تشكل الحياة المادة الخام في معطى كينونتها ،وكثيرا ما اتسع الوجود البنيوي ما بين قيم سامية وفلسفات وصفية ،وآراء وأفكار ، وتصورات ورؤى ، وحيثيات من حدس الفلاسفة ، وتأملات الشعراء، وحذاقة المبدعين ، ومحددات الدراسات والبحوث العلمية والتطبيقية ، ومجمل العاملين في حقل الدراسات المرتبطة بعلم الإنسان ضمن مفهومات ومصطلحات عند الحياة دلالة وجود ، وأنفاس كائنات، يتقدمها الكائن النوعي (الإنسان) الذي انطوى فيه العالم الأكبر ،وسما في جوهره مرتكزا أساسا في بناء صرح الحضارة الإنسانية تتالي عصور، وتعاقب شعوب ، وقراءة كل تقدم وعظمة كل تطور من النقوش على الأحجار إلى عالم الأقمار والحتمية التقانية ، ومغانم السبق بالتفكير ، والسعي نحو كل اكتشاف ، بل وقبل ذلك عبر منطوق الشفاهية إلى الكتابية .. من اللسان إلى اليد ، ومن الكهوف إلى معمارية ما جمع تراب لتغدو لبنات حيث عمران المنازل إلى الطموح ارتيادا للفضاء ( وعد المستقبل)ورحلات فيها ترف الحياة إلى أمل واقع يكون ، والزمان بسطة كف في يد المدى.
هي الحياة ، وهو الإنسان !وفي ثنائية العلاقة مابين الثابت والمتحول تتقارب وتتباين العلاقة مابين عضوية في انتماء وجدلية في كفاح والدروب تغص بزحام العابرين وعلى الجباه ينضح عرق الدهور فترتعش الأرض تقميشا بأناسها، وتتدافع بمتاعب أبنائها على تماوج ، وفي مرتسم الرؤيا بصيرة يتراءى الكد زبدا على شاطئ تمور فيه لجج بحار متلاطمة الأمواج سحيقة الأعماق ، ناهضة بكل اختلاط مابين حابل ونابل ، وقد عز بعض انفراج ،وناس وميض تغنت به قوافي (ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل )نتيجة قيم مادية مسلعة جرّاء جشع ،وتلاش لقيم تشربها الطمع ، فانقلبت صروف أيام ظهر مجنها يصير غريب الفكر والذائقة ، والتصورات على سداد منطقها قيم ، وما أصعبه أن يصبح غريب الدار ، يحيا مثل مفكر سائم مسؤما.
توجع كثيرون من انفراط عقد صوغ لمنظومة ثوابت هي حقائق من شذرات كنوز مخبأة في الضمير الحي ، حاضرة في وقار علاقتها فالقيمة قيمة ، حجر كريم مرصع بحفاوة كل بريق على جدار الزمان مثل العبقري يعيش عمره وأعمار أجيال لاحقة بإبداعاته بجوانب الحياة كلها ، عبر كل مجال ، ونبل كل عمل ، وهو فيه مدرة قومه و ما الفن والفنان إلا ثلاثية كانت تشهد أرواح الكلمات دهشا وقد انبعثت في ذائقة و ذائقة ذواقة متأصلين تنهدات كل دمعة وسعادة كل ابتسامة ، وموسيقا ترحل بسامعها إلى حيث المدى وتحلق به ويحلق بها إلى حيث مداه فرط حساسية ما بين أنداء غمام ،و ارتعاشات ورود سارحات سفوح وشامخات ذرا ، وحنو وديان وهدوة تلول وهضاب ، و ارتعاشات كل وجدان يسترحم الموقد لظى جمرات احتراقه نباهة ذوق ألمعي رهيف . ومؤد يقف على منبر الغناء فيغني الكلمة الأغنية لا الكلمة المغناة فكان كل مافيه يغني فيصبح الرجاء إبهار على صوته يسرح المدى آفاقا لنجوم خلدوا و خلدهم الفن رسالة ذوق وتربية وعاطفة و أصالة إبداع هي الحياة وهو الإنسان الذي يشقى بوهن كل نفاق ويسمو بكل نضج أو ذكاء عاطفي يمحو كل أمية عاطفية عبر ذهنية منفتحة ومصداقية كل شعور أخاذ نبيل يحترم أعماق الأعماق ليغدو إكسير الحياة ، وهي الحياة التي توسع ذاتها سهولا لكل صاحب تميز فتصير السهول حقولا ، والحقول منابت لأشجار سنديان ومساكب أزهار ,هي الحياة ، وهو الإنسان الطالع من خدر جهد لافت مميز ، تاريخه عراقة أصالة في كل ابتكار من حمولة متاعب أورقت عرائش من جهد ونفح من طيب لا نجاحات مصنعة و معلبة بظروف نفحتهم السعادة ولكن إلى حين ، هي الحياة عند متأصل الجهد تواضع و عقلنة وتسام و أكاليل من حكم، وعند غيرهم توعر في سعة صحة من شحم الأيام هي الحياة ، وهو الإنسان مزدهي بإنسانيته فطرة ولادة وتتالي أعمار و أنة نزع وما بعد الإنسان الحاضر رسالة محبة وتواضع يدرك دائما أن الثابت الأساس هو الإنسان فيه ، وما عدا ذلك يوميا تقاعدا جزئيا وبعد ستين عاما تقاعدا كليا لكن مفهوم الإنسان فيه اللاتقاعد فيه فقيمته حاضرة في ذاكرة الزمان والناس إلى ما بعد حين وهي الحياة ترمق صيرورتها فالعابرون سنة الحياة أجل ! هي الحياة في فلسفة كليتها أمام بصيرة متأمل مغرق ( وما هذه الحياة سوى بيدر أحزان تُدرس عليه أغمار النفوس ، قبل أن تعطي غلتها ، ولكن ويل للسنابل المتروكة خارج البيدر …) ما أروع أنين تأمل هو لظى في هشيم كل انتباه
نزار بدور