تحية الصباح … متحف حمص للفن التشكيلي ..!!

كنت في زيارته الأولى، قبل ثلاثين سنة ، كنا التقينا في نقابة الفنون الجميلة بحمص ، كما كان اسمها  قبل أن يصبح ” فرع  اتحاد  الفنانين التشكيليين ” ثمة مرسم مزدحم باللوحات وعلب الألوان والقماش والورق المقوى وإطارات الصور ، وأكثر من طاولة للرسم، وكان  المرسم يشغل شقة صغيرة في الطابق الأرضي من بناية كبيرة في حي الحميدية، بالقرب من تقاطع شارع الأظن مع شارع الحميدية  إلى الجنوب قليلا ً .

بسام جبيلي الذي لوح لنا مودعا ً قبل أيام ، تلويحته الأخيرة ، تاركا ً لوحاته النابضة بالحب والدفء ذكرى جميلة ، لمبدع جميل ، أفنى عمره بين الألوان والمعارض.. يرسم ويكتب عن الفن التشكيلي أحيانا ً، كنت أقول له ، بناء على طلب والدته التي رحلت قبله بأعوام، وكان يقيم معها: ” بسام .. لماذا لاتتزوج … الزوجة نعمة كبرى…!!”

 وكان يرد بأنه  تزوج الفن وكنت أقول له إن اللوحات  ليس فيها دفء وحنان ولاتتحرك .. ولايمكن أن تحضر لك الطعام ولاتتلهف لعودتك من العمل لتجلس معها على المائدة ..!! ولكنه اختار  ألا يتزوج وكان يرد بأن اللوحة كائن حي  يثير فينا الحب والأمل والمشاعر وأنها تقول الكثير !!.

 رحيل الفنان بسام جبيلي يجعلني أعود للمطالبة بإحداث ” متحف الفن التشكيلي في حمص ”  الذي يوثق ويضم أعمال فناني  حمص الذين يشكلون عشرين بالمئة من فناني القطر العربي السوري .. وهذا المتحف سيكون معلما ً ثقافيا ً وسياحيا ً في المدينة ، ويمكن  أن يحوي كتيبات ودراسات عن الفنانين بحمص إضافة إلى بعض لوحاتهم ، مثل  هذا الكلام كتبته منذ سنوات عديدة، وقرأه وتحمس للفكرة محافظ  حمص في وقتها ، ولكن المؤامرة التي عصفت ببلدنا أجلت الحديث عن هذا المتحف وعن مشاريع كثيرة فنية وثقافية وعمرانية .

في الصين ، التي زرتها بمهمة رسمية ، قبل تسع سنوات ، في كل مدينة متحف للفن التشكيلي لفناني المدينة، وهو في مقدمة الأماكن التي يزورها الزائر أو السائح، فالفن صورة الوطن والناس واللوحة تحكي الكثير .. الكثير ، وتثير المشاعر  والذكريات بطريقة راقية باذخة من خلال ألوانها وتفاصيلها .

 يرحلون واحدا ً واحدا ً .. لقد فقدت حمص أهم فنانيها التشكيليين  خلال السنوات القليلة الماضية .. فيصل العجمي ورشيد شما وهاهو بسام جبيلي يرحل تاركا ً لنا عبق اللوحة ودفء اللون .. لوحاتهم جزء من تاريخنا الثقافي الفني .. انظروا كم من الكلام تثيره لوحة ” الزهور” لفيصل العجمي ولوحة “الربيع” لرشيد شما  ” و بنات من حمص” لبسام جبيلي..!!.

“متحف الفن التشكيلي بحمص ” .. هل يرى  النور قريبا ً ؟!!.

عيسى إسماعيل

المزيد...
آخر الأخبار