يرى المترجم و الأديب “حسين سنبلي” في محاضرته المعنونة بـ “صناعة الترجمة” التي قدمها مؤخراً في فرع حمص لاتحاد الكتاب العرب،أن التَّرجمة من أشدّ مستلزمات الأمم ومتطلباتها للنهوض والتطور, فالمجتمع لا يتقدَّم ما لم تضرب أمواجَ حياته رياحُ الأفكار القوية، فكلَّما كان الفكر في أمةٍ أبعد مدى وأوسع دائرة، كانت آمالها أبعد، وطموحاتها أسمى، والتَّرجمة من أفضل الوسائل وأمثل الطرق لتنوير العقول، وتوسيع نطاق المعرفة.
معايير الترجمة الناجحة
طالب الكاتب بضرورة إتقان الترجمة وممارستها, فالتَّرجمة الصَّحيحة عبءٌ ثقيلٌ مضنٍ يتطلب كثيراً من الجهد ، فهي من ناحية تتطلَّب من المترجم علماً غزيراً، وإنكاراً شديداً للذَّات، يستعذب معه أن يكون أسيراً للمؤلِّف الَّذي ينقله، وقليلٌ من النَّاس من يصبر على مثل هذا العناء.
ومن ناحية أخرى تقتضي من النَّاشر، وبخاصة في بلداننا العربيَّة، أن يوطِّن نفسه على الخسارة الماديَّة فإذا استطاع أن يخرج من الأمر كفافاً، لا له ولا عليه، فحسبه ذلك.
والقاموس أعظم عتادٍ في حرفة المترجم، وأكبر عُدَّةٍ خطراً عليه في آن؛ فقد لا تحمل الكلمات في النَّص الأجنبيّ المعنى الوارد في القاموس، وإنَّما تستمدُّ معناها من النَّص ومن واجب المترجم في صنعته أن يجاهد في سبيل إظهار سجايا المؤلِّف وخصاله كما تتجلَّى في كتابه، وإخفاء سجايا المترجم وخصاله تماماً إن أمكنه ذلك، ولعلَّ هذا أكبر صعوبةٍ في الترجمة، إذ ليس من السهل أن يتخلى مترجم عن خصاله وسجاياه.
الترجمة الحرفية بلاء
ويؤكد الباحث في محاضرته أن بعض المترجمين يجدون الأمانة في الترجمة بأن ننقل الألفاظ بحرفيتها، وهذه الترجمة الحرفية هي البلاء الأعظم في هذا المجال، وليس ذلك بالقليل وخصوصاً في ترجمة الأدب، بل على العكس؛ فالترجمات الحرفية كثيرة الانتشار في هذا العصر.
وتكون الترجمة غير مرغوبة عندما يختلف الذوق في اللُّغتين, ومن واجب المترجم أيضاً أن يكون أميناً في نقله, ولا يجوز له في العموم الحذف أو الزيادة في النص فالترجمة على ما فيها من الاختصار والتصرف يجب أن تظل محافظةً على الروح الأصلية للنصّ، وعلى ما جاء في الأصل من المعاني.
وختم بالقول :صناعة التَّرجمة خليطٌ من الفنّ والعلمِ, إلَّا أنّني أراها فنّاً جميلاً وحرفةً راقيةً لها نظريات تُقدِّم، تتطلَّب المهارة والصَّبر، ولها عدَّة وعتاد، فإن أوتي المترجم ذلك نجح في عمله مثل باقي أصحاب الصناعة، برغم أنها لا تدرُّ على أصحابها المال الوفير.
متابعة :ميمونة العلي