باتت اللحوم الحمراء من لحوم العجل إلى لحم الضأن حلماً من أحلام المواطن إذ أخذت تدور بها طاحون الغلاء بجبروتها وغلوائها كما غيرها من أنواع السلع الأخرى حيث غابت عن طاولة الغذاء اليومي كون شراؤها سيكون على حساب مستلزمات أخرى ضرورية في ظل ارتفاع الأسعار الحالي ، ليتوجه المواطن لاستخدام لحم الدجاج بدلاً من اللحم الأحمر في طهي أنواع الطعام الأخرى والتي تحلق هي أيضاً في العلالي لكنها أقل ثقلاً على جيوبه والبعض الآخر استغنى تماماً عن اللحوم ليستخدموا بودرة مرقة الدجاج ولسان حالهم يلهج بمقولة ” الكحل خير من العمى” كل ذلك في ظل دخل محدود لم يعد يروي الظمأ ، ليبقى الشراء محصوراً بطبقة الميسورين مادياً لأن اللحم الأحمر يعد نوعاً من الترف للكثيرين ودلالة على الغنى .
لذلك لجأ بعض اللحامين لغش اللحوم بلحم الحبش أو لحوم البيلا المهربة وغيرها من أنواع اللحوم ليحققوا ربحاً كبيراً .
هو غلاء فاحش جعل حتى اللحامين يتظلمون ويشتكون الوضع المتردي وحجتهم أنهم يشترون الذبيحة وينقلونها على حسابهم الخاص ومن ثم يشفّونها من العظام في ظل تكلفة عالية لأجور النقل والسلخ ويحيلون أسباب الارتفاع إلى تهريب قطعان الأغنام والماعز والعجول باتجاه الدول المجاورة والسبب الآخر هو الارتفاع الكبير في أسعار الأعلاف .
ليكون الحل في رأي بعض اللحامين هو السماح باستيراد اللحوم المجمدة التي تساهم في خفض الأسعار نوعاً ما إضافة إلى منع التهريب وخفض أسعار الأعلاف ودعمها لتسمين العجول والخراف .
كل ذلك يجعل في عيون المواطن حرقة وفي قلبه غصة ،وفي فمه ثمة فراغ لحرمانه مادة أساسية في الغذاء اليومي لعدم قدرته الاقتراب منها أو النظر إليها حتى في الأحلام ليجري ويجري واللقمة تجري أمامه غير قادر على اصطيادها .
وهنا يلح تساؤل مستيقظ دائماً وفي كل لحظة يهبط علينا كظل سحابة متى سيعود الوضع إلى ما كان عليه قبل موجة الغلاء الأخيرة والذي جعل المواطن لا حول ولا قوة له يتعلق بحبال الهواء وليس من حيلة سوى تسجيل مشاهداته اليومية ومن ثم الندب عليها والاستغاثة ،تتعاون عليه وتتشابك غلاء أسعار اللحوم ومن ثم غشها لتسلبه قواه المادية والبدنية ، ولا تلوح في الأفق بوادر إجراءات رادعة تطمئن القلوب الملتاعة والمحفزة لمتابعة القضايا الحياتية الأخرى..
عفاف حلاس