في السادس من تشرين يتعالى مجد الوطن وتعود للذاكرة صور الملاحم والبطولات التي أصبحت منارة تهتدي بها الأجيال معلنة للعالم أن الحق سيعود لأصحابه مهما طال الزمن وأن المقاومة والصمود كفيلان في دحر المعتدي وإجلائه عن ارض الوطن .
في السادس من تشرين ارتفعت بيارق النصر وسجل التاريخ ملاحم البطولة بتضحيات الرجال الميامين الذين دافعوا عن الأرض والسيادة والكرامة وخاضوا معركة الشرف ضد العدو الإسرائيلي بعزيمة وثبات معبرين عن تجذرهم بالأرض في وحدة وطنية رائعة متوجين نصرهم بصنع ميلاد ونصر جديد بعد أن قدم جيشنا القدوة والمثل.
حرب تشرين التحريرية التي خطط لها وقادها القائد المؤسس حافظ الأسد صفحة ناصعة في تاريخ شعبنا ووثيقة شرف كتبت بدماء الشهداء الذين قدموا حياتهم عربون محبة ووفاء للأرض والشعب .
حرب تشرين التحريرية التي نحتفل هذا العام بذكراها السابعة والأربعين كانت حلقة في سلسلة متواصلة من نضال شعبنا للحفاظ على حريته واستقلاله واستعادة أراضيه المحتلة وأكدت أن الانتصار على المحتل لا بد أن يستعد له سياسياً وعسكرياً واقتصادياً ومعنوياً حيث توجت هذه الحرب بانتصار سورية على العدو الإسرائيلي، واستعادة قسم كبير من الأراضي العربية المحتلة، و قضت هذه الحرب على مقولة الجيش الإسرائيلي الذي ادعى انه لا يقهر وأثبتت قدرة مقاتلنا على خوض الحروب الحديثة بما تتطلبه من إتقان للأسلحة المتطورة وعلم الحرب الحديث.
هذه الذكرى تبعث فينا الإيمان بجدوى الكفاح ضد قوى البغي والاحتلال ننهل منها الدروس والعبر التي تعيننا على الخلاص من أعداء وطننا الذين يتكالبون عليه .
إن انتصارات تشرين التي صنعتها تضحيات وبطولات حماة الديار وقدموا الغالي والنفيس في سبيل عزة وكرامة الوطن ستظل يوما مشرفا في تاريخ سورية ونبراسا يضيء في وجدان كل السوريين وملهما للحرية والكرامة.
الذكرى هذا العام مختلفة بعد أن استمدت بريقاً جديداً أضافته إليه دماء الشهداء الزكية التي روت أرض الوطن في مواجهة المجموعات الإرهابية المسلحة.
تحل الذكرى الـ 47 لحرب تشرين التحريرية وسورية تخوض معركة تشرينية أخرى بتصديها للعدوان الأعنف والأشد همجية عليها في سياق تحالف شيطاني بين قوى الاستعمار والرجعية الداعمة للإرهاب و التطرف.
وكما شعرنا بالفخر والاعتزاز والكبرياء عندما حقق جيشنا المغوار الانتصارات في تشرين يراودنا هذا الشعور اليوم ونحن نرى انتصارات جيشنا في كل بقعة من أرضنا ونعلم أن كل شهيد يقدم حياته فداء لسورية سيصنع النصر والنصر القريب جدا .
إن إحياء هذه الذكرى تأخذ أهميتها في تأكيد شعبنا على مواصلة النضال واستعداده الدائم لتقديم المزيد من التضحيات للتصدي للهجمة الإرهابية التي تستهدف دور سورية الوطني والقومي .
المشهد اليوم يبدو مماثلاً فالجيش العربي السوري مسلحاً بدعم شعبي واسع يخوض معارك الدفاع عن الوطن الذي يتعرض لشكل جديد من أشكال العدوان الساعي لتدميره بتخطيط غربي إسرائيلي وأياد خليجية تكفيرية تحاول تفتيته وتخريب مؤسساته وبنيته التحتية للنيل من مواقفه الوطنية والقومية.
فمنذ 47 عاما والجيش العربي السوري يسطر مآثر العنفوان والفخار في الذود عن حياض سورية الأم التي لم تنفك تنجب الأبطال لمواجهة كل من تسول له نفسه المساس بأمنها مسجلا وقفة تاريخية مشرفة يستمد من خلالها السوريون قوتهم وثقتهم بالانتصار بوجود جيشهم الباسل الذي يرونه خير من يبعث التفاؤل باستمرار الحياة رغما عن الذين يحاولون استلابها بالعنف والقتل.
جيشنا البطل الذي حقق الانتصار في تشرين التحرير ويلحق الهزيمة اليوم بقوى الشر والعدوان هو الأكثر عطاء لأنه يضحي بأغلى ما يملكه الإنسان وهي الروح والحياة في سبيل حماية الوطن والدفاع عنه من أعداء الخارج و الداخل , يبذل الدماء الذكية ليبقى الوطن مستقراً والمواطن عزيزاً كريماً حراً , فكما لبي نداء وطنه المقدس في الدفاع عن التراب والحدود , ها هو اليوم يدافع بشرف وكبرياء لاستتباب الأمن وإرساء الاستقرار من خلال القضاء على المجموعات الإرهابية المسلحة التي تحاول العبث بأمن الوطن والمواطن.
سورية ومنذ أكثر من عشر سنوات تواجه حربا كونية في ظل طغيان سياسة التضليل الإعلامي لوسائل إعلامية تستخدم أحدث الأساليب لتزييف الواقع وتشويه صورة سورية كدولة ومجتمع من أجل تحقيق أجندة سياسية ترتبط بمصالح الغرب الاستعماري في المنطقة..
إن معالم السيادة والكرامة التي دافع عنها جيشنا في حرب تشرين تتبلور اليوم في أبهى صورها عبر صمود سورية ووفاء شعبها وبسالة جيشها العقائدي في ظل ما تعيشه من حرب منذ حوالي العشر سنوات وإن كل ما تعرضت له من مؤامرات وضغوط عبر عقود يمثل انتقاما عمليا وميدانيا من هذا الوطن الأبي الشامخ.
إن سورية التي بذل الشهداء الأبطال أرواحهم ودماءهم رخيصة من أجلها ستعود أكثر تماسكا وأقوى محبة وأجمل مستقبلا وان الوطن الذي يبذل أفراده أرواحهم في سبيله هو الوطن العزيز والغالي والشامخ والخالد.
ستبقى ذكرى حرب تشرين هي الأغلى وسيظل الوطن في العيون والقلوب فليس أغلى من الوطن ولا أثمن من الكرامة .
إن النصر الذي تحقق بتشرين سوف يتحقق بتشرين آخر اليوم بتلاحم وقوة وعزيمة بواسل جيشنا البطل فمن استطاع أن يثبت للعالم قوته وعزيمته سيثبت اليوم لكل قوى التآمر والطغيان إن جيشا قائده السيد الرئيس بشار الأسد سيقود وطنه إلى طريق العزة والفخار والشعب السوري أقوى من كل المؤامرات وعصي على الشدائد، وكما انتصرنا في تشرين نصرنا قادم شاء من شاء وأبى من أبى.
بهذه المناسبة نوجه التحيّة لشهداء حرب تشرين التحريرية، و لجيشنا الباسل ولشهدائه أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر الذين قدّموا ويقدّمون أرواحهم فداء لسورية الأبية، وتحية لشعبنا العظيم الذي وقف إلى جانب جيشه الباسل , وستبقى لحمة الجيش والشعب السياج المنيع والحصن الحصين الذي يحمي الوطن الغالي، ويمنحه القوّة والصمود في وجه التحديات والمؤامرات .
محمد قربيش