بعد رفع أسعار المازوت الصناعي والبنزين … الأسعار في أسواق المدينة حلقت والجيوب احترقت .. تغير السعر وارتفاعه بين ساعة وأخرى أمر محير… تنظيم 177 ضبطاً تموينياً وسحب 59 عينة من الأسواق …
ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وصعوبة تأمين مستلزمات الحياة، هو كل ما يتحدث عنه المواطن هذه الأيام سواء مع غيره من المواطنين أو من خلال الكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي.
والأمر الذي زاد الوضع سوءا هو ارتفاع سعر المازوت الصناعي والبنزين والذي جعل أسعار المواد الأساسية تصل إلى حدود خيالية تفوق القدرة الشرائية للغالبية العظمى من المواطنين .
والمضحك المبكي أن هذا المواطن ينام على نشرة أسعار ويصبح على أسعار جديدة لجميع المواد، لا بل إنه في بعض الأحيان ترتفع الأسعار بين الصباح والمساء من اليوم ذاته إلى درجة أن الناس وصفت ما يحدث في الأسواق أنه أمر كارثي.
كلفة أصناف بسيطة من الطعام باتت تبلغ أرقاما كبيرة قياساً بمدخول معظم المواطنين ، كل المواد الأساسية اللازمة للعيش اليومي كالخضار والفواكه اللحوم والبيض والزيوت والحبوب تضاعفت أسعارها خلال الفترة القصيرة الماضية.
وتخلّى الكثيرون خلال الأسابيع الأخيرة عن مجموعة واسعة من المواد التي كانوا يشترونها حتى فترة قريبة وأعادوا جدولة مشترياتهم اليومية وتقليص تلك المشتريات إلى الحدود الدنيا واقتصرت على ذات الضرورة القصوى.
يسعى أبو سهيل 55 عاماً، إلى تأمين الأساسيات ، وقد تخلى كما نوه عن (الكماليات بشكل نهائي) ، و يقول: طلب مني ابني في أحد الأيام سندويشة شاورما، يبلغ سعرها 2000 ليرة ، بقيت أتغاضى عن الأمر، وأتحايل عليه بأشياء أخرى حتى ينسى.منوها أنه يعمل في أعمال البناء ، ويتقاضى أجراً يومياً يتراوح مابين 2000 و 4000 ليرة بأحسن الأحوال.
وحالة أبو نعيم 60 عاما ” مزارع ” ليست أفضل حيث يحاول مع عائلته أن يتأقلم مع الوضع الاقتصادي الصعب من خلال تغيير نمط المعيشة.. يقول : نحاول الاعتماد على الخضار والبقوليات التي تنتجها أرضنا، وتخزينها للعام القادم، مثل الحمص والعدس والفول، بينما الفواكه واللحوم أصبح شراؤها صعباً جداً خاصة وأن كيلو اللحوم الحمراء يتجاوز14 ألف ليرة، وأصبحت أي طبخة تكلف 6 آلاف ليرة، وصحن الفتوش لعائلة مؤلفة من 4 أشخاص يكلف 3800 ليرة ، فماذا عن باقي المواد الغذائية…
تقول أم مفيد : من الأمور التي اتبعتها الكثير من الأسر لضبط نفقاتها ، تخفيض جودة الكثير من المستلزمات الغذائية، والنزول بها إلى الأصناف الأقل سعراً ولو كانت الجودة متدنية، وبخاصة القهوة والشاي والمتة، فسعر أوقية القهوة 1800 ليرة وعلبة المتة 2500 ليرة ، وسعر 250 غ من الشاي 3500 ليرة ، واستبدال السمنة ” التي يبلغ سعر الكيلو النباتي منها 3900 ليرة بمادة الزيت” زيت الصويا بدلاً من عباد الشمس أيضا والذي يبلغ سعر الليتر منه 3575 ليرة …
وأضافت أم حسام : هناك بعض الأسر التي تراجعت حالتها الاقتصادية بشكل كبير، وباتت معظم تلك العائلات تعتمد أسلوب الشراء بـ “الفرط”، أي شراء المستلزمات تبعاً للحاجة اليومية فقط، ليستطيعوا ضبط النفقات قدر الإمكان، ، من مبدأ الشراء بالقيمة السابقة ذاتها للمواد ولو بكميات أقل، ويطبق هذا المبدأ على المنظفات، والمحارم، وأية مستلزمات يومية أخرى يمكن شراؤها بهذا الأسلوب، إذ توجه الكثير من الباعة أيضاً للبيع بهذه الطريقة لتحسين حركة البيع في ظل الركود، وأصبحت بعض الأسر تعتمد على الاشتراك مع بعضها في شراء السلع الغذائية الرئيسية من سوق الجملة للحصول على أسعار أرخص وعروض متعددة، وبعدها تقسيم المشتريات فيما بينها.
وأشارت إلى أنه من أساليب التأقلم مع الواقع الصعب أيضا الاستعانة بملابس مستعملة سواء من الأخوة أو الأقارب، ومن يمكنه الشراء بميزانية بسيطة يتوجه للأسواق الشعبية والبسطات التي باتت ملاذاً هاماً بهذه الأوقات كونها تبيع تقريباً بسعر أقرب إلى الجملة ..
تحاول عفراء 45 عاما تقنين مصاريف عائلتها المكونة من ستة أفراد حيث قالت : اضطررت للاستغناء عن كثير من المصاريف، مثل الفواكه واللحوم والدجاج، وأيضاً التوجه لشراء البالة بدل الملابس الجديدة، حتى الشاي والقهوة صارت من المواد المقننة في المنزل بسبب غلاء الأسعار.ولكن أن يصل الموضوع إلى رغيف الخبز فهذا لا يحتمل ، خاصة مع بقاء وزن الربطة كما هو ، مع ارتفاع سعرها وتدني صناعة الرغيف ، فإلى متى سيبقى المواطن حقل تجارب ..
وأشار معتز إلى أن سوء الأوضاع لم يقتصر على غلاء أسعار المواد الغذائية فقط بل امتد إلى القطاع الصحي أيضا حيث ارتفعت أجور فحوصات الأطباء للمرضى في العيادات الخاصة ، إذ كانت 1500- 2000 ليرة والمراجعة مجاناً، أما اليوم فأصبحت 3000 وما فوق ، والمراجعة أصبحت نصف تسعيرة المعاينة ، وأضاف : بالنسبة لي كعامل يتقاضى أجراً يومياً يقدر بـ3000 ليرة ، يجب أن أعمل لعدة أيام حتى أتمكن من زيارة عيادة أحد الأطباء وشراء الدواء بعدها .. وبرأيه أنه لم تعد زيارة الأطباء ضمن استطاعة كثير من الأسر، وبخاصة في فصل الشتاء الذي تكثر فيه الأمراض، مما سيجعل المراكز الصحية والمشافي العامة مقصد الكثيرين.
تقول أم رضا : الأسبوع الماضي اشتريت نصف كيلو السكر بـ 550 ليرة، وفي مساء اليوم ذاته اشتريت نصف كيلو آخر من نفس المحل بـ 650 ليرة، والسبب بحسب البائع ارتفاع سعر الصرف .. .
ضبوط وسحب عينات
رئيس شعبة حماية المستهلك في مديرية التجارة الداخلية المهندس بسام مشعل أكد أن جولات عناصر المديرية مستمرة على جميع المحال والفعاليات التجارية للتأكد من عدم قيام أصحاب المحال برفع الأسعار خاصة خلال الأيام الماضية والتي ارتفعت بشكل كبير ، وأضاف : نحن جاهزون لاستقبال أي شكوى من المواطنين والتحرك للتأكد من المخالفة على مدار اليوم ، علما أنه تم سحب 59 عينة خلال النصف الثاني من الشهر الماضي منها 7 عينات مخالفة و14 مطابقة و38 عينة قيد التحليل.. أما الضبوط المنظمة وفق قانون حماية المستهلك رقم 14 لعام 2015 فبلغت 177 ضبطا وعدد الضبوط التي تمت التسوية عليها وفق المادة /23/من القانون 139 ضبطا ،مشيراً إلى أن عدد الشكاوى الواردة إلى المديرية بلغ 47 و تمت معالجة 27 شكوى منها .
بقي أن نقول :
في ظل الواقع المعيشي الصعب الذي يعيشه المواطن من الضروري فرض عقوبات رادعة وقاسية بحق التجار الذين يتلاعبون بالأسعار، بحيث تكون العقوبة المفروضة عليهم عند التلاعب بالأسعار السجن بدلاً من فرض غرامة مالية، خاصة مع وجود بعض ضعاف النفوس الذين يحاولون ملء جيوبهم على حساب لقمة المواطن..
بشرى عنقة