كنا صغاراً.. ننتقل من مرحلة عمرية إلى مرحلة أخرى أكثر نضجاً وأوفر تجربة وعمقاً في الحياة ..
كانت أحلامنا تسابق الريح فرحاً ، نحلم بدخول الحياة العملية بعد الانتهاء من الدراسة وكأننا نرسم لوحة سعادة أبدية ..
كنا نجهل أن الطريق صعب جداً وعندما وصلنا وجدناه كلعبة ” المتاهة ” التي نلعبها الآن على سبيل التسلية.. نسير ونسير .. نتجاهل تعليقات الأكبر سناً منا : إلى أين تمضي ؟.. إلى أين تريد الوصول ؟.. وكنا نهرب من السؤال حتى لا نشعر باليأس يعشعش في داخلنا.. نهرب من السؤال إلى عالم الحلم وكأن أيدينا ستقطف النجوم في المستقبل ونحلم بالمزيد نتقلب بضوء الأمل المشرق ، نريد أن نترك بقية طيب أو عطر قبل أن نغيب..
ولكن حين وصلنا إلى مرحلة العمل والنضوج اكتشفنا أن الطريق زلق.. لزج فصفعتنا الخيبة ، إذ لا شمس فيه ولا دفء بل أخذنا نتقلب في أهواء الكون وبرده وعواصفه بما حملناه من خبرة بالحياة ، نشق عباب الحياة الصعبة.. لتذبل أحلامنا مثل أعشاب الأرض التي انتظرت مطر أيلول ثم تشرين ولم يأت بعد، فالخيبة قاسية والصدمة موجعة جعلتنا ننكب على واقعنا ، نحاول البحث عن مخرج ننزوي في ركن قصي في هذا العالم الهادر بالشرور والآثام ، ليتولد من السؤال ألف سؤال تنتصب كمارد جبار ، نحزن على شبابنا ، ، ولكن نعود لنسأل ، لماذا لا نجرب من جديد ؟؟!!
لماذا لا نتوقف عن الاستسلام ونعاود إحياء أحلام أسعدتنا يوماً، فنصنع في حياتنا شيئاً ثميناً حتى ولو كان صغيراً.. يكون عميقاً ، عمق البحر .. لنمحو تاريخ هموم طويلة وانهيارات أحلام وتجارب ، لأننا لا نحب الرحيل قبل أن نحقق شيئاً ذا جدوى ، ندخلها بقوة حب الحياة ، فهل سيستجيب لنا القدر؟؟
عفاف حلاس