هذا الشهر , كان شهر الأحزان , كأنما أراد هذا العام أن يفجعنا بأصدقاء أعزاء , كنا قبل أيام من رحيلهم , نلقاهم ونتبادل الأحاديث معهم , ولكن الموت غيبهم فجأة .. يمرض الواحد عدة أيام ثم نقرأ خبر نعيه على الفيس بوك … أيها الفيس بوك .. رفقاً أليس لديك سوى نعي الأصدقاء والأخبار المحزنة ؟!!
كان يحدثني عن رابطة الخريجين الجامعيين , وهو أمين سرها , منذ سنوات عديدة , وعن عمله في نقابة المهندسين بصفته استشارياً وعن سنواته في رئاسة مجلس مدينة حمص في أواخر القرن الماضي المرحوم المهندس محمد بسام النجار , يشهد له اهتمامه بالأحياء الشعبية ويوم قرر تنفيذ شارع الأهرام عارضه كثيرون تحت حجة ” ما حاجة هذه الأحياء المتطرفة عن مركز المدينة إلى أوتستراد باتجاهين ؟! وعمل جاهداً حتى نفذ المشروع الذي أضحى مدخلاً جنوبياً إضافيا لمدينة حمص رحم الله أبا عمر بسام النجار .
ولم نكد نلملم بعض أحزاننا حتى نعي إلينا الصديق عبد السلام شتور , الذي عمل لأكثر من ثلاثين سنة رئيساً للذاتية في فرع حمص لحزب البعث العربي الاشتراكي , وأحد مؤسسي الجمعية التعاونية السكنية . تعرفت عليه قبل سنوات قليلة , لكن الرجل كان مثالا ً للتواضع والود والصداقة بأبهى معانيها .
كنت أشعر بالخجل والتقصير عندما أفاجأ به يتصل ليطمئن علي , وهو الذي يكبرني بثلاثين سنة ..! وأبو سامر شتور ” , شاهد ذو ذاكرة عجيبة عن أحداث حمص وتاريخها السياسي والاجتماعي خلال الخمسين سنة الماضية رحمه الله تعالى .
وقبل أيام قليلة قرأنا نعي الزميل المهندس المربي علي بركات , المهندس الذي عمل مدرساً في الثانوية الصناعية قبل أن يتسلم إدارتها لسنوات طويلة ثم يصبح مديراً مساعداً للشؤون المهنية في تربية حمص والذين عملوا مع أبي أسامة يعرفون كم هو مخلص وجاد في عمله ،وسيما أن مسؤولياته كبرت لأن التعليم المهني اتسع كثيراً في الريف والمدينة رحم الله المهندس علي بركات وأدخله فسيح جناته .
ولعلي أعود إلى رابطة الخريجين فأذكر وفاة المرحوم حسين الحلاق محاسب الرابطة , الهادئ الدقيق في عمله الذي توفي قبل أسبوعين .. رحمه الله .
وأختم هذه الزاوية التي أردتها تعبيراً عن حزني ووفائي لأصدقاء رحلوا خلال الأسابيع الماضية , جمعتني بهم الصداقة والود فأذكر بيتين من الشعر مؤثرين , للشاعر الراحل بدوي الجبل , منقوشين على رخام ضريحه :
سيذكرني بعد الفراق أحبتي
ويبقى من المرء الأحاديث والذكر
ورود الربا بعد الربيع بعيدة
ويدنيك منها في قواريره العطر .
عيسى إسماعيل