قبل الشروع فيما أنوي قوله أشير إلى أنّني أعرف أنّ ثمة إعراضاً لدى فئة غير هيّنة عن كلّ ما له علاقة بالشأن العام القومي، وهذا ناتج عن خيبات الأمل المتتالية، والصّادمة، وأرجّح أنّها حالة طارئة، ورغم هذا لابدّ من فضْح ما يجب أن يُفضَح، لاسيّما وأنّ الفضائيات المسمومة تدخل كلّ بيت، وإذا كنتُ أجد ” بعض ” العذر للمُعرِضين، فإنّي لا أجد عُذرا لمن يصمت، خاصّة في المسائل التي يُتلاعب بها وطنيّا وقوميّا، ممّا يمسّ صميم وجودنا، ولا يمكن الفصل بين الاثنتين لتواشجهما العضوي.
على إحدى الفضائيات الخليجيّة ثمّة أحد الجهابذة- /لا تنسوا أنّ ثمة تشابها في اللفظ بين “الجهابذة”، و ” الجلاوزة”/- …على إحدى الفضائيات خرج ليسوّغ لأولياء نعمته، وسادته، فعْلتهم في إقامة علاقات مع الكيان الإسرائيلي، ومن أجل ذلك انزلق منزلقاُ شديد الخطورة، وهو استشهاده بآية من القرآن الكريم مستشهداً بالآية الكريمة ” وَاَوْرَثْنا القومَ الذين كانوا يُستَضعفونَ مَشارقَ الأرضَ ومَغاربَها التّي باركْنا فيها”-الأعراف 137، وهو يشير إلى زمن سيّدنا موسى عليه السلام حين طلبّ من قومه الذين أخرجَهم من مصر أن يدخلوا تلك الأرض، فأبوا، فكان تيههم الذي امتدّ أربعين سنة، ويرى في ذلك أنّ الله قد أعطى الأرض المحتلّة لليهود!!، وهو ما يقوله منظّروا الصهيونيّة بأنّ الله قد أعطى هذه الأرض، بحسب توراتهم: ” لك ولِنسْلكَ أعطي هذه الأرض”.
قبل الاستمرار لابدّ من الإشارة إلى أنّه على مدى تاريخنا العربي الإسلامي، لمن يتتبّعه، كان ثمّة فقهاء محسوبون على الفقه الديني، قد أفتوا بحسب ما يريده الحاكم الذي يأكلون من زاده، ويضربون بسيفه، والموضوع يصعب إحصاؤه في عُجالة زاوية، وكان هذا منذ بواكير تشكّل الدولة في العصر الإسلامي.
نعود لنوضّح أن بني إسرائيل في ذلك الزمن لا علاقة لهم لا من قريب ولا من بعيد “بإسرائيل” الحالية، فبنو اسرائيل هم قبائل بدويّة من بدو المنطقة العربيّة الواقعة على تخوم الأرض المباركة، استذلّهم فرعون مصر، فذبح أبناءهم، واستحيا نساءهم، بحسب النصّ القرآني الكريم، ودليل بداوتهم ماقاله سيّدنا يوسف عليه السلام بعد أن استقدم أباه يعقوب، والذي هو ” إسرائيل” ،استقدمهم إلى مصر بعد القصّة التي وردت في القرآن الكريم، بعد أن نزغَ الشيطان بينه وبين أخوته، فكان ممّا قاله لأبويه حين أستقبلهما، بعد أن حمَدَ الله، ” وقدْ جاءَ بكم من البَدْوِ”- يوسف 100-، فهم من قبائل بدو ذلك الزمن، من بدو المنطقة، ولا علاقة لهم بالصهاينة الذين يحتلّون البلاد التي بارَكَ الله فيها، مثلهم مثل القبائل اليهوديّة التي كانت موزّعة بين الحجاز واليمن، فهؤلاء يهود ديناً، عرب أصولا، مع خصائص معتقديّة جعلتْهم يُبالغون فيما أغدقوه على أنفسهم، من ادّعاءات لا تثبت للنقاش العلمي، وكان ثمّة يهود في سورية، وفي العراق، وفي المغرب، وفي تونس، وفي ليبيا، وكانوا من أهل البلاد حتى خرج علينا الغرب الاستعماريّ بذلك المشروع، الاستعماري، الاحتلالي، التفتيتي، والذي رأس حربته يهود أوروبا الذين أصابهم كما يدعون من ظلم النّازيّة ما أصاب غيرهم فجيّروا ذلك لصالحهم، حتى لكأنّ المحرقة النّازيّة لم تشمل غيرهم،!! وباستجابة من الحكومات التي أقامت كيانهم، ودعمتهم، وسلّحته، وما زالت، صار التشكيك في ” المحرقة” ممّا يعاقب عليه القانون في العديد من تلك البلدان،
إنّ اليهود الموجودين في الأرض المُبارك حولها الآن، لا علاقة لهم بيهود البلاد القدماء، فقداماهم كانوا من قبائل البدو في المنطقة التي أشرنا إليه، أمّا اليهود الذين يحتلّون الأرض المُبارَكة، فهم من قبائل خزريّة، -الخزر بلاد تقع جنوب روسيا الاتحادية الآن- هاجرت في ظروف معيّنة، وانساحت باتّجاه أوروبا، ولقد أثبت عدد من الباحثين، في عدد من الكتب هذا الأمر، غير أنّ التعتيم الإعلامي المقصود يحجب هذه الحقيقة،
تُرى هل نستطيع توجيه اللّوم للآخرين بعد أن صار بين ظهرانينا مَن يفسر آيات القرآن الكريم ليجيّرها لصالح محتلّي البلاد المُباركة المغتصبة؟!!
غصّة في القلب والحلق، وعسى ألاّ تطول، فتطوي الأحداث كلّ تلك الأضاليل والأباطيل…
عبد الكريم النّاعم