في بداية عملي في الصحافة كنت أغضب عندما أسمع تعليقاً على موضوع منشور في الصحافة الرسمية المحترمة بعبارة”كلام جرائد” ..ولما صرت أقرأ كل ما تكتبه بعض تلك الصحف _بحكم المهنة_ أدركت أن العامة محقة في إطلاق هذا الوصف على بعض الكتابات التي لا هم لها سوى ملء هذا الفراغ من البياض بغض النظر عن القيمة المعرفية الموجودة في الموضوع الذي لا يتعدى الهراء و”صف الحكي” ومع الأسف هذه الكتابات موجودة في صحفنا بطريقة عبثية لا تدل إلا على التردي الثقافي والفكري مما يسيء لسمعة الجريدة ذاتها التي تنشر هذا الهيف ,مع سؤال يتكرر دون جواب عن أسباب نشر مثل هذه الكتابات الفارغة والجميع يدرك أن الموضوع له علاقة ترتبط بالتواشج الحميم بين مصفوفتي”العلاقات العامة ” و”الإعلام” والمشكلة أن أصحاب تلك الأقلام يمشون”بالعرض”ويرون أن رذاذ أقلامهم هو من عيون الصحافة والأدب وإذا حاصرت أحدهم بالأدلة والبراهين والشواهد البينة عن عدم استخلاص جملة مفيدة واحدة من كل هذا الكم من المفرزات .. فإن إجابته على رأس لسانه بأنه يترفع عن الكتابة للعامَّة وبأنه يكتب للنخبة فقط علماً أن مفهوم النخبة ذاته بات بحاجة ماسة لتعريف وتحديد وتوضيح في زمن النشر الإلكتروني ,والحقيقة أن بعض هؤلاء يكتب من أجل الحصول على الاستكتاب والبعض من أجل مشروعية الحصول على “كرسي” والبعض لديه (أنا) متورمة لا يفثؤها إلا دبوس المديح وقديماً قالت العرب: إن العقل زينة… وقالت أيضاً: إن الإنسان يرضى بتقسيم العقول مهما صغرت حصته ولا يرضى بتقسيم المال مهما كبرت حصته ,أما مناسبة هذا الكلام فهو العدد الكبير لزملائنا الصحفيين في الإعلام الرسمي الذين نشروا عبر صفحاتهم على الفيسبوك معايدات بمناسبة عيد الصحفيين الواقع في 15آب تشي هذه المعايدات بأن الصحافة ليست بخير عندما يضطر أي صحفي للعمل بمهنة أخرى وأن مهنة الصحافة مثل مهنة الكتابة كلاهما ينطبق عليه المثل القائل :القصائد لا تأتي بالعصائد وأتذكر هنا زميلاً كان لا يزال دونكيشوتاً غراً عاتب أحد رؤساء التحرير السابقين على مبلغ ال 250 ل س التي وضعها له كاستكتاب على خبر كتبه فقال له أنا لا أبيع الفجل أنا صحفي ….واليوم في ظل النشر الإلكتروني والوباء الكوروني وحمى الدولار فالصحفي الكبير هو الصحفي الذي يتسنى له فرصة بيع الفجل خارج أوقات الدوام ليتمكن من تأمين الفجل لعائلته ….وأنهي كلامي هذا بما قاله زميلنا في صحيفة تشرين الصحفي فراس القاضي :لا يسعني …ولا يسعكم ..ولا يسع أحداً أبداً ..) وكل عام والصحافة بخير .
ميمونة العلي