أدق توصيف للحكومة الجديدة هو أنها ” جديدة ومتجددة ” كما قال السيد الرئيس بشار الأسد .
تشكيل الحكومات في أي بلد من البلدان ، يرتبط بعوامل كثيرة إقليمية وسياسية واقتصادية وغيرها وتشكيل حكومة جديدة ، بشكل عام يأتي بالتفاؤل ببدء مرحلة عمل جديدة لخدمة المواطنين ..!! في تاريخ سورية الحديث ، وفي مرحلة الأربعينيات والخمسينيات ، تقاسمت الأحزاب المقاعد الوزارية حسب تمثيلها في المجلس النيابي السوري وكان حزب الشعب بزعامة الكيخيا يصر على وزارة الداخلية التي كانت تقوم بعمل وزارتي الداخلية والإدارة المحلية في تلك الأيام والمرحوم صلاح الدين البيطار ، أول وزير بعثي في الخمسينيات كان يصر على ” الخارجية ” وبعض وزارات تلك الفترة استمرت يوماً واحدا ً أو شهرا ً وأطول مدة كانت سنة وبعض السنة ..!!
صديقي وزير سابق يهم بكتابة مذكراته تحت عنوان ” كنت وزيراً” وفيها من الطرف والظرف الشيء الكثير يقول إنه كان سهراناً في مقهى مدينته الصغيرة عندما جاءت سيارة شرطة تسأل عنه …!! سلم عليه من فيها وأجلسوه في المقعد الأمامي وقالوا له إن قائد المنطقة يدعوه لتناول فنجان قهوة في مكتبه ولم يكن يعرفه ..!” والمفاجأة التي عقدت لساني هو أن قائد المنطقة برتبة عقيد كان ينتظرني أمام مكتبه وخاطبني بكلمة أهلاً وسهلاً ” سيدي” .. نظرت حولي لعله يخاطب أحداً ما.. لكن لم يكن أحد سواي هناك..!!
أغلق باب المكتب وجلسنا ، قال:
” مبارك .. أنت وزير .. بعد ربع ساعة سوف يذيعون أسماء الوزارة الجديدة في أخبار الثامنة والنصف ..!!”
قلت له غير مصدق :
” لاتمزح هكذا مزحة سيادة العقيد..!!”
قال: ” والله تحدثوا معي من مجلس الوزراء عن طريق وزارة الداخلية وطلبوا مني إبلاغك .. والتكتم على الأمر حتى يذاع رسميا ً ..!!”
الربع ساعة المتبقية ليحل موعد الأخبار كانت خمسة عشر قرنا ً بالنسبة لي وكانت عيناي معلقتين على ساعة الجدار المقابل لي، وبالفعل أذاعوا اسمي بين الوزراء .. وتسلمت وزارة تحتاج إلى عمل ليل نهار ..!!.
ولكن المشكلة التي وقعت فيها هي أن بزاتي قديمة وأحتاج إلى بزتين، على الأقل، هرعت إلى منزل أحد أقاربي فقالوا لي لقد صار في بيتك للتهنئة ” مبارك سيادة الوزير..!!”
وبالفعل كان بيتي يغص بالناس ، وجلّهم من أقاربي الذين لم أر بعضهم منذ سنوات مع أننا في مدينة صغيرة ..!!.
وهمست بأذن قريبي”أريد منك عشرة آلاف ليرة لأشتري بزتين وسأعيد المبلغ لك عندما يتوفر لدي .. فمد يده وأنقدني المبلغ .. وغنيّ عن القول أنني لم أعد إليه المبلغ لأنه اعتبره هدية .. ولم أشعر بالبحبوحة المادية عندما كنت وزيرا ً ولابعد أن تركت الوزارة .. وخرجت من الوزارة بعد عامين كما دخلتها ..!!”
ومالم يذكره صاحبي، كما قال لي، في مخطوط مذكراته هو أن الحزب الذي ينتمي إليه كان قد رشح خمسة من أعضائه ليختاروا منهم واحدا ً يمثله في الحكومة .. وكان رقم صديقي ” الخامس” ووقع الاختيار عليه .. فكانت صدمة لحزبه ومفاجأة صاعقة له .. وماحصل قد حصل ..!!
للوزراء القدامى والجدد ، في وزارتنا العتيدة اعملوا لخدمة سورية ومواطنيها .. وتذكروا دائما ً أن ” ألسنة العباد أقلام الحق .. ” وفّق الله الجميع لما فيه الخير للناس والعباد .
بقي أن أشير إلى أن مذكرات صديقي ستنشر وهو لايريد لأحد أن يتحدث أو ينشر شيئا ً عنها قبل صدورها .. !! .
*عيسى إسماعيل