تحية الصباح .. يا صديقي الشاعر

الشعر ديوان العرب وسجل مآثرهم…ونبض قلوبهم …وديدنهم منذ أيام الجاهلية التي لا تعني نقيض العلم ..فقد كان العرب في جزيرتهم ينظمون الشعر ويكتبون ويتبارون في إنشاده في أسواقهم المعروفة وما المعلقات التي تركوها لنا إلا رقي فكرهم …وإبداعهم وأسماء الشعراء المشهورين تزخر بهم مؤلفاتنا العربية القديمة والحديثة .. وفي عصرنا الحديث أخذ الكثيرون يكتبون الشعر …ويتغنون به فبعضهم يسير في طريقه الصحيح ويبدع وآخرون وهم كثر يكتبون ما يحلو لهم من شعر نثري أو حديث أو شعر التفعيلة والتزامه موسيقاها .. وقلة أولئك الذين مازالوا يتمسكون بهويته العربية وبحوره …وقافيته فيحسون برنة موسيقاه العذبة …وهي تطرب السامع وتثير كوامن شجونه ومشاعره .
ومن الصعب جداً أن نرى تعريفاً جامعاً للشعر ..وهو يقوم على عناصر تميزه من الكلام النثري وإذا كانت بعض نصوص النثر تتفق بخصائصها مع الشعر ..لغة العاطفة والوجدان والرقة والمشاعر .. وقد قال قدماء العرب في تعريفه ( الشعر قول موزون مقفى يدل على معنى )
وفي الشعر العمودي يكاد كل بيت من أبيات القصيدة العربية أن يؤلف كياناً مستقلاً قائماً بذاته في كثير من الأحيان .. وقد يعبر الشاعر عن الفكرة الواحدة بعدة أبيات .. وللشعر أنواع .. وتسميات .. ونحن نقول طالما بقي في صدورنا هذا القلب الخفاق فإننا سنظل نشتاق للشعر .. نتلذذ بسماعه .. ونطرب .. ننشده دوماً نكتبه .. نبحر معه . ومازال شعرنا العربي منذ القديم وحتى يومنا هذا صوت الجماهير المدوي أبدا في آذان الحاقدين والمستعمرين الذين يحاولون تدمير وطننا بإرهابهم .. ويحاولون طمس هويتنا العربية وتدمير أمجادنا ونهب آثارنا بما يفعلونه من تدمير وخراب وقتل في حروبهم القذرة .
إذاً هذا هو شعرنا …وأين نحن من شعرائنا الكثر الذين تعج بأسمائهم الصحف والمنابر الثقافية وصفحات ( النت ) وهذا هو بيت القصيد الذي أنشده .. منذ أيام كنت أتصفح النت وأقرأ ما يكتب من أشعار على صفحات البعض .. وقد أدهشني وأزعجني وآلمني بعض ما كتب من أشعار . فأحد الأصدقاء الذين أعرفهم .. كتب قصيدة شعرية .. مزعجة توقفت عندها ..قرأتها أكثر من مرة حتى كدت أشك بنفسي أنني المخطىء .. وفيها من كسر للوزن لا يغفر أبداً .. صديقنا الشاعر التزم بالقافية وأجاد بالمعنى والصور لكنه لم يوفق بالوزن وموسيقاه ومع كل أسف استخدم فيها أربعة بحور من الشعر .. ولم تدرك أذناه خلل الموسيقا في الوزن .. وقد آلمني أكثر أن كثيراً من أصدقائه قد علقوا على قصيدته بالإطراء الكثير .. مبدع شاعر متألق .. مجيد …الخ أولئك الذين يجهلون ما للشعر من وزن وموسيقا .. وقفت في حيرة من أمري هل أبين له أخطاءه واعلق عليها .. التزمت الصمت .. ولم أفعل كي لا أشعره .. بجهله للشعر .. ووزنه .. وأضعه في موقف محرج .
مهلاً صديقي الشاعر .. لا تستعجل في كتابة الشعر ونشره .. ألم تسمع بالحوليات من قصائد الشعر العربي لكبار شعرائنا القدامى المشهورين..؟ وهل تعلم أن الشعر صعب طريقه وسلمه والارتقاء بدرجاته إذا كتب منه من لا يعرفه .. ويحسن كتابته .. فتهوي به قدمه إلى الحضيض ويفقد مكانته أما سمعت قول شاعرنا الحطيئة فيه :
الشعر صعب وطويل سلمه
إذا ارتقى به الذي لا يعلمه
زلت به إلى الحضيض قدمه
يريد أن يعربه فيعجمه
صديقي الشاعر .. أتمنى ألا تزل قدماك فتهوي للحضيض ..وتندم وأقول لك إن الشعر بموسيقاه التي نطرب لسماعها وتحرك مشاعرنا .. ولتعلم ياصديقي أن الموسيقا هي رئة الشعر .

برهان الشليل