يقولون معظم النار من مستصغر الشرر “و مستصغر الشرر قد يكون عقب سيكارة مستهتر أو فحمة أركيلة متنزه متهور أو محتبطاً قليل الإحساس و المسؤولية بأملاك الدولة .. تتعدد الأسباب و الحريق واحد يلتهم الأخضر و اليابس و يقتطع ماتيسر من مواسم كد و عرق و تعب تذهب أدراج الرياح تاركة الفلاح يصارع طواحين الهواء في زمن أزمة قاسية و صعبة و مرة على الجميع..
محاصيل قمح و شعير وأشجار زيتون مثمرة عمرها سنوات تذهب برمشة عين تسلم غلتها للحرائق و الفاعل مجهول أو معلوم الهوية، بحسن نية أو سوء درية و استهتار لا يهم طالما أن النار شقت طريقها بسهولة في الشرايين الخضراء و أحالتها هباء و يباباً و انطفاء ها بداية لإشعالها في صدر فلاح مكسور الجناح خرج من موسمه بخفي حنين لا تعويض ينقذه من براثن غلاء ولا خيار أمامه في زمن صعب تستعر فيه الأسعار بأسرع من طلقة نار.
مع بداية موجة الحر تبدأ الحرائق بغزو أراضينا الزراعية و الحراجية ونداء الواجب ريثما يلبى تكون ألسنة اللهب أصبحت خارج السيطرة و بين حريق و حريق قيلولة مسالم لا يحرك ساكناً.. لا ندرك سببه سوى التغافل و التقليل من حجم تلك الكوارث و عدم ايلائها ما تستحق من اهتمام و دراية ووعي بعلاجها و الحد منها
و الفلاح هو الحلقة الأضعف فيها فمن عاش جحيم احتراق محصوله السنوي لن يبرد نار قلبه مواساة باردة بالعوض بسلامتك و خيرها بغيرها ، و غيرها ثمنها غال وعودة أرضه إلى سابق عهدها مثمرةً يانعةً يحتاج لسنوات كدٍ و ركض تزيل لون الحداد الذي سودها و قوض حلمه المعيشي بلقمة تسد الرمق في هذا الزمن الصعب حيث لا مورد سوى المحصول يقتات منه المزارع في ظل طوفان الأزمات حرب و قحط مادي و فاحش و ملاذ المزارع الأرض أمه التي ينأى بها عن أشواك الحياة المرة ..”
إجراءات سلامة الحراج ليست كافية و الإحساس بالمسؤولية تجاه فلاح فقد محصوله لا يقارن أبداً بحجم الكارثة و ساعة الغفلة التي نتمنى أن يكفنا الله شرها باتت متاحة في أوقات حرٍ تسلم عنان أراضينا للحرائق
تلمس الخيط قد يطوق الحريق إذا توفرت سبل الإمساك بتلابيبه، معظم أراضينا لا يوجد فيها أطواق نارية للوقاية من الحرائق و انتشار للأعشاب القابلة للاحتراق توازي انتشار النار في الهشيم و بانتظار عود ثقاب لتحيلها رماداً .
ودائماً نراهن على سياج الأخلاق في حماية ممتلكاتنا العامة و الخاصة ونخسر الرهان ، لأن أصحاب النفوس الضعيفة لهم حساباتهم الخاصة و سلوكياتهم اللا أخلاقية في التعدي و الاعتداء إرضاء لجشعهم و شهواتهم الشيطانية .
حلم شدود