عندما تقوم مؤسسة ثقافية علمية بطباعة أثر أدبي لأديب راحل أو لا يزال على قيد الحياة ،فإنما تسهم في تنشيط الحياة الثقافية وتكريم المبدعين .وهذا ما فعلته جامعة البعث بإصدارها المخطوط الشعري “ألوان “الذي تركه الشاعر الراحل ياسين فرجاني (1925-2007).ويذكر أن فرجاني عهد إليه بمنصب محافظ حماة في سنوات الوحدة مع مصر ,مواليد تدمر ودرس في مدارسها وانتسب للكلية العسكرية ووصل لرتبة عقيد… ثم محافظا وبعد الوحدة أحيل على التقاعد .
يضم الديوان الذي صدر بعد رحيل الفرجاني قصائده غير المنشورة في دواوينه السابقة ،ويقسم إلى قسمين :القصائد الذاتية والقصائد الوطنية .
1-القصائد الذاتية
وهي عن موضوعات شخصية ،تأملية في الحياة والشعر والأصدقاء ،ففي قصيدته “العودة إلى يثرب “،يحث الشباب العربي على النهوض وبعث أمجاد الأمة العربية ،ويأمل منهم ذلك ،لأن الجيل الجديد هو نسل الجيل المقاوم الذي حرر البلاد من المستعمر وراح يبني النهضة الحديثة .
يقول :
/يا شباباً صفق المجد لهم
دوحة العز بهم لم تجدب
أرسلوها صرخة صخابة
ملء سمع الدهر في شعب أبي
وحّدوا الرأي وضموا جهدكم
وابعثوا في الكون مجد العرب /
وعن ولعه بالشعر ،هذا الفن العريق ،الأنيق بأوزانه وقوافيه يعلن فرجاني اعتزازه بالشعر العربي الأصيل ويهزأ بمن عبثوا بالقصيدة العربية الأصيلة فهشموا الوزن وأطاحوا بالقافية .
يقول في قصيدته /سفينة الشعر /:
الليل يزحف والأمواج تصطفق
سفينة الشعر ،لا أودى بك الغرق
تبارك الشعر قد زانت قلائده
جيد المفاتن ،مذ غنّت به الورق
من يستخف بأوزان وقافية
إما هجين وإما أمره أبق
2-القصائد الوطنية والقومية
الشاعر ياسين فرجاني شاعر قومي, أنشد للوحدة العربية وللشهداء, وللجيش العربي السوري البطل .
في قصيدته /موكب الشهداء /تمجيد لهؤلاء الذين حموا الوطن بدمهم ورسموا فجر الكرامة والعزة لوطنهم…
فالشهداء في دار الخلود ،أحياء يرزقون .يقول :
بسم الفجر ،فرقت بسمة
في فم النجم كلمح البصر
وتهادت في جلال همسة
عذبة الوقع أتت بالخبر
قال فانظره لقد جاز الحدود
ومشى في إثره أهل السماء
مسرع الخطو إلى دار الخلود
إنه ركب الشهداء /
و”العلم “رمز للوطن وعزته ،خافق في أعالي السماء مجداً وكبرياء على مدى الدهور ،رمزاً لأمجادنا السالفة والحاضرة والآتية .
يقول في قصيدته /العلم /:
فداء كلنا علم البلاد
لأنت الحق في دنيا المعالي
وذكرك متعة في كل نادي
فرفرف في سماء المجد دوماً
وتخفق يا فديتك في فؤادي
وللشاعر فرجاني عدد من الأناشيد الوطنية المسجلة في إذاعة دمشق من ألحان مصطفى هلال وإنشاد المطرب ياسين محمود ،منها نشيد “جيشنا “ونقرأ منه :
/نادت العلياء فلبينا النداء
نزحم الأفق مضاءً وإباء
حسبنا للمجد في يوم الفداء
أننا يا أخت نقضي شهداء /
وله نشيدا سلاح المدرعات /ومنه :
/نصون الحدود ونحمي الوطنْ
منيع الجناب عزيز اللواء
ونكتب فوق جبين الزمن
لمجد العروبة نحن الفداء /
لقد تأثر الشاعر المرحوم ياسين فرجاني بمدرسة الإحياء من حيث التمسك بالنظم العربي للشعر وتعابيره وأوزانه وقوافيه , وتأثر بشعراء عصره بدوي الجبل وأبو ريشة وإيليا أبو ماضي وغيرهم .
شعره شعر السليقة والطبع المهذب والمعنى الواضح كما يقول د.عبد الإله النبهان في تقديمه للديوان .
الكتاب :ألوان –شعر –ياسين فرجاني –جامعة البعث .
عيسى إسماعيل