نبض الشارع… سعر زيت الزيتون يحلق …

للأشجار المثمرة وقع خاص في النفوس ، صورها ، صدى حفيفها  في الحقول تروي حكايات أحلام المجتمع القروي الذي يعيش من خيراتها ويبيع منتوجاتها فترفع من مستوى معيشتهم إذا كانت تعيل أسرا ً كبيرة بعدّها وعتيدها ..

 وأشجار الزيتون  تحتل مركز الريادة بين الأشجار المثمرة فلشهر تشرين طقوسه  الجميلة إذ تنبض الأرض بالحياة وأصوات الفلاحين الذين هم على موعد مع القطاف يشعل فيهم سعير  حب الأرض في مواسم الخير لتشكل  شجرة الزيتون تراث القرية وعنوان حياتها ، تجلو كآبة الزمن عن الشجر العتيق  فالشجرة وثيقة تسجل همومهم واهتماماتهم وأحاديثهم اليومية وفي نهاية القطاف  يصنع المزارعون الحلوى المحلية تبركا ً وسعادة بانتهاء موسم وفير ..

 لكن اليوم للشجرة مشكلاتها  بتنا نشهد  جفاف عودها وغياب أثرها ، إذ تهاوت  في أتون بركان غلاء أسعار الأسمدة وأجرة اليد العاملة التي كانت تحرثها وتصونها وترشها بالمبيدات الحشرية وتقلمها لتأكلها الأعشاب الضارة وتأتي  الحرائق عليها  فتقضي على حقول بأكملها ، والبعض الآخر من المقتدرين ماديا ً قد يفرطون في استخدام الأسمدة الآزوتية  أو في سقاية الأرض وذلك يسهل دخول المرض إلى قلب الشجرة ، كذلك لانتشار الرعي الجائر بين الأشجار بعد جني المحصول دوره إضافة إلى عدم تعقيم أدوات التقليم  عند تقليم الأشجار لتضيع الثمار منهم بين ركام الأشجار المريضة مما يضطرهم لقطع الشجرة  كما قطع  غيرها من أشجار الكروم وترقد بخنوع في مدافىء الحطب …

 كل ذلك أثّر سلبا ً على سعر صفيحة زيت الزيتون ورفعه بفاتورة فضائية باهظة  نتيجة  قلة الإنتاج ، وقد يلجأ البعض من المزارعين إلى بيع  أراضيهم نتيجة ضعف القدرة المادية والتي كنا نشم من خلالها رائحة الفلاح المعطرة بعبق البلوط والسنديان والزعتر البرّي والهندباء وأعشاب أخرى ضرورية لغذاء الإنسان والتي كانت تغطي أراضي الخلاء الشاسعة والتي توارثها الأبناء عن الأجداد ..

 غاب أثر بعض الأشجار وخلا المكان  لكن ذكراها ستظل عالقة في وجدان زارعها، إذ مهما حصل لن يستطيع أحد أن يسلبها بريق صورتها القديمة مع ماتحمله من ذكريات ورموز .

 عفاف حلاس

المزيد...
آخر الأخبار