تتقلب فينا الأحوال والأهوال ، تتغير المفاهيم ، نقف حيالها عاجزين لاحول لنا ولا قوة..
نحتاج إلى أصوات عالية تطلق صرختها المدوية في مواجهة هذا الغزو الجديد من الفساد والجشع والطمع، غزو هدفه إزاحة قيمنا المعهودة قيم أجدادنا وآبائنا وتغيير طرق مأكلنا ومشربنا وملبسنا انتهاء باختراق مفردات مبادئنا ..
المفاهيم تغيرت على نحو مريب، إذ مانراه نحن سيئا ً وخارقا ً للعادة يتحول عند غيرنا إلى مفاهيم مقبولة يهللون ويطبلون لها ..
فالسارق يتمتع اليوم بصفة الشطارة، والجاهل يتحول إلى أفلاطون زمانه يتفلسف بأمور لايعرف كنهها ..
الثرثار يمسي رجلا ً اجتماعيا ً ودبلوماسياً ، يفتي بأمور لاتغني ولاتسمن من جوع ، والغشاش يشوه البضاعة دون أدنى درجات الإحساس بالضمير فالصابون لا رائحة له ولا لون ، والعسل يقوم على السكر المعقد ، والسمن الحيواني يختلط بالنباتي.. التاجر يبيع لحم الحمير على أنه لحم غنم أو عجل.. تلوثت الخضار بمياه المجارير لتكثر الأمراض..
الأشجار حرقت من قبل ضعاف النفوس لتباع كحطب للتدفئة وربما قطعت لتتحول الأراضي إلى مشاريع بناء يستغلها المستثمرون لزيادة أرباحهم ، الكاذب يصبح مرآة الحياة الناصعة بينما يوصف الصادق بالوقاحة .. وللطبيب حصة فالبعض تحول إلى تاجر يتسلق على أوجاع مرضاه ويحولهم إلى بقرة حلابة ليصل إلى قمة الثراء .
إذن دعونا نعترف بأننا محاصرون بكل أنواع التجاوزات اللا أخلاقية من قبل أناس اقتلعوا من أعماقهم كل مشاعر الرأفة والرحمة وما علينا نحن إلا أن نتفاعل ونندمج مع المستجدات رغما عنا ، نحاول أن نخرج أشياء تؤرقنا، ننفث ما يعتمل في دواخلنا، نقنع أنفسنا أن الأمور ليست سوداوية تماما ً فثمة نجوم مضيئة في المجتمع خلعت أقنعتها الكاذبة ولبست ثوب الحقيقة، لكنها قلة قليلة ظلت تكبر في نظرنا رويدا ً رويدا ً لأنها مازالت تعبر عن آلام المقهورين ..
عفاف حلاس