أشعر بالحزن وكأن سكينا ً حادة تخترق جسدي وأنا أتأمل الحرائق تأتي على الأخضر واليابس ينبعث الدخان من تلك الأراضي الخصبة والغابات الشاسعة ..
أصحاب الأرض يقفون بحسرة أمام النيران التي التهمت أرضهم وغيرت معالمها ، ولم تعد صالحة للزراعة ، السهول ، الجبال ، .. البيوت تحاصرها النيران من كل مكان لتسد منافذ الهواء والأوكسجين عن سكان القرى النائمة في حضن الطبيعة والتي يسكنها مزارعون كانوا ينتظرون بفارغ الصبر محصول عام كامل من الزيتون والتفاح وغيرها من الفواكه والخضراوات يأملون من خلالها تحسين وضعهم المادي ، باتوا اليوم غير آملين بالتعويض إذ أن الجهات المعنية لم ولن تعوض لهم عن خسائرهم السابقة ولا اللاحقة ..
نوائب الدهر المتكررة التي يتحفنا بها زماننا الحاضر، تسيدّته أياد آثمة خبيثة تصنع الخراب لمصالح خاصة في ظل سباق غبي بين أصحاب رؤوس الأموال لتشييد متاجر الفحم والتجارة بالحطب، وربما لهم مآرب أخرى .. تجار صنعت قلوبهم من حجر هدفهم اقتسام الغنائم وفق قانون الغاب وكأنهم سيعيشون الدهر كاملا ً متسلقين على ظهور المزارعين الفقراء ، يحاولون مقاومة سطوة النيران مع بعض المتبرعين يدويا ً لإطفاء الحرائق وتسلق الجبال الوعرة وغير السالكة نتيجة قلة الطرقات الزراعية شريان الأرض .. عجوز أتعبته السنون الطوال وهو يزرع أرضه ويعتني بأشجاره ويرعاها (كل شبر بندر ) يحاول عناد الزمن الذي لوّن النفوس بماء هذا العصر الثقيل وشرب منه بكل مافيه من مشقة وعناء ويقاوم ظروف الحياة المتغيرة على كافة الصعد ، ليشعر بأن الطريق ليس ممهدا ً ، وماعليه إلا الانتظار والتدبير، مع تزايد أعداد الموجوعين الذين استحالت أصواتهم إلى أنّات متقطعة…
عفاف حلاس