام المتاعب والهموم وبات يندب زمنه المتهالك حاجة وفقراً ..
وبالرغم من كل ذلك يستطرد ليقول : ما زلنا نتطلع إلى استمرار الحياة التي ربما تحمل أيامها القادمة احتمالات لانفراجات تدعو إلى التفاؤل …

كلماته التي تنفث همومه يجري من خلالها معاينة دقيقة لعلاقة الماضي بالحاضر وتحولات الأيام وكأنه يستعد لمقابلة صحفية تدوّن جوانب خفية وملاحظات عن استغلال أية أزمة تمر بها البلاد من حرب عسكرية واقتصادية وصولاً إلى جائحة

” كورونا “اليوم والتي جعلت التجار يشرئبون بأعناقهم جشعاً وطمعاً محاولة منهم لرفع أسعار المعقمات والكمامات وكل ما يتعلق بحاجات وباء كورونا …
فلا بد من محاولة استرجاع أشياء جميلة باتت منسية على رف الذكريات تنفث رائحة الزمن المعتقة بين الفينة والأخرى …

                                                                   عفاف حلاس

المزيد...
آخر الأخبار