نبض الشارع…على كل الجبهات

بدا المشهد مستثيراً للرثاء  والحسرة ، مشهد أسراب كبيرة من فأر الحقل تغزو الأراضي الزراعية تزحف على مروج من محاصيل القمح والشعير بعناد  وقسوة … فئران تمتلك قدرة هائلة على التكاثر مما جعل بعض الفلاحين يهجرون أراضيهم ويتركونها بوراً تعشعش فيها الفئران وتحيلها إلى صحراء لا تبشر بأي نبت أو زراعة مفيدة لتؤثر على أراضي الجيران المزروعة بحيث بات لا ينفع معها أي مبيد مما يؤدي إلى انعدام المحاصيل أو قلتها ، وإلحاق الضرر بها من خلال جمع بذورها قبل أو تنبت وتثمر ، وكأن بينه وبينها عقد صداقة يتوغل فيها أكثر وأكثر ، يرقبها الفلاح بعين يائسة تضرب في أعماق معيشته وتراً حساساً ينسحب ظله على حياته كلها وتوقعه في نفق الحاجة ..

يحاول بشتى السبل القضاء على هذه الآفة الخطيرة أو على الأقل تخفيف أثرها بوسائل بدائية متاحة بين يديه نظراً لعدم الجدية من قبل الجمعيات الفلاحية أو الوحدات الإرشادية  في مكافحتها بسبب قلة المبيدات من جهة وغلاء أسعارها من جهة أخرى ..  لذلك فهو يعمل على إغلاق جحورها بالحجارة تارة أو بإهالة التراب عليها تارة أخرى لكن ذلك لا يشكل حلاً جذرياً للمشكلة ليقف عاجزاً عن السيطرة تماماً على الوضع يبحث عن قشة  غريق يتمسك بها لكن لا منقذ ولا مساعدة تلوح في الأفق بل تسود حالة من اللامبالاة تجاه الفلاح وأرضه تجعله يصرخ متوسلاً بشكل أشد مرارة وأكثر وخزاً وبؤساً بعد أن تكاتفت عليه مجموعة من المنغصات ،  فيظل يتوجس خيفة من الشمس الحارقة صيفاً وما يتبعه من حرائق تصنعها أيد عابثة ، ومن صقيع قاس شتاء يحصد محصوله طيلة عام كامل وكأن عرقه بات ينز دماً من كل الفتحات يفقد معها كل احتمال ولو لطمأنينة مؤقتة ..

  عفاف حلاس

المزيد...
آخر الأخبار