ليس محض مصادفة أن يجتمع ترامب وكورونا في زمن واحد ،يمكن أن نسميه زمن ترامب والكورونا ، لأن ثمة مصادفات تحصل في التاريخ أحياناً لتؤكد للإنسان حقائق قد تغيب عن ذهنه أحياناً أو تغطيها مظاهر زائفة إلى حين انجلاء هذه المظاهر ، وأنا أرى أن اجتماع دونالد ترامب وكورونا في زمن واحد جاء ليؤكد لنا جملة من الحقائق منها :
وإن رقي الأمم لايقاس بعدد جيوشها وماتملكه من دبابات وصواريخ وحاملات طائرات وآليات دمار وإنما يقاس بعدد كتابها وفنانيها ومثقفيها .
وإن رقي الأمم لا يقاس بعدد مصانع الأسلحة والمخابر البيولوجية والجرثومية والمفاعلات النووية والرؤوس النووية والصواريخ العابرة للقارات وإنما يقاس بعدد المدارس والمشافي والحدائق والملاعب .
وإن الشعوب الراقية تخصص مواردها المالية للطب ومنجزاته ، للعلم وللقضاء على الفقر والتخلف والجهل والأمراض المستعصية عوضاً عن شراء الأسلحة من جهة وشراء الذمم من جهة ثانية ، ولنا أن ننظر نظرة عقلانية وحيادية إلى كوبا والولايات المتحدة الأمريكية لنرى صورة ساطعة لهذه الحقيقة.
وفي زمن ترامب والكورونا وضح لنا أن الأحلام الوردية الزاهية في تحقيق السلم العالمي والتعايش الودي بين الشعوب القائم على التعاون والتعاضد وحوار الثقافات وهم في وهم.
لأننا نرى الحروب القذرة التي تأكل الاخضر واليابس، ونرى صراع الحضارات كما رسمه المفكر الأمريكي – صموئيل هننتغون – في كتابه الشهير – صراع الحضارات نرى نهاية التاريخ كما رسمها المفكر الأمريكي من أصول يابانية فرنسيس فوكوياما في كتابه : نهاية التاريخ .
ونرى الرغبة في وطن حر وشعب سعيد ينعم بالصحة والسعادة ، وبأجيال شابة لا تخاف على مستقبلها ، نرى هذه الرغبة يحاولون سحقها باحتلال جديد من نوع آخر وبأدوات مرتزقة وعصابات تكفيرية وذرائع وحجج باطلة وحروب قذرة مناهجها: التدمير الممنهج والتخريب المنظم فمن حرق المدارس والمشافي ومحطات الطاقة ، إلى محاولة بث ثقافة التفرقة بين أبناء الوطن الواحد وإنشاء كانتونات إثنية وطائفية متصارعة .
ولذلك ليس غريباً أن دونالد ترامب – وهو العدو اللدود للدين الإسلامي – يؤيد ثقافة الساطور والبطش والترويع والتمثيل بالجثامين وأكل القلوب ومضغ الأكباد وبقر البطون وتشويه الإسلام – ولذلك فإن أعظم حقيقة أماط – ترامب – اللثام البراق عنها هي : كونوا واثقين أن حقوق الشعوب والقانون الدولي والمعاهدات الدولية وقيم الحق والخير والجمال لا وجود لها على الأرض ، إذا لم تكن القوة قوة الحق والعلم والإيمان الى جانبها قوة الفعل الحقيقي ، لقد كان جدي يقول دائماً: قل له . يقول لك . أعد القول . يعيد القول . حنك لا يكسر حنكاً . الحنك تكسره العصا..!
د. غسان لافي طعمة