كنت أحضر فيلماً سينمائياً عندما كنت طفلاً .. والفيلم من بطولة بروسلي .. وهو يواجه عصابة كبيرة .. وحين لم تقدر هذه العصابة التغلب على بروسلي فقد قامت باستدعاء بطل تونغ فو أمريكي .. مقابل أجر كبير .. ولم أزل أذكر اللقطة التي تصور قدوم البطل الجديد .. حيث تتوقف طائرته .. ثم فتحت بوابة الطائرة .. ثم ظهر البطل الجديد المفتول العضلات .. ومن يره لأول وهلة يظن أنه سوف يصرع ثلاثة رجال مثل بروسلي .. وحين وقف على بوابة سلم الطائرة .. قال أحد الذين يحضرون الفيلم ( أجا بدري ) فانفجرنا بالضحك والقهقهات على هذا التعليق بالطبع واجه هذا البطل بروسلي .. فصرعه بروسلي بعدة ركلات مثيرة للضحك .. هذا المشهد السابق عاد البارحة إلى ذهني عندما سمعت أن اتحاد كرة القدم السوري يستقبل مدرب المنتخب الجديد في المطار .. والمدرب هو من تونس .. وكعادتي لم أهتم باسمه مثل اهتمامي بالخبر الذي ذكرني بفيلم بروسلي .. فضحكت .. وضحكت .. ولم يوقف ضحكتي إلا صوت فيروز .. دع عنك ذا السيف الذي جردته..عيناك أمضى من مضارب حده .. وبالعودة للحديث السابق .. لماذا اشترينا مدرباً تونسياً ؟ وهل المشكلة في المدربين ؟! وكم عدد اللاعبين الذين فرضوا عليه بالواسطة لدى نزوله من الطائرة ؟وكم يبلغ الثمن الذي يتقاضاه لقاء تدريب منتخبنا الوطني ؟ لنفترض جدلاً أن هناك طالباً غبياً ولا يهتم شخصياً بدراسته .. فما فائدة تغيير المعلم ؟! ما حدث لنا مع استقدام هذا المدرب .. يشبه حادثة حصلت في إحدى القرى .. حيث يقوم أهل القرية بشق طريق ( وتزفيته ) ثم واجهتهم صخرة كبيرة فاجتمع أهالي القرية للتشاور بشأن هذه الصخرة .. فارتأى أحدهم أن يبنوا جسراً فوق الصخرة .. وقال آخر : ما رأيكم أن نحفر نفقاً تحت الصخرة ؟ ثم أدلى ثالث بدلوه أن يتوقفوا عن شق الطريق عند الصخرة !! وكانت جميع آرائهم حمقاء .. وأخيراً جاء دور المختار الذكي الفطين وعرض عليهم أن ينقلوا القرية إلى مكان آخر لا يوجد فيه صخور !! فالمثال التالي ينطبق على شراء مدرب تونسي لتدريب منتخبنا .. مزمار الحي لا يطرب.. وما فائدة أي مدرب إذا كان لاعبو منتخبنا لا يعملون على أنفسهم .. وتشغلهم هموم الحياة وصعوبتها عن التدريب ؟
في كل بلدان العالم يتقاضى اللاعبون رواتب حتى يتفرغوا لكرة القدم فقط ولا يهتم اللاعب إلا بالتدريب واكتساب المهارات .. وعندما يكلف أحدهم بتدريب المنتخب فإنه يقوم بحضور المباريات الدورية للتعرف على اللاعبين على أرض الواقع ليختار منهم النخبة .. ولهذا كيف سيختار مدربنا الجديد لاعبيه إن كان لايعرف أحداً منهم ؟! ولم ير مباراة واحدة من دوري أنديتنا ؟! إلا إذا كان اتحاد كرة القدم قد اختار لاعبي المنتخب حسب اعتباراتنا المحلية ! ترى ما هي أجرة هذا المدرب ؟! ولو وزعنا الأموال التي سيتقاضاها على لاعبينا ألا يكون هذا أفضل ؟! ربما على الأقل سوف نعطيهم حافزاً يجعلهم يطورون قدراتهم بشكل شخصي وفردي ..
كل أسس التدريب في كرة القدم هي ذاتها .. لا تتغير من بلد لآخر .. إذاً لماذا يتفوق منتخب على آخر ؟! هناك أسباب عديدة قبل وجود مدرب ماهر أو رديء .. ومن هذه الأسباب الراحة المادية والنفسية لكل لاعب .. ثم التدريب الفردي المتواصل قبل التدريب الجماعي .. وكذلك اختيار اللاعبين المهرة الرشيقين الفنانين الأقوياء .. وكذلك عدم دخول الواسطة في ذلك ..
أنا برأيي لو ننقل منتخبنا إلى البرازيل ليتدرب هناك فربما كان ذلك أفضل ..
عدم المؤاخذة !
د.نصر مشعل