” سامحك الله يا أبي .. لماذا أسميتني بهذا الاسم ؟؟ ” سؤال مع عتاب رقيق كثيرا ما يسمعه الآباء من أولادهم بغض النظر ما إذا كان الاسم غريبا أو غير مألوف أو عادي .. وهنا يبدأ الآباء بسرد العديد من التبريرات حول الظروف والأسباب التي ساهمت في اختيار الاسم ..
مع ذلك يبقى الأغلبية غير راضين عن أسمائهم.
للآباء .. نظرتهم
الأخوة الثلاثة الذين تعرفت عليهم خلال لقاء اجتماعي كان يطلق عليهم لقب ” أبو محمود ” وعندما تساءلنا عن السبب أجاب أبو محمود الأكبر سنا : لقد تعاهدنا أنا وأخوتي أن نسمي ولدنا الأول محمود وهو اسم الوالد وذلك محبة له واحتراما وتقديرا لتفانيه, ولكن واجهتنا صعوبة مع الأولاد وخاصة عندما كبروا قليلا وبدأت الاعتراضات فهم تقريبا بأعمار متقاربة وبنفس المدرسة وهذا ما يحدث نوعا من سوء التفاهم مع المحيطين بهم من الدائرة الضيقة أو الواسعة .
أحمد قال : يقولون… لكل امرئ من اسمه نصيب ولذلك حرصت أن أسمي أبنائي من البنين والبنات بأسماء جميلة ومعبرة ولها وقع في الأذن.. أيضا صفاتها – أو ما يدل عليه الاسم – جيدة ومحمودة .
ماجدة قالت : لقد كان لزوجي الرأي الأول والأخير في تسمية أبنائنا الذكور فقد أحب أن يسميهم على أسماء أشخاص تركوا بصمة في الحياة ، أما أسماء الفتيات فقد تركها لي – طبعا مع إبداء رأيه فيها .
عباس وزوجته علياء أحبا أن يسميا أبناءهما بأسماء تبدأ بحرف العين كما اسميهما فكانت البنت الأولى علا والثانية عفراء والثالثة عتاب وكان آخر العنقود علاء.
من المؤكد أننا لا نستطيع أن نجمع جميع الآراء والأسباب لتسمية الأبناء بأسماء معينة ولكن يمكن دمجها بالعديد من الأسباب فبعضهم يحب الأسماء التاريخية أو الفلسفية ومثال على ذلك أحد الأصدقاء أطلق على ابنه اسم ” سقراط ” .. أيضا بعض الآباء يحب الرياضة فيسمي ابنه على اسم لاعبه المفضل وهكذا …
وللأبناء .. رأيهم
إسعاف قالت وبلهجة عصبية : يا ليت أهلي لم يسموني بهذا الاسم فمنذ أن وعيت على الدنيا رأيت الجميع يسخر من اسمي وخصوصا في المدرسة فما إن تطلب مني المدرسة تسميع الدرس أو قراءة فقرة أو .. أو حتى تبدأ زميلاتي بإصدار صوت كصوت سيارة الإسعاف وهذا كان يحرجني كثيرا .. يقول والدي أنه أطلق علي هذا الاسم لأن والدتي ذهبت إلى المستشفى بحالة إسعافية عاجلة من أجل ولادتي وقد كان هناك مشقة في إيجاد سيارة لنقلها .
اسمها سبب طلاقها
بدأت حديثها بالقول : كنت طالبة مجتهدة ولكن مشكلة بسيطة وتدعو للسخرية حالت بيني وبين إكمال دراستي ..إنه اسمي الذي سبب لي ومنذ طفولتي سخرية الناس والتلميذات ولا أدري من أين أو كيف اخترع والدي هذا الاسم الغريب العجيب ولماذا كان علي أن أمضي سنوات عمري أرتعد كلما سألني أحد عن اسمي في المدرسة أو في دوائر الدولة أو في النشاطات المختلفة .. حتى أن زوجي ظل يعيرني باسمي ويتهكم عليه إلى أن افترقنا بعد خمس سنوات من الزواج ..
لقد عرضت هذه السيدة مشكلتها لكي يعرف الناس والآباء مدى التعاسة التي يقدموها لأبنائهم إن لم يحسنوا اختيار أسمائهم وقد نوهت أن اسمها – الذي لم تشأ أن تفصح عنه عبر الإعلام لم يكن السبب الرئيسي لطلاقها ولكنه كان أحد الأسباب .
تبادل ثقافات .. وأسماء
رضوان والذي لفت انتباهنا – من خلال معرفتنا به- غرابة أسماء أعمامه وأقربائه ” هيوان – عاشق – خرفان .. قال : في الماضي كان الأهالي وخاصة في الريف يأخذون الأسماء من بعض القبائل الرحل التي كانت تسكن في بعض المناطق حيث كانوا يسمون بعض الأطفال ببعض أسماء أفراد هذه القبائل ويكون السبب اشتهار صاحب هذا الاسم بالشجاعة أو المروءة أو الكرم بالرغم أن هذه الأسماء لم تكن مطروقة ضمن المجتمع المحلي الذي يعيشون به .
امتثال كان رأيها مشابها ولكن تبادل الأسماء أو بالأحرى اقتباس الأسماء يكون من الغرب أي الأسماء الأجنبية حيث قالت : إن الكثير من الأسر الشابة يغلب على أسماء أطفالها أنها أجنبية مثل آلان -سيمون – مادلين – كاترين .. وإن جاء أحد ليعطي معنى للاسم لا يجد ، فيقول :” اسم أعجمي لا معنى له ” .
أسماء .. احتياطية
بعض العائلات تسمي أولادها بأسماء تضعها في الأوراق الرسمية بينما في المنزل وبين الأصدقاء يطلقون اسما آخر وليس بالضرورة أن يكون اسما للدلع أو ” الغنج “
حسان لم يكن أحد يعرفه إلا بهذا الاسم قال : يفاجأ كل من يعرفني إذا رأى بطاقتي الشخصية أو اضطر للتعامل معي بأوراق رسمية أن اسمي ليس حسان وإنما جابر ولكن من صغري اعتدت أن تناديني أمي وأقاربي – طبعا بناء على طلبها – باسم حسان لأنها لم ترغب أن يسميني والدي على اسم والده وهكذا كسبت اسمان .
قوة الشخصية هي الحل
الباحث الاجتماعي أنس باير يقول : نحن في زمن استطاع فيه الطب تغيير الملامح ولون العيون فكيف يعجز عن تغيير اسمه الذي يسبب له مشكلات في حياته فالقوانين في كل البلاد تتيح للفرد تغيير اسمه وكنيته أيضا بعد أن يتجاوز سن الثامنة عشر ولكن يعتقد أن قوة الشخصية والاجتهاد لصنع التميز هو الذي يتحكم بالاسم وليس العكس .
منار الناعمة – بشرى عنقة