الفساد والروتين يجعلنا ننظر أمامنا أكثر قبل أن نخطو خطوة واحدة باتجاه انجاز معاملاتنا الضرورية ننتقل من مديرية إلى مديرية أخرى ،من صالة إلى مجمع ما للحصول على سلعة لنصطدم ببعض الأشخاص الذين يعرقلون وصولنا إلى ما نريد ، وكأننا نعيش سباقاً مع الزمن ينعكس على سلوكنا وأدائنا….
نحاول التسوق لتأمين حاجاتنا اليومية وسط غلاء فاحش فنستسلم لتجار لا يرحمون يلبسون أنفسهم أثواباً ملفقة استغلالاً للمتطلبات الأسرية التي تغيرت واضمحلت وتقزّمت بسبب ظروف الحال وقلة الحيلة ،فإذا ما حاولت الاعتراض على السعر يرد عليك البائع بقوله “هذا الموجود ” هذه الردود تشبه السهام المسمومة إذ لا تمت إلى التهذيب بصلة ، ويجعل المواطن يعيد حساباته ألف مرة ويكرر ترتيب نقوده وعدّها بحيث يستطيع الموازنة بينها وبين حاجاته المختلفة …
لنصل إلى هاجس آخر إذ نخاف اليوم قدوم فصل الشتاء الذي بات يرفرف بجناحيه ينذرنا البعض من المتنبئين الجويين ببرد قارس وليس لدينا القدرة على نصب شباكنا حوله لنخرج منه سالمين بأقل الخسائر الممكنة بسبب صعوبة الحصول على حصتنا كاملة من المازوت المدعوم لنقع فريسة تحت رحمة السوق السوداء وارتفاع سعر المازوت فيه مما يتطلب أعباء كبيرة استنفذت كل طاقاتنا ….
في ظل هذا وذاك بتنا نحتاج إلى ابتسامة صادقة لا تشوبها مصلحة ، نحتاج إلى كلمة “مرحبا “نابعة من القلب ،إلى “كيفك”حقيقية حركة شفاه .. نحتاج إلى أناس موضوعيين لا يسعون إلى تشويه صور الآخرين في عيوننا لمجرد تحليلات سطحية عشوائية ينثرون انتقاداتهم لتصب عندنا أسفاً لمسار أولئك ذوي الفهم المعوج ،لمجرد كلمة خرجت دون قصد أو تصرف عفوي لا يحتمل كل هذا التأويل الخاطئ …
هي محنة محدقة بنا تحول بيننا وبين نفحة التفاؤل الذي ينذرنا بتفكير صفونا وتنغيص عيشنا ويحرمنا من الإقبال على الحياة بمجامع القلب والحواس سلاحنا الأمضى في إتقان رسالة البناء قبل أن نتقن صناعة الهدم ….
عفاف حلاس