حدثنا عيسى بن هشام ،عن بعض أطباء هذه الأيام قال :لايدرون أن الحال لم يبق شيئاً للغلابة ولم يذر …رفعوا سعر المعاينة إلى الآلاف وتضاعفت في المشافي الأكلاف …فكيف يدفع الفقير الألوف للطبيب الملهوف ،الذي يتصنع الرأفة بالعباد فيقول لك بعد العملية إنّ المبلغ مليون وزاد, ثم يقول بنعومة ما فوق المليون خدمة ،فقد كنت دائماً صاحب شفقة , اسألوا عني العباد في طول وعرض البلاد يأتيني الناس من كل حدب وصوب، وذات مرّة جاؤوا من بلاد العرب ،من ساقية الذهب التي في أقصى المغرب العربي ،فأقسمت عليهم بأمي وأبي ،أن لا آخذ ليرةً وكان قسمي صادقاً وكان كبيرهم حاذقاً ،فأعطاني بدل الليرة الدولار وقال جئناك تحملنا الأخطار ،لما سمعنا عنك من شهرة واقتداء وتابع ابن هشام :
“مسكين من يؤلمه شيء في جسمه ،فلا يعرف يومه من أمسه ،يبيع ما بقي فوقه وتحته ويأتي به للطبيب يقول كلّ شيء بعته من أجلك ،فيضحك ،وله فيما يطلب أسبابه .
لكن الشكوى لغير الله تعالى مذلة ،فله في نقابته ومديريته من يدافع عنه ،فبدل أن يكون الحق معك يصير ضدك ،فيصفعك ويردعك .
أما الدواء فحدث ولا حرج ،والصيادلة لديهم الحجج فسع الصرف لا يرأف بالمصائر .وإذا قلت لأحدهم الدواء عند غيرك سعره أقل بكثير ،يتحول إلى زير ،فيجيبك: اذهب واشتك ,لا تشتري الدواء واصبر على الداء ،عندي شغل كثير لا تجادلني أيها الفقير ، “قبل أن أنهي المقامة ،جاءت عاتبة تلقي الملامة .
قالت :لم تبق لنا صاحب ,فكيف يكون هذا الكلام وبعض الأطباء من خير الأنام ونحن بأمس الحاجة فكيف يكون هذا ….ولماذا ؟!!!قلت :سأكتب الأوراق ،وأدعو الله مقسّم الأرزاق أن ينتقم من كل الأشرار والتجار الفجّار .فالويل لمن لا يعرف الرحمة ,وتابع ابن هشام :
“كلامي لا يمس العاقل ،لكنه صرخة بوجه المستغل والجاهل ،أدعو بالخير للناس الأغنياء الذين يرأفون بالفقراء .
عيسى اسماعيل